وفي هذه الدراسة، ركز الباحثون علي عينة من 156 طفلا (99 من الذكور، و57 من الإناث) الذين ولدوا في ألمانيا وماتوا أثناء نومهم، وحدثت الوفاة في الفترة بين بلوغ أسبوعين إلى 51 أسبوعا من العمر ولأسباب لم يتمكن الأطباء من تحديدها بالرغم من التشريح الكامل للجثث ومراجعة التقارير الطبية وظروف الوفاة، وتم أخذ عينة من الحامض النووي من جميع الأطفال أفراد العينة بالإضافة للحامض النووي لـ260 رجلا بالغا ممن تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 30 سنة.
ووجدت الدراسة شيوع تحورات في أنزيم MAOA بين الأطفال الذكور الذين ماتوا بشكل مفاجئ أثناء نومهم، عنه بين الأشخاص الأصحاء وهو الأمر الذي لم يحدث مع الرضع من الإناث، وخلص الباحثون أنه ربما يكون اضطراب جين جذع المخ وراء الموت المفاجئ لبعض الرضع من الذكور.
وأوضح تحليل للحامض النووي لمجموعة صغيرة من الرضع الذين ماتوا بسب متلازمة الموت المفاجئ أثناء النوم، أن كثيرا من الأطفال الذكور كانوا يحملون تحورا إنزيميا معينا قد يكون السبب وراء العطب الذي أصاب قدرتهم على التنفس بشكل سليم، الأمر الذي لم يجده الباحثون مع الموتى من الرضع الإناث.
وأفاد كاتب الدراسة ومدير معهد الطب القانوني بجامعة هانوفر بألمانيا الدكتور ميخائيل كلينتشر أن فريقه حاول أن يبني رؤيته على دراسة سابقة اقترحت وجود اضطرابات في جذع المخ، وهو الجزء المسؤول عن تنظيم عملية التنفس والوظائف الحيوية الأخرى، والتي تؤدي للموت المفاجئ للرضع أثناء النوم.
وقال كلينتشر: “إلا أن سبب هذه الاضطرابات غير واضح ويعتقد بعض العلماء أن السبب يرجع لجينات يرثها الأطفال من آبائهم بالإضافة لعوامل أخرى”.
ووجد الباحث إشارات على أن مخاطر حدوث الوفاة المفاجئة للرضع أثناء النوم ربما تكون أعلى بين الأطفال الذكور الذين لديهم تحور في أنزيم يسمى MAOA والذي يبدو أنه يعوق وظيفة الناقل العصبي الرئيسي.
وعلَّق كلينتشر قائلا: “الأطفال الذين يرثون هذا المتغير ربما يعانون من اضطراب في انتظام التنفس إلا أن المخاطر التي يحدثها هذا المتغير الجيني تكون صغيرة بالمقارنة بعوامل أخرى مسببة للوفاة المفاجئة للرضع مثل وضع النوم أو التعرض لدخان السجائر”.
وأشار كاتب الدراسة إلى أن متلازمة الموت المفاجئ للرضع تمثل أحد أكبر ألغاز طب الأطفال التي فشلت معظم المحاولات للكشف عن السبب المؤدي له.
وصرح كلينتشر: “هذه الدراسة دعمت من فهمنا لميكانيكية الموت المفاجئ للرضع أثناء النوم، إلا أنها لم تؤد إلى علاج هذه المتلازمة، وحتى الآن لم تساعد في الوصول لاختبار معملي يمكننا من تقييم المخاطر التي يواجهها طفل بعينه من الوفاة المفاجئة، إلا أن هذه الدراسة تؤكد وجوب اتباع الإجراءات التي يوصي بها المختصون لتجنب الفقد المفاجئ للرضع مثل استخدام المصاصة (المسكتة) وتجنب نوم الطفل منكباً على وجهه وعدم التدخين أثناء الحمل، كما يجب أن تحذر الأمهات اللاتي سبق وتعرض بعض الرضع في أسرهن للموت المفاجئ، ولكن في معظم الظروف اتباع هذه التعليمات توفر الأمان لطفلك”.
وعلق أستاذ طب الأطفال بجامعة واشنطن الدكتور وارن جينثروث على الدراسة نافياً ثبوت دليل على وجود عامل جيني وراء هذه المتلازمة، وقال: “في رأيي هذا هراء، فأعوام طويلة من البحث لم تثبت أن متلازمة الموت المفاجئ للرضع لها أسباب وراثية فلا جينات وراءها، والصلة الجينية الوحيدة التي تتعلق بها هو أن الرضع الذكور أكثر عرضة للوفاة المفاجئة أثناء النوم من الرضع الإناث، فماذا يمكن للآباء عمله لتجنب هذا الفقد المفاجئ لأطفالهم؟”.
وأضاف: “ربما يكون أهم شيء هو عدم وضع الأطفال على وجوههم أثناء النوم، فهذا يقلل مخاطر الوفاة المفاجئة بنسبة 50%، ثانياً استخدام المصاصة التي لسبب غير مفهوم تقلل من مخاطر وفاة الرضع أثناء النوم كما يجب ألا يبالغ الآباء في تدفئة أطفالهم سواء بالكثير من الملابس أو بوضعهم في غرفة حارة، ويجب تجنب التدخين تماماً في وجود الرضع لأنه يزيد من مخاطر الوفاة المفاجئة للرضع بشكل كبير”.