في خطوة لتعزيز التعاون الاقتصادي الإماراتي-الصيني في القطاعات التجارية والإنتاجية غير النفطية، استضافت «جامعة حمدان بن محمد الذكية» أمس طاولة مستديرة حول «مبادرة الحزام والطريق والاستراتيجية التنفيذية للتمويل الإسلامي». وشكّل الحدث الذي يقام بدعم من مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي فرصة للاستفادة من التجربة الريادية لدولة الإمارات على خريطة التمويل الإسلامي في دعم أهداف المبادرة الصينية الطموحة للربط بين أكثر من 60 بلداً تجارياً واقتصادياً. وجاء الاجتماع بمثابة ثمرة التعاون المشترك بين كل من «مركز دبي للصيرفة والتمويل الإسلامي» في «جامعة حمدان بن محمد الذكية» و«اللجنة الوطنية للتطوير والتنمية في الصين» (NDRC) إلى جانب «نادي التمويل الإسلامي الصيني» ومؤسّسة «زيشانج إنتركلتشر كوميونيكيشن».
شكلت الطاولة المستديرة، التي حملت شعار «الصكوك والتنمية الاقتصادية: الفرص والتحديات»، منصة دولية لاستكشاف آفاق التعاون الثنائي في مجالات التجارة والتعليم والبحث العلمي وإنتاج ونشر وإثراء المعرفة في الإمارات والصين في إطار مبادرة «الحزام والطريق»، فضلاً عن مناقشة التحديات والفرص المتاحة لتعزيز أدوات التمويل الإسلامي في الصين، مع التركيز على الصكوك الإسلامية. وتخلل المناقشات استشراف اتجاهات جديدة للشركات الصينية بالتزامن مع تحول دبي إلى أكبر مركز للصكوك الإسلامية في العالم.
وبحث المجتمعون الدور المحوري لإمارة دبي في إنجاح مبادرة «الحزام والطريق»، انطلاقاً من موقعها كعاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي، وسط تأكيد الحضور على توجيه القرارات الاستثمارية الدولية نحو التمويل الإسلامي، الذي يمثل دعامة أساسية لإنجاح المساعي الصينية لتوثيق الروابط الاقتصادية التاريخية بين الأسواق الأوروبية والآسيوية. واستقطب الحدث مشاركات رفيعة المستوى من نخبة المفكرين والباحثين والخبراء المصرفيين والاقتصاديين وصناع القرار والمستثمرين والقانونيين، الذين شدّدوا على أهمية توطيد جسور التعاون الصيني- الإماراتي في مجال الاقتصاد الإسلامي، فضلاً عن توظيف الأفكار والاستراتيجيات المبتكرة وتوجيه القرارات الدولية ذات الصلة بالاستثمار والتمويل بالشكل الأمثل في خدمة أهداف مبادرة «حزام واحد.. طريق واحد».
وشدّد الدكتور منصور العور، رئيس «جامعة حمدان بن محمد الذكية»، على أهمية تفعيل قنوات إثراء المعرفة ونقل الخبرة بين المؤسسات الفكرية والبحثية المعنية بالتمويل الإسلامي في الإمارات والصين لتحديد واقتراح الأولويات الاستراتيجية التي من شأنها دفع مسار النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة والمستدامة من خلال التمويل الإسلامي، بما يتماشى مع أهداف «حزام واحد.. طريق واحد». ولفت العور إلى أنّ الطاولة المستديرة قدمت منصة رفيعة المستوى لاستكشاف الفرص التي تقدمها دبي للصين باعتبارها بوابة للوصول إلى مصادر السيولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، مدعومةً ببنية تحتية متطورة للتمويل الإسلامي وبالأخص مع وجود «ناسداك دبي»، مشيراً إلى أنّ أدوات التمويل الإسلامي تفتح آفاقاً جديدة لتعزيز الروابط الاقتصادية بين الصين والدول الممتدة على طول الحزام الاقتصادي لطريق الحرير التجاري، والتي سجلت تبادلاً تجارياً بقيمة 900 مليار دولار في العام الماضي.
وأضاف العور: «قدمت الطاولة المستديرة فرصة هامة للمؤسسات الفكرية والبحثية والاستثمارية الصينية للاطلاع عن كثب على الفرص الواعدة والآفاق الهائلة المتاحة في دبي، التي تبرز كأكبر سوق للصكوك الإسلامية عالمياً، ب 135 ملياراً في العام 2015، في إنجاز لافت على درب التحول إلى عاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي تجسيداً للرؤية الثاقبة لقيادتنا الرشيدة. وتشرفنا في «جامعة حمدان بن محمد الذكية» باستضافة الطاولة المستديرة، التي تندرج في إطار التزامنا بمواصلة دعم جهود إثراء المعرفة ودعم البحث العلمي ودفع مسار التطور الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، انسجاماً مع غايات «خطة دبي 2021».
الأثر الاستراتيجي لمركز دبي في الصين
قدم سعيد مبارك خرباش، مدير الاستراتيجية والتخطيط في «مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي»، لمحة شاملة حول استراتيجية «مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي» وتأثيرها على الصين، في حين ناقش سهيل الزبيري، الرئيس التنفيذي السابق والمؤسس لشركة «دار الشريعة»، موضوع إعادة هيكلة الصكوك الإسلامية في الصين دون تغيير الإطار التنظيمي الراهن. وكانت للدكتور أشرف ماهاتي، كبير الاقتصاديين في «مؤسسة دبي لتنمية الصادرات» و «دائرة التنمية الاقتصادي بدبي»، مداخلة حول سبل تطوير منصة للتعاون الاقتصادي المتنوع بين الإمارات والصين، أما الدكتور معين الدين معلم، المدير الشريك في «ألتيرنيتيف إنترناشيونال مانجمينت سيرفيسيز»، فسلط الضوء على موضوع «جمع الأموال للشركات الصينية في الخارج: نهج عملي».
دور التمويل الإسلامي
صرّح البروفسور نبيل بيضون، نائب رئيس الجامعة لتنمية الجامعة في «جامعة حمدان بن محمد الذكية»، بالقول: «تفتح مبادرة «الحزام والطريق» آفاقاً رحبة لدفع عجلة نمو واستدامة الاقتصاد العالمي في إطار التعاون الاقتصادي بين آسيا وأوروبا. ومن هنا، ارتأت «جامعة حمدان بن محمد الذكية» تنظيم طاولة مستديرة تجمع نخبة الشخصيات الاقتصادية المؤثرة، من أجل مناقشة السبل المثلى لتعزيز دور التمويل الإسلامي في دعم الخطة الصينية الشاملة والطموحة، وذلك بالاستفادة من التأثير الاقتصادي الملموس والإيجابي للصين ضمن المشهد الاقتصادي الإقليمي. وكلنا ثقة بأنّ مخرجات الطاولة المستديرة ستثمر عن نتائج ملموسة على صعيد تشجيع الشركات الصينية على دخول غمار المنافسة ضمن منظومة الاقتصاد الإسلامي من بوابة دبي، التي تسير بخطى ثابتة على درب الريادة لتصبح العاصمة العالمية للاقتصاد الإسلامي. ولم تقتصر مخرجات الحدث على تفعيل التعاون الاقتصادي الصيني-الإماراتي في مجال التمويل الإسلامي فحسب، وإنما وضعت أطراً واضحة لتشجيع التبادل الفكري والمعرفي الذي يعتبر اليوم محركاً رئيسياً لمسار التنمية الاقتصادية والشاملة في العالم. وشهد اجتماع الطاولة المستديرة مداخلة للي لينج بينج، قنصل عام جمهورية الصين الشعبية في دبي، فيما تناول الدكتور فان هنجشان، نائب أمين عام «اللجنة الوطنية للتطوير والتنمية في الصين»، أحدث التطورات ذات الصلة بمبادرة «الحزام والطريق». وضمت قائمة المتحدثين الرئيسيين كلاً من البروفسور نبيل بيضون الذي شارك بكلمة بعنوان «دبي.. بوابة الحزام والطريق»، وتساو ونليان، مدير عام «مركز التعاون الدولي» في «اللجنة الوطنية للتطوير والتنمية في الصين» الذي تحدث عن الفرص والتحديات أمام التعاون المالي بين الصين والإمارات في إطار مبادرة «الحزام والطريق».