نظّمت مؤسسة دبي للمرأة ثانية جلسات الإثراء المعرفي، تفعيلاً لمبادرة «قدوة» للمرأة الإماراتية، التي أطلقتها حرم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة مؤسسة دبي للمرأة، بمناسبة يوم المرأة الإماراتية للعام الجاري، التي تستهدف ترسيخ ثقافة العطاء لدى المرأة الإماراتية، وفي المجتمع عامة.
تم تنظيم الجلسة لطالبات جامعة زايد في دبي، مع الأديبة والروائية الإماراتية الشابة دبي بالهول، بحضور كل من شمسة صالح المدير التنفيذي لمؤسسة دبي للمرأة، والدكتور رياض مهيدب مدير جامعة زايد، وفتحية الخميري مدير إدارة القيادة الطلابية بالإنابة، ولمياء عبدالعزيز خان مديرة نادي دبي للسيدات، وعدد من طالبات الجامعة، وتمحورت حول موضوع فن القراءة والأدب، ومهارات التفكير الإبداعي في هذا الفن.
وأثرت دبي بالهول الجلسة المعرفية التي أدارتها المها البستكي مدير مشاريع بمؤسسة دبي للمرأة، بمسيرتها الأدبية الحافلة بإنجازات متميزة، بدأت وهي في الـ11 من عمرها، حينما كتبت أولى قصصها باللغة الإنجليزية من وحي خيالها العلمي «غالاغوليا»، والتي تدور أحداثها في قلب الإمارات، وهو ما فتح الباب أمامها لتقديم أعمال أخرى في مجال السينما والتصوير وصناعة الأفلام.
حلقات عطاء معرفي
بالهول ثمّنت في بداية حديثها المبادرة النوعية «قدوة»، الهادفة إلى صقل قدرات المرأة الإماراتية، وتنمية مسؤوليتها الاجتماعية، من خلال حلقات عطاء معرفي بأفكار تنويرية، تقدمها نماذج إماراتية ناجحة في مختلف المجالات، معربة عن سعادتها البالغة بأن تكون ضمن هذه النماذج الوطنية المشرّفة وهي في سن صغيرة.
وقبل استعراضها لمسيرتها الأدبية، بدأت بالهول حديثها عن رحلتها الشيّقة مع القراءة، وشغفها الكبير بالمطالعة منذ الصغر، وأكدت أن للكتاب والقراءة قيمة عالية في محيطها العائلي، ما أسهم بدوره في دعمها وتشجيعها على تحقيق أحلامها في أن تكون كاتبة متميّزة، على الرغم من التحدي الكبير الذي واجهها في حياتها، وهو صغر سنها، وصعوبة اقتناع دور النشر بكتابة رواية كاملة، تقع أحداثها في 150 صفحة وخلف سطورها طفلة.
وفي ردها على استفسار حول تطور خبرتها الحياتية إلى المجال الدبلوماسي والعلاقات العامة، قالت بالهول إن السياسة والكتابة باب واحد، فتح لها آفاقاً أوسع بعد تخرجها في كلية العلوم السياسية والدراسة الدبلوماسية بجامعة نيويورك بأبوظبي، وأشارت إلى أن هذا المجال منحها فرصة الارتقاء بمستوى كتاباتها في مجالات أخرى، تحت المظلة نفسها، بما سمته «قوة المظلة الناعمة»، مؤكدة أن مرحلة التغيير بدأت من هذا التخصص في صقل موهبتها أكثر، والتعبير عنها في المحافل الدولية، للتعرف إلى تراث الإمارات العريق، مضيفة أنها ستتوجه إلى جامعة إكسفورد الشهر الجاري، لدراسة الماجستير في العلوم السياسية.
وفي هذا الإطار، قالت دبي بالهول: «يجب أن نركز على صناعة المحتوى في الكتابة، ونقدم مادة قيمة من ناحية المضمون، لأن المحتوى يمثلنا أمام الآخرين في الخارج، ونحن لدينا مواهب إماراتية عديدة في هذا المجال، كما أنها مسؤولية كبيرة تقع على عاتقنا كأجيال مستقبل».
وحول نقطة التحول التي رسمت طريق نجاح دبي بالهول، أشادت الروائية الإماراتية الشابة بالدعم والمساندة التي تلقتها من نماذج نسائية إماراتية، منهن الكاتبة عائشة تريم رئيسة تحرير جريدة «جلف توداي»، التي شجعتها كثيراً على الكتابة باللغة الإنجليزية، ومنى غانم المري المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، المشرف العام على قطاع النشر في مؤسسة دبي للإعلام، التي يعود إليها الفضل في منحها الثقة بنفسها، وتفجير قدراتها الإبداعية في الكتابة في قضايا الشباب والتعليم وغيرها، من خلال تخصيص مساحة خاصة بها في صحيفة البيان، التي أرهبتها بقوة جمهورها وهي طالبة في بداية شبابها، ولا تملك المؤهلات اللازمة والخبرة الكافية في هذه المؤسسة الكبيرة، وفقاً لتعبيرها «لكن منى المري منحتني الثقة بالنفس، وآمنت بقدراتي الإبداعية في وقت لم أصل فيه أنا شخصياً إلى هذه الدرجة من الثقة».
حجم الطموح
من جانبها، أعربت شمسة صالح، المدير التنفيذي لمؤسسة دبي للمرأة، عن فخرها بالروائية الشابة دبي بالهول، وبالنجاح الذي حققته في الساحة الثقافية والفنية لدولة الإمارات، بعد إصدار أولى رواياتها باللغة الإنجليزية وهي في سن مبكرة جداً. وقالت: «نعتز بما وصلت إليه ابنة الإمارات اليوم، وما اكتسبته دبي بالهول من تقدير ومكانة طيبة في المجتمع وهي لاتزال شابة صغيرة السن، ما يعكس حجم الطموح اللامحدود للمرأة الإماراتية، وقدراتها وعطاءها وتفوقها في أي مجال تخوضه، وعلى المستويات كافة، بغض النظر عن السن».
وأضافت صالح: «سعداء بأن نستضيف بالهول في الحلقة الثانية لمبادرة (قدوة)، فهي شخصية أدبية متميزة، استقطبت أعمالها اهتمام العديد من المخرجين في الساحة الفنية، لما تحمله من أفكار إبداعية خلاّقة، تحمل الكثير من الدلالات العميقة، وتحمل مقوّمات ومواصفات تؤهلها لأن تكون قدوة لجيلها». وتابعت المدير التنفيذي لمؤسسة دبي للمرأة: «دبي بالهول هي الأصغر سناً بين الشخصيات التي نستضيفها ضمن مبادرة (قدوة)، وهي نموذج شاب، ومثال للطموح تستحق الاقتداء بها، لأنها شابة إماراتية طموحة، تقارب الطالبات في تفكيرهن، وقادرة على فهم تطلعاتهن وطموحاتهن في صياغة مستقبل واعد لهن وللمرأة الإماراتية على كل المستويات، وهذا هو جوهر رسالة مبادرة (قدوة)».
وشهدت الجلسة تفاعلاً طلابياً ملموساً مع دبي بالهول، حيث تمحورت تدخلات الطالبات حول تطوير موهبتها في الكتابة، وتأثرها بالكاتب اللبناني جبران خليل جبران، حيث كانت مؤلفاته مصدر إلهام لها في كتابة الرواية باللغة العربية، كما أبدت الأديبة الشابة وجهة نظرها في سبب تسميتها بهذا الاسم (دبي)، واختصرت إجابتها بالقول: «اسمي مسؤولية كبيرة، وتحدٍ كبير، ولا أستطيع أن أقارن عمري بمركز دبي كعنوان مرموق للإبداع والابتكار والريادة العالمية، لكن أتمنى أن أكون على قدر هذه المسؤولية».
واختتمت دبي بالهول حديثها لطالبات جامعة زايد في دبي بنصيحة قائلة لهن: «لا تنتظرن أحداً، ومن يحدد أحلامكن هو أنتن».