يصحب معرض «المستشرقون الجدد» في «بيات غاليري» بمركز وافي، زائره في جولة بين جنبات دبي، من خورها إلى أسواقها القديمة، إلى برج العرب، والوجه العمراني التراثي، بألوان 14 فناناً يضم المعرض أعمالهم.
أبدع الفنانون المشاركون في المعرض في نقل وجوه المدينة المتعددة، ومنهم من ارتأى تجسيد مشاهد من الجبال بشكل مباشر، بينما اعتمد آخرون على مشاهد البحر والصخور. أمّا الألوان المستخدمة؛ فمنها ما كان مائياً، بالإضافة الى الأكريليك، بينما كانت الألوان الزيتية الأكثر استخداماً، إذ تمنح اللوحة العمق في البعد اللوني، فباتت الطبيعة الخضراء تبدو كأنها تتمايل، حيث الأشجار غصونها مورقة، وسط بيئة ذات ألوان صحراوية هادئة تميل إلى الاصفرار.
أبعاد كثيرة تحملها الأعمال، فالمَشاهد الطبيعية التي نقلت، تقسم اللوحة إلى أجزاء، ما يضفي عليها أكثر من بعدين، فتصبح اللوحة كأنها ثلاثية الأبعاد، ويرى المتلقي نفسه أمام مشهد طبيعي، وكأنه صورة حقيقية.
فيما اختار بعض الفنانين الاعتناء بالتفاصيل ومنحها الأهمية القصوى، ومنها جدران المباني، بالإضافة الى عمل واحد كان لرسم المشاهد الحية، إذ التقط الفنان لوي جانسن فان فورن، الطيور لتقديمها في لوحة تحمل مدرسة فنية معقدة في تجسيد التفاصيل والواقعية.
من جانبها، قالت القيّمة على المعرض أليسون كولينز، لـ«الإمارات اليوم»: «إن اختيار العنوان الخاص بالمعرض كان نتيجة وجود رسامين كثيرين أتوا إلى دبي، ونقلوا مشاهدها الطبيعية، وبعد عملي لسنوات مع مجموعة واسعة من الرسامين، وجدت أن هناك كثيرين ممن قدموا لوحات جميلة، وقضوا أوقاتاً طويلة في الإمارات، وبعضهم عاش لسنوات فيها، وآخرون زاروها لفترة قصيرة».
ورأت أن هذه الحركة تعد حديثة، وهي ليست متوافرة على نطاق واسع، ففي الإمارات هناك الفنان عبدالقادر الريس الذي رسم الطبيعة والتراث بشكل متميز، وليست هناك من أسماء كثيرة في الإمارات اتجهت إلى رسم الطبيعة. ولفتت كولينز إلى أن المعايير التي حكمت اختيارها للفنانين واللوحات، كانت عبارة عن عملية تراكمية، إذ عملت مع مجموعة الفنانين لسنوات طويلة، وتدرك ما قدموا من أعمال.
ورأت أن هذه الأعمال تصنف بكونها تقليدية، ولكنها في الواقع تحمل الجانب التوثيقي، فهي أكثر من التصوير الذي يوثق، بل مشغولة يدوياً، ما يجعلها أعمالاً تتطور بفعل تطور تجربة الفنان، موضحة أن اللوحات التي تفضلها تلك التي رسمت بالألوان الزيتية، كونها تحتوي على العمق اللوني والجهد الواضح في مراحل الرسم.
من جانبه، قال الفنان البريطاني جون هاريس لـ«الإمارات اليوم» عن أعماله، «لقد تنقلت كثيراً بين مناطق عدة في دبي والإمارات، ولكن دبا ومسافي كانتا من الأماكن التي جسدتها كثيراً، إذ كنت أرسم (السكيتش) خلال وجودي في المكان، وبعد ذلك أقوم بنقله على اللوحات وبالألوان». وأضاف أن الفنان المغترب يرى سحراً في المكان الذي لم يعتد وجوده، مؤكداً أنه معتاد الأماكن والمساحات الخضراء في بلده، وبالتالي كانت دبي بالنسبة إليه محطة جديدة ومختلفة، ولذا كان حريصاً على نقلها بشكل تلقائي.
من جانبه، أشار الفنان الألماني مارتن غيسين، إلى أنه رسم مشاهد من دبي والشارقة ورأس الخيمة ودبا، وغيرها من الأماكن، موضحاً أن العمل لديه يقوم على كل ما يحمله المشهد التقليدي والتراثي، فهناك أماكن قيمة جداً في دبي، ومنها البستكية والفهيدي، ولابد من التركيز عليها. وأضاف أنه يعمل في جامعة الشارقة، ويُدرّس تاريخ الفنون، ويسعى إلى تقديم مدرسة مهمة جداً في الرسم، وهي الواقعية.
أمّا الفنان الفرنسي دانييل ويجيرا، الذي يعيش في دبي منذ 20 عاماً، فاتجه إلى الجانب التراثي والعمران القديم، لاسيما الألوان التي تحملها تلك الأماكن، معللاً ذلك بأن العمران الحديث لا يستهويه، أمّا الألوان التي يستخدمها فهي الزيتية، التي يفضلها على المائية، كونها تمنح اللوحة العمق في اللون.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-p9h