عندما قصد الرحالة الغربيون مدينة دبي في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين تحدثوا عن شظف العيش الذي كان سائداً آنذاك في المنطقة.
ولكن لم يشر أي منهم إلى أن إنسان المنطقة يمكن أن ينجز شيئاً ليأتي الرد من أهلها. فاليوم في وسط مدينة دبي يرتفع برج خليفة شامخاً «أعلى برج على وجه الكرة الأرضية».
والذي يعتبر أحد أهم معالم الجذب السياحي في العالم وتم تصنيفه: كواحد من أكبر 3 مواقع التقاط السيلفي أو ما يسمى بـ«الصور الذاتية في العالم» حسب موقع «اتراكشن تكس» السياحي.. كما يوجد بدبي أكبر وأهم الموانئ في العالم. كميناء جبل علي الذي بدوره يشرف على تنمية وتطوير موانئ عالمية عدة. ومطار دبي الدولي العالمي. ومترو دبي المبهر؛ الأكثر تطوراً وحداثة عالمياً.
القيادة الملهمة لحكومة دولة الإمارات الممثلة بصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رعاه الله وفريق عمله. والذي من خلال رؤيته المعهودة الثاقبة استطاع إلهام شعبه والمقيمين معهم في دبي وفق مقولته الشهيرة «أن لا شيء مستحيلاً» و«إن دبي ستكون أول مدينة ذكية ورقمية في الشرق الأوسط..» إن استراتيجية حكومة دبي الذكية 2014-2017 تحت مظلة مبادرة دبي الذكية .
والتي أقرها المجلس التنفيذي لإمارة دبي برئاسة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس كان هدفها الأول والأهم: تحقيق الرخاء الاقتصادي والتقدم الاجتماعي الخدمي الذكي للمواطنين والمقيمين بالإمارة وقطاع الأعمال والمستثمرين الناشطين والمترددين فيها وزوارها. من خلال تبسيط إجراءات تعاملاتهم الحكومية وتوفير طيف من القنوات الذكية تمكن المتعاملين من الوصول إلى الخدمات الأكثر مرونة وسهولة.
ويرتبط ظهور مفهوم «المدن الذكية» بمؤشر المدن الأوروبية متوسطة الحجم الذي حدد مجموعة معايير تساعد على تحديد درجة إبداعية المدن وهي المستوى الاقتصادي وطبيعة الحكم ومستوى المعيشة ونوع الطاقة المستخدمة والمواطنون في المدينة وخصائصهم المختلفة، والانتقال الذكي.
ونجحت مدينة «مصدر» في العاصمة أبوظبي.. بالتحول لنموذج لانتشار المدن الذكية في منطقة الخليج العربي، بحسب دراسة بعنوان «حالات دراسة المدن الذكية» أعدها خبراء أجانب، ونشرت في كتاب صدر عن مؤسسة سبرينجر للنشر الدولي بعنوان «أطلس المدن الذكية: المجتمعات الذكية الغربية والشرقية».
ومن المتوقع أن تستوعب مدينة مصدر 40 ألف نسمة فضلاً عن استقبالها 50 ألفاً آخرين بغرض العمل والدراسة عند اكتمال تطويرها بحلول 2030.
ويؤكد الكتاب أن منطقة الخليج العربي تعد الأكثر تأهيلاً في الشرق الأوسط لتبني تطبيقات المدن الذكية، إذ تتمتع ببنية تحتية متقدمة تعتمد التكنولوجيا الحديثة في تقديم الخدمات العامة، إضافة لمعدلات مرتفعة من الرضا العام، والتركيز على سعادة المواطنين ضمن منظومات متكاملة للابتكار والإبداع والاستدامة البيئية.
ورجح مركز المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة انتشار نماذج متعددة للمدن الذكية في دول الخليج في ظل تزايد التركيز على دمج ممارسات الابتكار والإبداع والاستدامة البيئية والتكنولوجيا المتقدمة في تطوير المدن والمناطق الحضرية لتصبح صديقة للبيئة وجاذبة للاستثمارات، بهدف تعزيز الرضاء العام وسعادة المواطنين والمقيمين بالمدن..
لقد استطاعت مدينة دبي الذكية أن تنال شرف الفوز بجائزة مشروع المدينة عن «استراتيجية دبي للبلوك تشين»، وذلك في ختام مشاركتها بالمعرض والمؤتمر العالمي للمدن الذكية الذي أقيم في مدينة برشلونة الإسبانية بين يومي 14 – 16 نوفمبر الجاري.
جاء الفوز وسط منافسة شديدة مع مدنٍ من 58 دولة قدّمت 309 مشاريع من حول العالم. وتقول الدكتورة عائشة بنت بطي بن بشر، المديرة العامة لدبي الذكية: «يشرفنا أن تنال جهودنا مثل هذا التقدير الرفيع المستوى في المعرض والمؤتمر العالمي السابع للمدن الذكية».
«لقد كانت رؤية بناء دبي الذكية حول سعادة الإنسان محط أنظار العالم خلال الحدث، وهي ثمار الرؤية الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.
إنه وبفضل الرؤية الثاقبة لقيادة دبي.. تشهد مدينة دبي سباقاً في الابتكار وذكاء التكنولوجيا الرقمي، حيث تشهد المدينة ثورة في تقديم أفضل الابتكارات المعتمدة على أحدث التطبيقات الذكية التي تساعد على تقديم أفضل الخدمات وأسرعها دون عناء..
لقد أصبح شرطي المرور رجلاً آلياً والتسوق يتم عبر المول الذكي وحتى الأشجار توفر خدمة «الواي فاي» وسيارة الجمارك برمائية إلى جانب السباق الذي يدور رحاه في المدينة بين دوائرها الحكومية لتقديم جميع خدماتها للعميل من خلال جهاز الهاتف الذكي وهو جالس في منزله أو في مكتبه دون عناء الذهاب والانتظار في الطوابير وغير ذلك.
استطاعت مدينة دبي أن تحقق العديد من الإنجازات لدعم المدن الرقمية والذكية منها: مدينة دبي للإنترنت والتي تأسست عام 1999..وقرية دبي للمعرفة والتي أنشئت في 2003..وانطلقت سلطة واحة دبي للسيليكون عام 2004 لاستقطاب المبتكرين والمبدعين في المنطقة والعالم والذي تحولت إلى حاضنة متطورة في التقنية.. إن حاكم دبي يستشرف المستقبل، ويراهن أن لا شيء مستحيلاً أمام عزيمة القادة وإرادة الشعوب.