شكَّلت مدينة دبي بما تملكه من تصاميم معمارية أخاذة، وتوفره من بنية تحتية مريحة تنعكس إيجاباً لدى شرائح مختلفة من الجنسيات الذين يقيمون على أرضها، واحدة من المدن العالمية، التي اكتسبت روحاً خلاقة تنبض فيها الحياة والبهجة، في مزيج من الأصالة والمعاصرة.
كان ذلك خلاصة الجلسة التي عقدت صباح أمس في قاعة الراس 3، ضمن فعاليات المهرجان، وجاءت تحت عنوان «روح المدينة»، شارك فيها كل من: الدنماركي مايك وايكينغ الرئيس التنفيذي لمعهد بحوث السعادة، والشاعرة الإماراتية عفراء عتيق، والبريطاني إريك بروغ المصمم في مجال الهندسة الإسلامية، ومصممة الجرافيك الفلسطينية يارا بامية، وأدارت الندوة ريتشل مكارثر.
تناولت الجلسة كيفية نظر هؤلاء المصممين لدبي ولغيرها من المدن المعاصرة، وفيما إذا كانت تكتسب هذه المدن أهميتها من طرازها المعماري أو من واقع احتضانها لثقافات متنوعة من البشر الذين يتفاعلون معها ويعيشون على أرضها.
إريك بروغ الذي عاش لفترة طويلة في مدن أوروبية كثيرة منها لندن وامستردام، ثم دبي، يعتقد أن روح المدينة ترتبط بتصاميمها المعمارية، وبالناس الذين يعيشون على أرضها، وهو الذي لفت نظره في مدينة دبي التي بدأت خلال سنوات قليلة تزدهر في تصاميمها المعمارية على نحو غير مسبوق.
بدورها تنظر عفراء عتيق إلى روح المدينة، في ضوء ما تقرأه أو تسمعه من حكايات وقصص وعادات، أي أن السرد الشفاهي والمكتوب هو ما يأخذها إلى عالم المدينة، ويسحر مخيلتها، سيما مع ارتباطها بذكريات وناس وأحداث وأماكن شكلت ذاكرتها.
وتعتقد عتيق أن دبي على وجه الخصوص، ورغم ما طرأ عليها من تطور هيكلي، ما تزال بالنسبة إليها مدينة رائعة للعيش فيها، حيث تحرص دائماً على سماع الحكايات القديمة من كبار السن، محاولة استعادة روح المدينة من واقع هذه السرديات، فضلاً عن اهتمامها بمتابعة الأمكنة والمباني والاستفادة من المعلومات المتوفرة عنها. أما مايك وايكينغ الذي عاش في كوالامبور وكانت تزعجه صعوبة التنقل إلى أماكن معينة فيها، فقد شكل وجهة نظره عن المدينة وروحها بمقدار ما توفره من إمكانات وبنى تحتية كالجسور وأرصفة المشاة، التي تشكل في مجموعها فضاء مريحاً، يجلب السعادة للناس، وهو الذي اكتشفه في مدينة دبي التي يعيش على أرضها جنسيات متعددة، يتمتعون بالراحة وهم يتنقلون فيها، منوهاً بما طرأ على مدينة دبي خلال فترة وجيزة، وكل ذلك أسهم في إضفاء البهجة والسعادة على سكانها.
يشير وايكينغ إلى أن الجودة كمفهوم ليست فيما نشاهده من رفاه فقط، بل يجب أن يرتبط الرفاه العمراني مع تحسين واقع الناس بما يلبي حاجياتهم ويحقق رفاهيتهم وفق خط واستراتيجيات واضحة، وهو الذي تحقق في دبي في فترة وجيزة جداً.
بدورها تحدثت يارا بامية عن رؤيتها لروح المدينة بالنظر إلى ما تمثله من أصالة، وهو الذي يربط من وجهة نظرها بين البشر والأمكنة، فتتولد جراء ذلك ذاكرة قوية، يمكن استثمارها في التأسيس لأمكنة حديثة، وهو ما اكتشفته من واقع زياراتها الكثيرة لأمكنة وقرى في فلسطين، حيث تقول: «القرى القديمة تشعرك بالسعادة، فكل شيء فيها أصيل وعضوي، يذكر برائحة الأجداد وعبق التاريخ».