قالت وكالة «بلومبيرج» إنه منذ أكثر من 100 عام عُرف عن الشرق الأوسط أنه يعتمد على التنقيب عن النفط وإنتاجه في توفير الموارد المالية، لكن الآن باتت المنطقة أكثر طموحاً من خلال البحث عن موارد أخرى لتنويع مكونات اقتصادها بعيداً عن الذهب الأسود. لكن لا يمكن لأي دولة أو مدينة في المنطقة منافسة دبي في هذا المجال، حيث أطلقت الإمارة استراتيجية للتنويع الاقتصادي منذ سبعينيات القرن الماضي، والنتيجة هي أنها أصبحت بوابة مزدهرة للعولمة ذات نظرة اقتصادية متفوقة.
تعتبر دبي موطناً لأكثر من 200 جنسية وأسرع مدن المنطقة نمواً باعتبارها الوجهة السياحية الإقليمية رقم 3 في المنطقة، وتفصلها عن ثلثي سكان العالم مسافة 8 ساعات طيران فقط، كما أنها تمتلك أكثر المطارات ازدحاماً في العالم من حيث إجمالي الركاب، ورابع أكبر شركة طيران من حيث الإيرادات. ويعتبر برج خليفة الذي يبلغ ارتفاعه 2717 قدماً، أطول مبنى في العالم، ويرتفع فوق ميناء جبل علي، تاسع أكبر ميناء في العالم. وأدى الالتزام المستمر بتطوير البنى التحتية إلى تحويل دبي إلى مركز للتمويل والتكنولوجيا والعقارات والشحن، وحتى الزهور في منطقة الشرق الأوسط.
ويسهم إنتاج النفط الذي كان يمثل 50% من إجمالي الناتج المحلي لدبي سابقاً، بأقل من 1% من الناتج اليوم. وتسارعت وتيرة التحول الاقتصادي في دبي عندما ارتفع النفط إلى مستوى قياسي بلغ 147 دولاراً للبرميل في العام 2008، واستمرت هذه الوتيرة في أعقاب الأزمة المالية، وانخفاض النفط إلى مستوى 26 دولاراً في العام 2016، وفقاً لبيانات جمعتها «بلومبيرج».
وغدت دبي أكثر تصميماً للتخلص من إرث النفط في الشرق الأوسط بعد الأزمة الائتمانية وما تبعها من تباطؤ، ففي العام 2016 قال مسؤولون إن الطاقة المتجددة سوف تمثل 25% من احتياجات الإمارة في غضون 12 عاماً. وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قبل عام إن نسبة الطاقة المتجددة سترتفع إلى 44% بحلول العام 2050، حيث تخطط الإمارة لإنتاج 75% من احتياجاتها من الطاقة من مصادر نظيفة.
وشملت استراتيجية جعل الإمارة اقتصاداً أخضراً، سياسة توسيع البنى التحتية، وعلى الرغم من انخفاض أسعار النفط بنسبة 50% في العام 2014، استمر العمل بلا هوادة في تطوير وتشييد موقع استضافة معرض «أكسبو 2020» الذي يهدف إلى تعزيز مفاهيم الفرص والتنقل والاستدامة، مع التركيز بشكل خاص على التعليم ورأس المال واللوجستيات والنظم الإيكولوجية الطبيعية والتنوع البيولوجي.
وكل ذلك انعكس على سوق الأسهم في دبي. فمن الناحية التاريخية، ترتفع أسعار أسهم شركات الشرق الأوسط وتنخفض اعتماداً على أسعار النفط الخام، ولكن ذلك لا ينطبق على دبي. فمنذ العام 2003، بدأ النفط مسيرة صعود استمرت خمس سنوات، إلا أن عامل الارتباط بين أسعار أسهم الشركات العقارية في دبي وسعر النفط تراجعت إلى 0.3، نزولاً من 0.7.
وبين العامين 2009 و2012، عندما تضاعفت قيمة النفط، ارتفع سوق الأسهم في دبي بنسبة 14%، في حين ارتفعت الشركات العقارية بنسبة 48%. ومع انخفاض النفط بنسبة 37% منذ العام 2013، ارتفع سوق دبي للأوراق المالية بنسبة 155%، وشركات العقارات بنسبة تزيد على 135%، وفقاً لبيانات جمعتها «بلومبيرج».
ومن المتوقع أن تصبح دبي رائدة النمو بين دول مجلس التعاون الست هذا العام، حيث من المقدر أن ينمو ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 3% أو أكثر هذا العام وفي العام 2019 أيضاً، وفقاً لدراسة استقصائية لوكالة «بلومبيرج».