أصبحت دبى وجهة اقتصادية مهمة فى الشرق الأوسط ، ولا يمكن النظر لهذا الأمر بمعزل عن توافر الأمن ونظافة الشوارع وانضباط المرور وارتفاع مستوى معيشة الفرد، بشكل جعل الحكومة الإماراتية تفكر فى إنشاء وزارة للسعادة ، تقدم خدمة لكل من يعيش على أرض الإمارات مواطنا كان أو أجنبيا.
فالإحساس بالأمان هو الحلقة الاولى فى بناء الاقتصاد والتنمية المنشودة ، فكان التركيز الأول على فرض نظرية للأمان يشعر بها كل من يزور الإمارات ودبى بشكل خاص.
الغريب أن نظرية الأمان تلك لا يحكمها فقط وجود كاميرات تلتقط كل شاردة وواردة فى كل شبر بدبي، ولا وجود جهاز نشيط جدا للشرطة يملك أحدث الأجهزة ويتمتع بكل الصلاحيات التى تمكنه من فرض الأمن على أكمل وجه، الغريب هو التزام هذا الكم من الجنسيات التى لا يمكن حصرها .
والتى جعلت من دبى مدينة عالمية جاذبة للاستثمار بقواعد الأمن تلك دون قيد أو شرط ، لن تجد سارقا فى دبى، تستطيع أن تترك متعلقاتك فى أى مكان وتعود بعد فترة لتجدها فى نفس المكان، وبذلك تحققت معادلة الأمان بشكل يذهل كل من يزور هذا البلد الأمين.
ظل السؤال عن ذلك الأمر يراودنى خلال زيارتى الأخيرة لتغطية ملتقى الاستثمار السنوى لعام 2017، والذى أقيم مطلع الشهر الحالى، كيف لهذا البلد أن يتمتع بهذا القدر من الأمان على الرغم من كثرة الزائرين والمقيمين الأجانب ؟ وهو السر الأكيد فى ارتفاع الدخل العائد من السياحة وجعل الإمارات قبلة سياحية عالمية فى السنوات الاخيرة . فداخل قاعات الملتقى تجد كبار مسئولى الدولة وعلى رأسهم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الامارات وحاكم دبى والوزراء ورؤساء العديد من الدول التى يستضيفها الملتقى يمرون بجانبك بصحبة عدد محدود جدا من الحراسة، يمكنك بسهولة من الوصول لأى منهم لمصافحته اذا أردت، ناهيك عن عدم وجود مواكب السيارات التى تتسبب فى تعطيل المرور لساعات ، فتتمكن من الدخول والخروج من وإلى مقر الملتقى بمركز التجارة العالمى بدبى بمنتهى السهولة واليسر ، حتى إن إجراءات التفتيش منعدمة، حيث يقوم شخص بفحص هوية التعريف التى قمت بتسجيلها فى أول يوم من خلال جهاز صغير بيد ضابط الأمن ولا يستغرق الامر أكثر من ثوان.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فداخل قاعات الملتقى تقوم حكومة دبى بعرض خدماتها من خلال صالات للعرض بداية من وزارة الاقتصاد وحتى شرطة دبى التى قامت بعرض مجموعة من سياراتها الجديدة ذات الإمكانات المتطورة وعلى رأسها سيارة جديدة تقدم خدمة جديدة أيضا تسمى «عين الصقر» لإدارة مسرح الجريمة ، وهى سيارة مجهزة بكل الإمكانات التى تمكن ضابط الشرطة من فحص البصمات والتوصل الى الجناة من داخل مسرح الجريمة فى وقت قياسى وقبل تمكنهم من الهرب.
يقول العقيد محيى سلمان أحمد مدير إدارة مسرح الجريمة إن السيارة تم ابتكارها من شرطة دبى لسرعة الانتقال الى مسرح الحادث وهى تلعب دورا محوريا لتقديم رؤية واضحة وحلقة وصل بين مسرح الحادث وغرفة عمليات شرطة دبي، لتصبح الإمارات أول دولة تمتلكها فى الشرق الأوسط.
وتحدث سلمان، عن مجموعة من الطائرات دون طيار «سبايدر» التى تصاحب السيارة خلال عملها والتى تنقل صور مفصلة عن كل حادث الى غرفة العمليات مما يسرع فى حل الازمة أيا كانت ، وهو ما يساعد فى إطفاء الحرائق فى وقت قياسى ، كما حدث فى الحريق الذى شب فى أحد الفنادق الكبرى ليلة رأس السنة الماضية ، وتم إخمادها والسيطرة على الحريق.
أما اشواق سعيد سالم فهى اول شرطية إماراتية تلتحق بإدارة مسرح الجريمة تحدثت لـ «الأهرام» عن تجربتها كأول فتاة تقتحم هذا المجال بعد أن كان حكرا على الرجال نظرا لما يتطلبه من قوة قلب وأعصاب ويتطلب أيضا النزول والعمل الميدانى فى مسرح الحدث وما يتبعه من معاينة الجثث، ورفع البصمات، وهو ما كانت تهرب منه الفتيات إلا انها اختارت العمل فى هذا المجال نظرا لحبها الشديد لطبيعته التى تحمل بين طياتها المغامرة وفك الألغاز.
ووجهت اشواق رسالة للمرأة العربية والمصرية أكدت فيها أنه يجب على كل عربية عدم الاستسلام و تحدى اى صعوبات وعقبات تقف فى طريقها وتخطيها لكى تتمكن من العمل فى اى مهنة ايا كان صعوبتها، وذكرت اشواق انها تعرضت للكثير من الصعوبات حتى تعمل فى هذا المجال ولكنها واجهت كل هذا بإصرار وعزيمة مكنتها فى نهاية المطاف من تحقيق حلمها. وببارقة الأمل تلك التى تحملها دبى وتطبيقها المحكم للأمان وسط عالم عربى يعصف الإرهاب بجنباته ، جاء صوت «أشواق» ومن هم مثلها من فتيات عربيات ليحيى الأمل بداخلنا من جديد ، فدبى أصبحت نموذجا ناجحا فى فرض الأمن والتأمين، يمكن بكل بساطة الاستعانه به وتقليده، خاصة فيما يتعلق باستخدام التكنولوجيا الحديثة فى هذا المجال.