توصل أكبر منتجي النفط في العالم إلى اتفاق تاريخي لخفض إنتاج النفط العالمي بما يقرب من 10 ملايين برميل يوميا الأحد، وبهذا الاتفاق وضع نهاية لحرب أسعار كبيرة تسببت بانهيار أسعار النفط خلال الأسابيع الماضية ووصولها إلى مستويات تاريخية من الانخفاض لم تشهدها منذ 18 عاما.
ويتحول تركيز السوق الآن إلى ما إذا كان الخفض سيكون كافيًا للتغلب على إمدادات كبيرة في الأسواق العالمية من كميات النفط الخام، والتي تستمر في النمو مع إغلاق للاقتصاد العالمي نتيجة مواجهة فيروس كورونا المستجد، والذي أدى إلى انخفاض كبير في الطلب العالمي على النفط بنسبة وصلت إلى 30% مما يبقي أسعار النفط تتأرجح بين قرار التخفيض للإنتاج، وبين الطلب الضعيف عالميا على النفط والمتزامن مع وفرة المعروض، وحجم المخزونات العالمية من النفط الخام.
وعلى الرغم من تلك المخاوف إلا أن اتفاق التخفيض بين منظمة أوبك وحلفائها بقيادة روسيا تمثل تحولا مهما في سوق النفط العالمي والذي أثبت فيه التحالف ومنظمة أوبك على مدار التاريخ بإنه يلعب دورا مهما ورئيسيا بالحفاظ على توازن سوق النفط في العالم من حيث الأسعار والإمدادات.
ووصفت شركة غولدمان ساكس جروب التخفيضات بأنها “ضئيلة للغاية ومتأخرة للغاية”، قائلة إنها ستؤدي فقط إلى تخفيض فعلي يبلغ نحو 4.3 مليون برميل يوميًا عن مستويات الربع الأول، وكتب محللو البنك في تقرير “في نهاية المطاف ، يعكس هذا ببساطة أنه لا يمكن أن تكون التخفيضات كبيرة بما يكفي لتعويض انخفاض الطلب 19 مليون برميل يوميا بالمتوسط من أبريل/نيسان إلى مايو/أيار، جراء تأثير فيروس كورونا المستجد”.
تضمن الاتفاق بأن تخفض السعودية إنتاجها إلى نحو 8.5 مليون برميل يوميًا، وهو أدنى مستوى لها منذ 2011، وتقيس صفقة أوبك + التخفيض السعودي من خط أساس يبلغ 11 مليون برميل يوميًا، ويشار هنا أن التخفيض من قبل السعودية سوف يكون من مستوى إنتاج أعلى بكثير حيث رفعت إنتاجها إلى مستوى قياسي بلغ 12.3 مليون برميل في اليوم كجزء من حربها مع روسيا للحصول على حصتها في السوق.
وتشير التوقعات إلى أنه على الرغم من تخفيض الإنتاج بمقدار 9.7 مليون برميل يوميا إضافة إلى تعاون دول أخرى مثل الولايات المتحدة وكندا في التخفيض سوف يبقى هناك فائض في المعروض نحو 10 ملايين برميل في الأسواق حتى الربع الثاني من 2020، وهذا ما عكسه عدم ارتفاع أسعار النفط وتحولها إلى الانخفاض الاثنين .
وشهد سوق النفط خلال فترة الانخفاض الأخيرة لأسعار النفط وتحديدا خام برنت حالة “كونتانجو” فريدة حيث يشتري المتداولون والتجار النفط بالأسعار الفورية والفترة الأقرب للتسليم، ويقومون بتخزينها ويحاولون بيعها في الأشهر المقبلة؛ لأن الأسعار للعقود المستقبلية الأبعد تكون أعلى، وهذا النفط المخزن يظهر كاحتياطي في المخازن حول العالم، ويبقي الضغط على الأسعار، ولم تعد هناك مساحات كافية لتخزين النفط حول العالم.
ويرى بعض الخبراء في أسواق الطاقة، أن التخفيض سوف يبدأ رسميا منذ بداية مايو /آيار المقبل، أي بعد عدة أسابيع من الآن وهي الفترة المتبقية من شهر أبريل/نيسان، وهذا ربما يشكل مزيدا من الضغط على الأسعار خلال الفترة المقبلة، وماذا سيفعل السوق بالبراميل والكميات المخزنة في شهر مايو/آيار، إضافة إلى أن آلية عمل سوق النفط ليست بتلك المرونة، والمسألة ليست بسهولة لتخفيض المخزون والمعروض بشكل سريع وخصوصا أن أزمة كورونا ما زالت قائمة والتي تؤثر بشكل كبير على الطلب عالميا.
منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)
في عام 1960، تحالفت خمس دول من منظمة أوبك لتنظيم المعروض، وأسعار النفط، عقدت أوبك اجتماعها الأول في سبتمبر/أيلول عام 1960 في بغداد في العراق، الأعضاء المؤسسون الخمسة هم السعودية وإيران والعراق والكويت وفنزويلا، سجلت أوبك لدى الأمم المتحدة في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 1962.
منظمة البلدان المصدرة للبترول هي منظمة تضم حاليا 13 دولة منتجة للنفط ،مقرها مدينة فينا في النمسا، و يمتلك أعضاء أوبك الحاليين الحجم الأكبر من الاحتياطيات المؤكدة في العالم من النفط الخام، وقراراتها لها تأثير كبير على أسعار النفط في المستقبل.
غادرت قطر في يناير/كانون الثاني 2019 للتركيز على إنتاج الغاز الطبيعي أكثر من النفط الخام، وتعتبر السعودية هي أكبر منتج، حيث تساهم بنحو ثلث إجمالي إنتاج نفط أوبك، وهي العضو الوحيد الذي ينتج ما يكفي من تأثير مادي على المعروض العالمي، لهذا السبب تتمتع بسلطة ونفوذ أكثر من الدول الأخرى.
ويجتمع وزراء النفط والطاقة من أعضاء أوبك مرتين في السنة على الأقل لتنسيق سياسات إنتاج النفط، تلتزم كل دولة عضو في المنظمة في إنتاج كمية معينة من النفط الخام، وكل بلد مسؤول عن الإبلاغ عن إنتاجه الخاص.
أهداف منظمة أوبك
الهدف الرئيسي للمنظمة هو الحفاظ على استقرار أسعار النفط، حيث تريد التأكد من حصول أعضائها على سعر معقول مقابل النفط؛ لأن النفط يشكل السلعة الأهم، والإيرادات الرئيسية للدول المنتجة للنفط تأتي من بيعها للنفط وبالتالي يكون الهدف الأول هو الحفاظ على استقرار الأسعار عالميا.
وتسعى المنظمة أيضا إلى الحد من تقلب أسعار النفط، لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة ومن مصلحة منظمة أوبك الحفاظ على استقرار الأسعار العالمية غالبًا ما يكون التعديل في الإنتاج كافيًا لاستعادة استقرار الأسعار، على سبيل المثال، في يونيو/حزيران 2008، وصلت أسعار مزيج برنت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 147 دولارًا للبرميل لذلك قامت أوبك بزيادة إنتاجها من النفط؛ مما أدت تلك الخطوة إلى انخفاض الأسعار، لكن الأزمة المالية العالمية أدت إلى انخفاض أسعار برنت إلى مستويات 36 دولارا للبرميل في ديسمبر/كانون الأول من العام 2008، مما أدى إلى أن تقوم أوبك بخفض الإنتاج لإعادة التوازن للسوق مرة أخرى.
منظمة أوبك لها هدف أيضا بالحفاظ على الإمدادات العالمية في أسواق النفط، حيث قامت بدور مهم خلال أزمة الخليج في عام 1990، محافظة على الإمداد للأسواق من النفط الخام، كما زادت أوبك الإنتاج في عام 2011 خلال الأزمة في ليبيا.
الدول المنتجة خارج منظمة أوبك
يقوم العديد من الدول غير الأعضاء في أوبك بتعديل إنتاج النفط استجابة لقرارات أوبك وتعتبر روسيا و المكسيك والنرويج وعمان أهم الدول المتعاونة من خارج أوبك.
تحالف نفط أوبك وحلفاؤها
تشكل أوبك شراكة مع تحالف نفطي يضم عشر دول بقيادة روسيا يطلق عليه أوبك+ ، وتعتبر روسيا هي ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم بعد المملكة العربية السعودية.
في 2 يوليو /تموز 2019، وقعت منظمة أوبك وحلفاؤها بقيادة روسيا على ميثاق تعاون لمدة ثلاث سنوات، وستحدد مستويات الإنتاج بين جميع الأعضاء معا وفقا لظروف الأسواق والاقتصاد عالميا ، ويشكل هذا التحالف نحو نصف إنتاج النفط في العالم.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-AYP