“خصوصية” لبنانية – سورية لا يمكن تجاهلها

admin
مقالات
admin14 مارس 2012آخر تحديث : منذ 13 سنة
“خصوصية” لبنانية – سورية لا يمكن تجاهلها

سمير  - مجلة مال واعمالالى أي مدى يستطيع لبنان أن يستمر في اعتماد سياسة “النأي بالنفس” للحؤول دون أي تداعيات للأحداث الدامية في سوريا؟ وهل تنجح هذه السياسة حتى النهاية، وبكل ما تواجهه من انتقادات في تجنيب لبنان مثل هذه التداعيات؟

أمام هذا السؤال الكبير والضاغط مع استمرار التصعيد العسكري في سوريا، تتوقف مصادر رسمية أولا عند الانتقادات التي تأتي من كل الاطراف السياسيين، تارة في اتجاه رئيس الجمهورية وأخرى في اتجاه رئيس الحكومة، وتقول إن كل طرف من المنتقدين، وهم من المعارضة والاكثرية “إنما يريد في النهاية ان يكون الموقف الرسمي على هواه ووفق توجهاته حيال الاوضاع في سوريا: إما مؤيدا للنظام بالمطلق، وإما مؤيدا للثورة ضد النظام، في حين أن جوهر سياسة “النأي بالنفس” هو عدم التدخل في الشأن السوري الداخلي، مع الأخذ في الاعتبار ان اعلان موقف ما عند الضرورة لا يتضارب مع هذه السياسة”. وتعطي هذه المصادر مثلا، موقف لبنان في جامعة الدول العربية الرافض لسياسة عزل أي دولة عربية أيا تكن، او تقديم ما أمكن من مساعدات صحية وغذائية وانسانية لجريح او لنازح أو مهجّر من سوريا، وقد “سلّفنا” الاخوة السوريون الكثير عندما نزح مئات، بل آلاف من اللبنانيين الى سوريا خلال الحروب المتتالية على لبنان، وآخرها خلال العدوان الاسرائيلي في حرب تموز 2006. وفي مثل هذه الحالات لن يكون جائزا الحديث عن انحياز الى الشعب ضد النظام او العكس.

ولأن الموقف في لبنان، كالعادة، ليس واحدا على المستوى السياسي من أي تطور محلي او اقليمي، فمن الطبيعي ان يتوزع بين مؤيد لأحد الطرفين في الصراع الدائر في سوريا. وفي رأي المصادر نفسها ان “الكل مدعوون الى النأي بلبنان عن أي تداعيات لمواقفهم أيا تكن، بمعنى عدم الزج بالناس في صراعات دفاعا عن هذه المواقف. ولا تجوز المزايدة في الظروف الصعبة، بل في كل الظروف”.

وتشير المصادر في هذا السياق الى “اتهامات من قوى 14 آذار لبعض المسؤولين بالانحياز الى النظام السوري، في مقابل اتهامات من قوى 8 آذار، أو بعضها، لسياسة النأي بالنفس، ملاحظة انها في حالات كثيرة تبدو انحيازا الى المعارضة السورية ضد النظام” لتخلص الى الاستنتاج ان “هذه الانتقادات من الطرفين للموقف الرسمي اللبناني، لعلها تؤكد صوابيته وعقلانيته، بمعنى النأي بلبنان عن التدخل في الشأن السوري الداخلي وتحصينه ضد أي تداعيات ممكنة للأحداث”.

وفي الوقت نفسه تلفت هذه المصادر الى “خصوصية في العلاقات اللبنانية – السورية لا يمكن تجاهلها”، في ما يشبه الاعتراف الضمني بتأثير ما لهذه الخصوصية على أي موقف لبناني رسمي من التطورات في سوريا، بمعنى أنها تلزم لبنان في حالات كثيرة مراعاة النظام السوري . وفي رأي هذه المصادر أن “من المكابرة انتظار موقف قاطع يرضي هذا الطرف أو ذاك”، وأن “لبنان يتخذ الموقف المناسب من كل حالة، ودائما وفق ما تمليه المصلحة الوطنية العليا”.

وتجدر الاشارة الى أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان الحريص على التواصل المستمر مع الرئيس السوري بشار الاسد عبّر عن مواقف كثيرة وفي عدد من المناسبات واللقاءات، تدعو الى الحوار وعدم تجاهل تطلعات الشعب السوري الى الحرية والديموقراطية، وهذا ما أوجد توازنا في الموقف حيال المواقف السياسية المختلفة من الوضع السوري.
وتقول أوساط رئيس الجمهورية إنه “يحاول وضع مياه في نبيذ بعض المتشددين من أصحاب المواقف التي يمكن ان تجر لبنان الى ما لا تحمد عقباه”، وإنه يحاول تهدئة الجميع من أصحاب المواقف المتناقضة، في ما يتعلق بالاحداث الدامية في سوريا. وتضيف: “نحن معنيون بالاستقرار في سوريا ونأمل التفاهم على انهاء الصراع في اقرب وقت، ووفق ما تمليه مصلحة سوريا. وهذا هو الموقف اللبناني الذي يعبّر عنه تكرارا رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي”.

وتكشف أوساط رئيس الجمهورية عن اتصالات بدأها مع عدد من الجهات المعنية، تمهيدا لعقد حوار على مستوى المنطقة انطلاقا مما سبق ان أعلنه في الامم المتحدة، وهو السعي الى جعل لبنان مركزا دائما لحوار الثقافات والاديان، وستدعى الى هذا الحوار شخصيات دينية وثقافية كبيرة مثل شيخ الازهر. وتقول إنه “مجرد مشروع مطروح للبحث، ونعتقد أنه سيكون مقبولا من الجميع، ونحن في لبنان والمنطقة عموما أحوج ما نكون في هذه المرحلة الى حوار على هذا المستوى، ومن المهم جدا ولا سيما في زمن التقوقع والانغلاق، الانفتاح على الرأي الآخر”.

وكان موضوع الحوار مدار بحث بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقائهما في القصر الجمهوري قبل يومين.

نقلا عن “النهار اللبنانية

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.