مجلة مال واعمال

خسائر صناديق التحوط تتفاقم .. أسوأ أداء في 2008

-

5748f541ef86cقال المؤشر العالمي لأبحاث صناديق التحوط، إن خسائر تلك الصناديق ما زالت تتفاقم فقد بلغت منذ بداية العام الجاري 1.8 في المائة، فيما يعد أسوأ أداء لها منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
وخلال الربع الأخير من العام الماضي والربع الأول من العام الحالي بلغت قيمة التدفقات المالية المغادرة لصناديق التحوط عبر العالم 16.6 مليار دولار، فيما تشير التقارير إلى أن عدد صناديق التحوط التي أغلقت عبر العالم خلال العام الماضي قد وصل إلى 979 صندوقا.
وأصبح التساؤل الآن هو: هل وصلت صناديق التحوط إلى القمة وبدأت مرحلة الانحدار؟ أم أن الأمر لا يتجاوز حالة من البيت الشتوي تكمن خلالها تلك الصناديق وتبعد عن مغامراتها الاستثمارية المعتادة لتعيد ترتيب أوراقها ولتنتظر عما سيسفر عنه المشهد الاقتصادي العالمي قبل أن تعاود الانطلاق مجددا إلى عالم الأرباح المالية؟.
ويعد إلقاء الضوء على تاريخ تطور صناديق التحوط أمرا شديد الضرورة لاستشراف مستقبلها، ففي عام 1990 لم يتجاوز عدد صناديق التحوط في العالم 500 صندوق، كانت تستثمر نحو 40 مليار دولار، أغلبها إن لم يكن كلها لأثرياء منتشرون في أنحاء المعمورة.
وكان مفهوم صناديق التحوط غير متبلور في أذهان معظم المستثمرين، في ظل وجود العديد من التساؤلات حول طبيعة القادم الجديد إلى عالم المؤسسات الاستثمارية المالية؟ وعلاقته بعالم المصارف التقليدية؟ وسط شكوك أخرى تحيط بقدرتها على مواجهة التحديات المالية في تلك الفترة؟.
ولكن بحلول عام 2015، أصبح عدد صناديق التحوط حول العالم 9000 صندوق تقوم بإدارة نحو ثلاثة تريليونات دولار، إلا أن موجة الإغلاقات الأخيرة والخسائر التي تعرضت لها تشير في نظر البعض إلى أن علامات الاستفهام في أقل تقدير تحيط بمستقبلها.
وأوضح  تشارلز بنهام أحد المسؤولين عن إدارة الأصول المالية في مجموعة “جي إم إيه” للاستثمارات المالية، أن الأمر باختصار يتمثل في قدرة صندوق التحوط على الأداء، وتحقيق أرباح مرتفعة بغض النظر عن أوضاع البيئة الاقتصادية، فإذا فشل القيمون على صندوق التحوط في ذلك فإن المستثمرين يسحبون أموالهم إلى مجال استثماري آخر.
وأضاف بنهام، أن هناك تراجعا في وضعية صناديق التحوط حول العالم، وأحد المعايير هي الفرق الزمني بين إغلاق صناديق التحوط وإنشاء أخرى جديدة، ففي عام 2014 تم إنشاء 814 صندوقا وأغلق 661 صندوقا، والعام الذي يليه ضاقت الفجوة فقد تم تأسيس 785 صندوقا وأغلق 661، وخلال هذا العام ولأول مرة منذ اندلاع الأزمة المالية في عام 2008 يفوق عدد الصناديق التي أغلقت عدد صناديق التحوط الجديدة التي أعلن عن تأسيسها.
ويعتقد البعض أن شهر كانون الثاني (يناير) الماضي يعد الأسوأ في تاريخ صناعة صناديق التحوط منذ الربع الأخير في عام 2011، إذ بلغ إجمالي خسائر صناديق التحوط حول العالم 2.8 في المائة بل إن بعض من كبريات صناديق التحوط الدولية تعرضت لخسائر فادحة بلغت 18.6 في المائة، وتبدو المخاوف تجاه المستقبل واضحة في رأى بعض المختصين.
ويقول، الدكتور هنري ستيورت أستاذ نظم الاستثمار والاستشاري في عدد من صناديق التحوط الدولية، إن هناك توقعات متشائمة تجتاح الأسواق الآن بأن خسائر صناديق التحوط ستبلغ نحو 25 في المائة خلال العام المقبل نتيجة الأداء السيئ، وستمر الصناعة بأوقات عصيبة خلال الفترة المقبلة.
وأشار ستيورت إلى أنه إذا كان الوضع كذلك فلن يكون هناك أي مبرر للرسوم التي تفرضها صناديق التحوط حاليا على المستثمرين وتبلغ في المتوسط 2 في المائة على أصل رأس المال المستثمر و20 في المائة على الأرباح المحققة.
وبالفعل فقد خفضت بعض صناديق التحوط مثل مجموعة “تيدور” الاستثمارية التي تبلغ أصولها المالية 11.6 مليار دولار، وتعد أحد أقدم صناديق التحوط وأكثرها غلاء فيما يتعلق برسومها ونسبة الاستقطاعات من الأرباح، خفضت كل من الرسوم وحصتها من الأرباح المحققة من 2.75 إلى 2.25 في المائة، بعدما تراجع نصيبها من الأرباح من 27 إلى 25 في المائة.
وقد بررت المجموعة تلك الإجراءات بالرغبة في الإبقاء على مستثمريها وعدم انسحابهم منها، ومع هذا فإن المستثمرين على ما يبدو غير سعداء بهذه الاستقطاعات التي اعتبروها ضئيلة، حيث قاموا بسحب نحو مليار دولار من استثماراتهم في مجموعة “تيدور”.
وتعد الرواتب التي يحصل عليها كبار المديرين في صناديق التحوط أحد أبرز القضايا التي تناقش حاليا في تلك الصناعة، ورغم أن الصناديق تأثرت بضغوط تقلبات الأسواق العالمية منذ بداية العام، بانخفاض كبير في الاستثمارات، إلا أن الخسارة لم تؤثر في الرواتب والمكافآت المالية للمديرين في صناديق التحوط والمصنفة بين أعلي الرواتب والمكافآت المالية في العالم..
وأشارت بعض التقارير الاقتصادية إلى أن إجمالي الرواتب والمكافآت المالية التي حصل عليها العاملين في صناديق التحوط عبر العالم بلغ 13 مليار دولار في عام 2015 بزيادة 10 في المائة عن عام 2014.
وأوضحت إيف راندال الباحثة الاقتصادية، أن الأمر مرتبط بالطبيعة النخبوية للعاملين في مجال صناديق التحوط، إذ يفترض أن يكون القائمين على إدارة تلك الصناديق نخبة النخبة في مجال الاستثمار، والأكثر دراية ورؤية للمسار الذي ستسلكه التطورات الاقتصادية عالميا، وهذا يبرر إلى حد كبير الرواتب والمكافآت المالية الضخمة التي يحصلون عليها.
ويبدو الآن أن الكثير من صناديق التحوط التي تغلق حساباتها، ليس أمامها من خيار آخر غير الاستسلام، نتيجة البنية الاقتصادية الدولية التي تمر بأوقات صعبة، والضغوط الناجمة من جراء ذلك على الرسوم، وزيادة التكاليف المفروضة من الدول على إنشاء صناديق تحوط، إضافة طبعا إلى قرارات خاطئة اتخذتها تلك الصناديق فيما يتعلق بالاستثمار في قطاع الطاقة الذي يمر بأوقات عسيرة الآن.
ويقول ” جا. إم هالتون المحلل المالي في بورصة لندن، إن علينا أن نتذكر أن بعض صناديق التحوط الصغيرة تعتمد بالأساس على رؤوس أموال خاصة بمستثمر أو اثنين رئيسيين وانسحاب أحدهم يعني عمليا نهاية الصندوق، فنحو 75 في المائة من صناديق التحوط التي أغلقت عام 2015 لم يزد رأسمالها عن 100 مليون دولار.
وفي ضوء هذا التقييم، يعتقد البعض أن الأسواق ستشهد خلال الفترة المقبلة حالة من الاستقطاب المتزايد في صناعة صناديق التحوط لمصلحة الصناديق الكبيرة على حساب المجموعات الصغيرة منها.
وأشار  آستون هيرسون المحلل المالي في مجموعة “بي آند إم” لإدارة الثروات، إلى أن معدل الربح في صناعة صناديق التحوط بلغ 39 في المائة خلال عام 2014، مقارنة بـ 20 في المائة في الصناعات الدوائية، و8 في المائة في مجال السلع الاستهلاكية، وقد وصل إجمالي قيمة الأرباح في 2014 نحو 102 مليار دولار.
وبحسب هيرسون فإن الوضع الآن مختلف، فكبار المديرين يواجهون تحديات متصاعدة في الأسواق، فلدينا أزمة اقتصادية في الأسواق الصينية من جراء تباطؤ النمو، فيما تواجه الاقتصادات الناشئة أوضاعا اقتصادية صعبة، أما معدلات النمو في اليابان والاتحاد الأوروبي فهي أقرب إلى الركود، وهو ما يعنى أن البيئة الاقتصادية العالمية متقلبة وغير إيجابية، وهذا سيدفع حتما إلى خروج العديد من صناديق التحوط الصغيرة لعدم قدرتها على تحقيق معدلات ربح عالية.