وأشار محللون إلى أن الدور الأجنبي كان واضحاً في تحريك السوق في الاتجاه الصاعد خلال يناير الماضي، مما شجع على عودة السيولة مرة أخرى إلى الأسواق لتستكمل موجة صعود رشحها البعض للاستمرار فترة طويلة، اعتماداً على المستويات السعرية المتدنية جداً لكافة الأسهم بالسوق، والتي تقل قيمتها بشكل كبير عن قيمتها الدفترية، ما يسمح بمساحة حركة كبيرة دون قلق من جانب المستثمرين، وهو ما حدث بالفعل مع إقبال المستثمرين على السوق مرة أخرى، عقب فترة ترقب وانتظار خارج التعاملات.
سلاح ذو حدين
وأسهمت عودة الكثير من السيولة الحذرة التي ظلت تتحين الفرصة المناسبة للعودة إلى السوق، في زيادة الزخم الذي أطلقه المستثمرين الأجانب، لتسجل السوق قفزة كبيرة، بنحو 400 نقطة، بنهاية تعاملات الأحد الماضي، بعد إغلاقه عند أعلى مستوى له منذ نهاية 2010، مسجلاً 1754 نقطة، بارتفاع يقارب 30%، مقارنة بنحو 1353 نقطة في نهاية العام الماضي.
وقال المحلل المالي وائل أبومحيسن، مدير التداول في شركة الأنصاري للخدمات المالية، إن الأجانب يشكلون سلاحاً ذا حدين، حيث يظهرون بقوة عندما تكون السوق في الاتجاه الصاعد، فيما يختفي دورهم في حالة المسار الهابط، وهو ما يستوجب وجود قوة موازية، حتى لا نترك لهم الملعب بكامله”.
وأضاف “نريد مؤسسات وطنية لرفع مستويات الثقة، والتأكيد على وجود المواطنين، وعدم الهرولة لتحقيق أرباح سريعة”.
وأشار إلى أن تدني مستويات الثقة، يجعل المتعاملين خائفين من أي تحرك غير عادي، وهو ما يجعلهم يقتفون أثر الأجانب، على اعتبار أن حركتهم مبنية على معلومات وتحليلات، وتزداد هذه الحركة الهلعية في ظل سيطرة المضاربات على نحو 90% من تعاملات السوق، ما يجعل الأجانب يقودون حركة التداولات في السوق الضيعف من الأساس”.
وأظهرت حركة تعاملات الأجانب في سوق دبي المالي خلال يناير وفبراير الماضيين، أن محصلة تعاملات الأجانب تميل إلى الشراء، رغم ظهور عمليات البيع بكثافة خلال الفترة الأخيرة من فبراير.
وأوضح أبومحيسن، أن الأجانب خلال الفترة التي سبقت موجة الصعود الأخيرة مباشرة، كان الأجانب وحدهم من يحققون صافي شراء في الأسواق الإماراتية، وهو ما انعكس بشكل واضح على اتجاه السوق إلى الصعود، وتحول الكثير من المتعاملين إلى مشترين، لينتهي الأمر إلى تحقيق موجة صعود سيكون الأجانب أكبر المستفيدين منها، استناداً إلى أن أغلب الأموال الأجنبية تابعة لمؤسسات لها كيانات كبيرة، وتتحرك بشكل مدروس.
وطالب بدخول صناديق وطنية كبيرة، بهدف زرع الثقة بعيداً عن تحقيق الربح، وفي مقدمتها صندوق التقاعد، لما لذلك من آثار إيجابية على تحركات المتعاملين، نظرتهم الاستثمارية للسوق.
السيولة الأجنبية
أما المحلل المالي والخبير الاقتصادي، وضاح طه، فأكد أن موجة الصعود الأخيرة في سوق دبي، بالرغم من أن بدايتها جاءت عن طريق الأجانب، فإن من يقودها هو الاستثمار الفردي المحلي، وأن السيولة الأجنبية الساخنة غائبة عن السوق خلال الفترة الحالية، ولهذا بدأنا نرى النظرة الاستثمارية في أداء الكثير من المتعاملين، وابتعادهم عن المضاربات السريعة.
وأشار طه إلى أن الاستثمارات الأجنبية المؤثرة هي التي تقوم المؤسسات، أما الأفراد فلا يختلفون كثيراً عن غيرهم من المستثمرين في السوق.
وأوضح أن التأثير الأجنبي الكبير على حركة السوق، انحسر كثيراً عن السابق، لأنه كان مبالغا فيه من الأساس، ولا يتناسب مع حجمهم الحقيقي في السوق، مضيفاً أنه يمكن القول إن السوق تحررت من سيطرة الأجانب، وأصبح دورهم غير مؤثر بشكل كبير على الأداء خلال الفترة الماضية.
ولفت طه إلى أن انحسار التأثير الأجنبي جاء بدعم من تحسن نفسيات المستثمرين المحليين والعرب، في تأكيد على التطرف الانفعالي في حالة التفاؤل أو التشاؤم، مضيفاً “أن الكثير من المستثمرين اكتشفوا حالة التشاؤم السلوكي التي كانوا يعيشون فيها بدون استناد إلى الواقع، وبالتالي يحاولون الآن تعويض ما فاتهم خلال الفترة الماضية، كتصحيح لحالة نفسية سابقة”.
من جانبه أكد المحلل المالي، خالد درويش، أن دور الأجانب قد تقلص كثيراً، خلال الفترة الأخيرة، وأن الخسائر الحالية طبيعية، بعد موجة الصعود الكبيرة خلال أقل من شهرين، مع التأكيد على دورهم في حدوث هذه الموجة الخضراء منذ يناير الماضي، ولكن من يدعم الصعود حالياً هي المحافظ والاستثمارات المحلية التي تتحرك بنظرة استثمارية متوسطة وطويلة الأجل، لا يؤثر فيها التذبذب أو التشويش الذي ينتج عن المضاربات الأجنبية.
وأشار إلى أن الأجانب يأخذون وزناً أكبر من حجمهم الطبيعي بكثير، نتيجة وجود الكثير من المستثمرين العالقين في أسهم كثيرة اشتروها على أسعار مرتفعة قبل الأزمة المالية، ومع عدم حاجتهم للسيولة خلال هذه الفترة، ابتعدوا عن الأسواق لحين تحسن الأوضاع، مما جعل الكميات المتداولة من الأسهم محدودة، ويسهل التحكم فيها عن طريق الأجانب خاصة.