وقالوا في تصريحات لصحيفة عكاظ السعودية إن عصر الطاقة الرخيصة انتهى منذ العام 2003، مع الغزو الأمريكي للعراق الذي رفع الأسعار من 27 دولارا للبرميل إلى أكثر من 100 دولار.
واتفق الخبراء مع ما جاء في تقرير الصندوق الذي صدر أمس الأول، بشأن ترشيد الإنفاق الحكومي خوفا من مؤشرات عجز في الميزانيات الخليجية بداية من العام 2014 إلى 2017 مؤكدين أن التحدي الرئيسي الذي يواجه الدول الخليجية، هو ضرورة تنويع قاعدتها الاقتصادية، وعدم الاعتماد فقط على الاقتصاد الريعي.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي الدكتور سيد الخولي لاشك أن المعلومات الواردة في التقرير تنطلق من دراسات ومعلومات جادة حيث تم استخلاص النتائج التحذيرية من واقع قراءات في الأرقام المنشورة والإحصائيات لاستنباط وتوقع الحال الاقتصادي في المستقبل القريب في ظل فرضيات معينة، واستنادا إلى النظريات الاقتصادية وقواعد التنبؤ الإحصائي وخبرة دول أخرى في ظروف تاريخية مشابة.
وأضاف أنه رغم أن هذه التوقعات يغلب عليها طابع التشاؤم، بسبب انعدام العناصر التي تدعو إلى التفاؤل بمستقبل الاقتصاد العالمي وحالة الأسواق وخاصة سوق النفط والطاقة، فإن معظم إن لم يكن كل التحذيرات التي أطلقها صندوق النقد الدولي سبق وأن أطلقها عدد من خبراء الاقتصاد في المملكة.
وشدد الخولي على أنه لا يمكن إنكار وجود الإنفاق الحكومي الكبير، سواء على القطاعات الإنتاجية والبنية الأساسية أو على المدفوعات الاجتماعية، إلا أن مصدر قوة هذا الإنفاق هو ضخامة إيرادات النفط الحالية، ولكن يتفق الجميع على أنه مهما كانت الإيرادات الحالية كبيرة فإن نضوب النفط ولو بعد مئة عام يستوجب تنويع القاعدة الاقتصادية والتأكد الفعلي من استغلال الإيرادات الحالية لتنمية الاقتصاد، وتأسيس القدرة على مواجهة احتمالات انخفاض عائدات النفط وبالتالي عدم وجود إيرادات كافية للإنفاق على عدد متزايد من السكان.
ويرى الدكتور حبيب الله التركستاني أستاذ التسويق في جامعة الملك عبدالعزيز إن المملكة راعت إحداث التوازن المطلوب بإطلاق سلسلة من البرامج الاجتماعية والاقتصادية لحل الأزمات المزمنة مثل البطالة حيث خصصت 27 مليار ريال لإعانة الباحثين عن عمل خلال عام واحد فقط، كما دعمت صندوق التنمية العقارية والإسكان الشعبي لمواجهة الارتفاع في الايجارات، وتوفير مساكن للمواطنين خاصة من ذوي الدخل المحدود، مشيرا إلى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة حظيت بدعم متواصل خلال السنوات الماضية.
وأضاف أن هذه العوامل ساهمت مجتمعة مع غيرها في احتواء معظم آثار ارتفاعات الأسعار نتيجة السيولة، مؤكدأ على أهمية الإنفاق المدروس الذي يعزز من القيمة الاقتصادية المضافة للاقتصاد الوطني لاسيما في مشاريع النقل والموانئ والمدن الاقتصادية المختلفة.
من جهته حذر الاقتصادي الدكتور عبدالعزيز إسماعيل داغستاني رئيس دار الدراسات الاقتصادية في الرياض، من ارتفاع الإنفاق الحكومي الاستهلاكي المخصص للرواتب والأجور والمكافآت، والذى يصل إلى أكثر من 40 في المئة من الميزانية.
واعتبر داغستاني أنه يؤثر بشدة على جوانب الإنفاق الأخرى مثل مشاريع البنية التحتية، والإنفاق على المشاريع الإنتاجية المختلفة للدولة. وحول السيناريو الأسوأ الذي وضعه صندوق النقد لأسعار النفط، والذي بموجبه قد تنخفض إلى 30 دولارا للبرميل.
وأكد إنه من الضروري أخذ كامل الاحتياطات، ولكنه استبعد الوصول إلى هذا السيناريو، معتبرا أن زمن النفط الرخيص ولى إلى غير رجعة منذ العام 2003، مع الغزو الأمريكي للعراق الذي رفع الأسعار من 27 دولارا للبرميل الى أكثر من 100 دولار.
من جانبه، اعتبر عضو مجلس غرفة جدة، الخبير الاقتصادي، غازي عبدالله أبار أن مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز التي أعلنها في قمة العشرين قبل عدة أعوام، بإنفاق 400 مليار دولار على المشاريع التنموية خلال خمس سنوات، عززت من ثقة المؤسسات الدولية بالاقتصاد السعودي، ولكنه دعا إلى ضرورة أخد دعوة الصندوق بعين الاعتبار استنادا إلى الدورة الاقتصادية المعروفة التي تشير إلى أن كل نمو اقتصادي لا بد أن يتبعه تراجع ما لفترة زمنية ليست بالقصيرة.
وقال إن تقليل مخاطر ارتفاع الإنفاق في المملكة مرهونة بعدة عوامل رئيسية، في صدارتها المضي بقوة نحو تنويع القاعدة الاقتصادية للمملكة، وعدم الاعتماد على النفط بشكل كلي في الإيرادات من خلال دعم الزراعة والصناعة والبنية الإنتاجية بشكل كامل.