مازالت الخطة التي أعلنها الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد رئيس المجلس الاقتصادي والتنمية، والتي أطلق عليها “رؤية السعودية 2030″، تشغل الاقتصاديين، في الوقت ذاته تحولت شركة “أرامكو” السعودية إلى الشغل الشاغل والحديث الأهم لوسائل الإعلام العالمية مع ترقب العالم لطرح ما أقل من5% من الشركة للبيع وإدراج أسهمها للتداول في ثلاث بورصات عالمية، إضافة إلى سوق الأسهم السعودي الذي ستشكل الشركة العملاقة عمقاً جديداً ومهماً له خلال السنوات القادمة.
وكانت وسائل اعلام أميركية قد نشرت تقارير متعددة حول أهمية هذه الشركة العملاقة، حيث إنها تتميز بست حقائق مهمة باتت عنوانا يتوقف عنده المراقبون والمحللون مشيرة الى أن هذه الحقائق الست هي عبارة عن ستة أرقام مرعبة تتعلق بالشركة وينبغي أخذها بعين الاعتبار عندما يتم طرحها في السوق.
وتبقى الشركة السعودية مصدرا رئيسيا لتصدير النفط لأميركا لأكثر من مليون برميل نفط يومياً، فيما تشتري اليابان مليوناً ثانية أيضاً والهند مليوناً ثالثة، أما الصين فتشتري حالياً 1.4 مليون برميل يومياً من شركة “أرامكو” التي تشكل أكبر مصدر منفرد للنفط بالنسبة للصين التي تمثل ثاني أضخم اقتصاد في الكون. ويقول التقرير إن “أرامكو” تبيع 75% من إنتاجها النفطي للخارج بينما تبيع الباقي بأسعار تفضيلية مخفضة للسعوديين.
عيون المستثمرين تترقب طرح عملاق النفط العالمي
كما أن أرامكو تمثل رقماً مرعباً في عالم النفط والطاقة اليوم فهو أن تكلفة إنتاج النفط بالنسبة لشركة “أرامكو” هو الأدنى في العالم حالياً، حيث يشير تقرير شبكة “سي أن أن” الى أن السعودية والكويت وحدهم في العالم اليوم قادرون على بيع إنتاجهم النفطي بأقل من عشرة دولارات دون أن يتكبدوا خسائر.
وبحسب التقرير فإن مختلف دول العالم المنتجة للنفط تواجه معاناة كبرى عندما تنخفض أسعار النفط بصورة كبيرة، وهو الأمر الذي لا ينسحب على السعودية الذي تستطيع أن تضخ البرميل بأقل من عشرة دولارات دون أن تتضرر من ذلك.
وتفسر هذه الحقيقة كيف ولماذا لا تزال السعودية تتمسك بمستويات الانتاج الراهنة من أجل الابقاء على حصتها السوقية، دون أي اكتراث بهبوط الأسعار.
أما فيما يتعلق بعدد الموظفين في “أرامكو” حيث يشتغل في هذه الشركة العملاقة أكثر من 65 ألف موظف، في الوقت الذي يبلغ فيه العدد الاجمالي لسكان المملكة 28 مليون نسمة، ما يعني أن الشركة وحدها تستحوذ على نسبة كبيرة ومعتبرة من إجمالي القوى العاملة في السعودية.
ورغم أن الـ65 ألفا يعتبر رقماً عملاقاً إلا أن “أرامكو” تتوقع إيجاد فرص عمل لأكثر من 200 ألف شخص بعد أن تتوسع في مشروعاتها مستقبلاً، على أن ترتفع القوة العاملة الى نصف مليون شخص خلال عقد واحد من الزمان، أي خلال السنوات العشرة المقبلة. أما الرقم الفلكي والمرعب الرابع يتعلق باحتياطات النفط التي تنام عليها شركة “أرامكو” حيث تقول الشركة أن لدى المملكة احتياطات نفطية تزيد عن 261 مليار برميل، وهو ما يعطي الشركة مصادر للدخل والتوسع طوال السنوات المقبلة.
وتنقل شبكة “سي أن أن” الأميركية عن تقارير متخصصة ومعتبرة تقديرها بأن احتياطات المملكة من النفط تصل الى 267 مليار برميل، وليس 261 فقط، وهو ما يشكل 16% من اجمالي احتياطات النفط في العالم بأكمله. من جانب آخر فإن الحقيقة الأخرى فإنها تتعلق بإنتاج “أرامكو” من النفط، حيث تشير البيانات الى أن واحداً من بين كل ثمانية براميل يتم انتاجها في العالم يكون مصدرها السعودية، وتحديداً “أرامكو”، وهو ما يعني أن شركة “أرامكو” تتربع على عرش أكبر منتجي النفط في العالم، وتنتج وحدها 12% من البترول في الكون. أما المفاجأة فهي ما أعلنه الأمير محمد بن سلمان رئيس المجلس الاقتصادي والتنمية للعالم عندما قال بأن قيمة صندوق الاستثمارات السيادية سوف يصل أو يتجاوز التريليوني دولار بعد ضم “أرامكو” له، فضلاً عن أن محللين يتوقعون بأن تصل “أرامكو” وحدها الى تريليوني دولار أميركي.
أكبر عملية تخصيص في العالم
وحتى موعد الطرح للشركة النفطية العملاقة فإن عيون المستثمرين ستتركز على حجم الأسهم وتفاصيل الاكتتاب والحصة المطروحة. المحللون اتفقوا في اتصال مع ” العربية.نت” إن الحديث عن طرح أرامكو سيظل هو شاغل السوق، فهذه الشركة تضخ 12% من إمدادات النفط في العالم، أما قيمتها فتقدر بأضعاف قيمة شركات نفط أميركية كما أنها تتربع على أكبر احتياطي للنفط في العالم.
ويشير المحللون إلى أن عملية الطرح ستكون أكبر عملية تخصيص في العالم، مما يرشح انتعاشا غير مسبوق للأسواق العالمية، ويؤكد المحللون أن هذا الطرح لأكبر الشركات السعودية يعني أن المملكة قد قررت المضي في التنويع الاقتصادي وأنها تنتقل لمرحلة جديدة في الاعتماد على الموارد، في الوقت ذاته فإن السعودية قد وضعت خططا لتحويل الشركة الى منتج صناعي وتعديني عالمي، كما أن الواردات من الطرح سوف تشكل قاعدة مالية ضخمة لأكبر صندوق سيادي في العالم .
ويري المحللون أن هذا التحول الاقتصادي للسعودية من بلد منتج للنفط كمصدر رئيسي الى بلد مستثمر عالمي من شأنه أن ينعش قطاعات اقتصادية داخل المملكة مثل العقار، وجذب الاستثمار الأجنبي، وإطلاق قاطرة الشركات المحلية مع انتعاش المقاولات، ولفت المحللون إلى أن طرح أرامكو سوف ينعش الأسواق الخليجية المجاورة حيث سيرى المستثمرون في هذا الاكتتاب نموذجا اقتصاديا ناجحا وغير مسبوق في الاقتصاد الخليجي.