اعتبر خبراء ماليون ومحللو أسواق مالية، أن انطلاق «صانع السوق» في سوق أبوظبي للأوراق المالية، هو بداية عهد جديد لأسواق الأسهم المحلية، وخطوة مُحفزة تُمهد الطريق نحو ارتقاء الأسواق من فئة ناشئة إلى فئة مُتطورة ومُتقدمة، وهو خطوة على طريق العالمية.
وأشار وضَّاح ماجد الطه، رئيس الاستثمارات في مجموعة شركات الزرعوني، إلى أن «صانع السوق» سمة من سمات الأسواق الناشئة، مُعتبراً أن انطلاقة بنك أبوظبي الوطني بصفته صانعاً لسوق أبوظبي للأوراق المالية مُجرد بداية لدخول عدد أكبر من صُنَّاع الأسواق، وتعميم هذه التجربة على أسواق الأسهم المحلية.
وأضاف: «الأسواق المُتقدمة تتطلب توافر عدد من صُنَّاع الأسواق، فعلى سبيل المثال هناك أكثر عن 500 صانع للسوق في بورصة ناسداك في نيويورك، علاوةً على وجود صانع للسوق على الأسهم من خارج أروقة السوق، وفي بورصة فرانكفورت، تتولى الشركة المُدرجة عملية اختيار «صانع السوق» لسهمها تحت مُسمى داعم السهم أو داعم السوق، ولا تتدخل إدارة السوق في هذا الاختيار، حيث إن الأدوار التي يقوم بها صُنَّاع الأسواق في الأسواق المتقدمة تُعتبر كثيرة التشابك، إلا أنها في بورصة أبوظبي تُعد بداية إيجابية تُشير إلى خطوة جيدة نحو الاتجاه الصحيح في مسار أسواق المال في الدولة».
توزيع السيولة
وعلى نفس المنوال، قال محمد علي ياسين، العضو المنتدب في شركة أبوظبي الوطني للأوراق المالية، إن وجود صانع للسوق في أسواق الأسهم المحلية يُمثل ضمانة لأكبر توزيع ممكن للسيولة الاستثمارية التي تحظى بها أسهم الشركات المدرجة في الأسواق، مُشيراً إلى وجود أكثر عن 100 شركة مُدرجة في الأسواق، بيد أن السيولة تتجه حصرياً صوب عدد يتراوح بين 20 إلى 30 شركة فقط، مُشدداً على وجود صُنَّاع سوق على تداولات هذه العدد الكبير من الأسهم، بما يعزز من جاذبية وتوسيع القاعدة الاستثمارية للأسواق المالية في الدولة، لتشمل كافة أسهم الشركات المُساهمة المُدرجة.
وأوضح أن قطاع التأمين على الرغم من تمتعه بنتائج مالية جيدة وأرباح مُستقرة تزيد من حظوظ ريع أسهمه، بيد أنه يعاني عزوف شريحة كبيرة من المستثمرين عن التداول على أسهمه، الأمر الذي يُولّد فروقات شاسعة بين عمليات الشراء والبيع على أسهم شركات التأمين، مُؤكداً أن من خلال إيجاد صانع سوق لأسهم هذه الشركات المُدرجة سيكون له دور إيجابي في رفع مستوى التداولات على هذه الشركات.
وتابع: «إن الأهم في أسواق الأسهم المحلية أن نرى أكثر من صانع سوق واحد، حيث إن وجود صانع سوق وحيد يمثل مخاطرة كبيرة عليه، بينما التعدد يعزز من سياسة تنويع وتوزيع المخاطر، إلى جانب أن يكون هناك صناع للسوق متخصصون بحسب قطاعات السوق يتمركزون في الأسواق».
معايير وأدوات
وبدوره، قال طلال أسعد طوقان، رئيس الأبحاث في الرمز كابيتال، إن وجود «صانع السوق» في سوق أبوظبي للأوراق المالية يُمثل مطلباً رئيساً يُمكّن السوق من تطوير أدواته الاستثمارية للوصول إلى فئة الأسواق المتطورة، مُشيراً إلى أن تفعيل «صانع السوق» في سوق أبوظبي يُجسد الطموح الذي تصبو إليه الأسواق المالية المحلية عبر تطوير معاييرها وأدواتها وتنويع خياراتها الاستثمارية، وفقاً لأفضل الممارسات العالمية في هذا الخصوص، وبما يضمن لها الارتقاء إلى فئة الأسواق المالية المتطورة.
وأشار الخبير المالي، عميد كنعان إلى أن وجود «صانع السوق»، يُسهم بصورة كبيرة في الارتقاء بالأسواق المالية المحلية من فئة أسواق ناشئة إلى فئة أسواق متقدمة، مُضيفاً أنه يعتبر كذلك مطلباً لزيادة عمق الأسواق، ويُشكل حاجة ماسَّة لاستقرارها من خلال كبح جماح التذبذبات، باعتباره صمام أمان لفاعلية أداء الأسواق المالية المحلية.
وأوضح كنعان أن الخبرات التي أكدتها أسواق المال المحلية خلال الفترات السابقة أظهرت الكثير من الفجوات التي نشأت نتيجة عدم وجود «صانع السوق».