تسيطر على الاقتصاد المصرى حالة من الغموض المستقبلي بالتوازي مع حالة التدهور التي يتعرض لها منذ أكثر من عام ونصف، حتى مع وجود رئيس جديد يمثل بداية للاستقرار، سيظل هذا الغموض سمة حاكمة تجاه ما سيفعله هذا الرئيس لتعويض تراجع معدل النمو والذي تقول أكثر التوقعات المتفائلة إنه لن يتجاوز 2% العام القادم.
ويرى الاقتصاديون أن حالة الغموض تلك تضاعفت بعد قرار المجلس العسكري الحاكم في مصر بحل البرلمان تنفيذاً لحكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان مجلس الشعب وتجدد المظاهرات اعتراضاً على قرار حل البرلمان، موضحين أن الرئيس الجديد بحاجة إلى 20 عامًا للوصول بمعدل النمو لـ%7، حيث إن الوصول لتلك النسبة خلال أربع سنوات صعب للغاية، فى ظل حالة التردد والتراجع الذي حدث في مؤشرات الاقتصاد المصري خلال الـ17 شهراً الماضية، بحسب صحيفة “اليوم السابع” المصرية.
ويتلخص تعريف معدل النمو الاقتصادي في أنه زيادة كمية السلع والخدمات التي ينتجها الاقتصاد، وهو المقياس الأفضل لأداء الاقتصاد بشكل عام، فالدول التي تتمتع بنمو اقتصادي مستمر تتمتع بقدر عال من الرفاهية الاجتماعية والإنفاق الاستهلاكي المرتفع وازدياد عدد الوظائف، أي أن اقتصادها يكون بحالة جيدة.. لذلك فإن ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي يدعم قوة الاقتصاد ويدعم العملة، وكذلك يزيد من احتمالات رفع معدل الفائدة، والعكس صحيح، ولقياس النمو الاقتصادي يستخدم مؤشر الناتج المحلي الإجمالي.
ومن جهته، قال الخبير الاقتصادي إبراهيم العيسوي إن الحديث عن نسب نمو عالية بهذا الشكل في الوقت الحالي أو بعد 4 سنوات مجرد “مبالغات” خاصة بعد عودة التظاهرات إلى الميادين اعتراضاً على حل البرلمان ودخول البلاد مرحلة صعبة تشير إلى عودة الأمور إلى نقطة الصفر، قائلاً: “الرئيس القادم أمامه 20 عاماً للوصول بمعدل النمو إلى تلك النسب المرتفعة”.
ويتحدث برنامج المرشح الرئاسي محمد مرسي عن مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال 10 سنوات برفع متوسط معدل النمو السنوي من 1.7% إلى 7%، بينما يؤكد مشروع النهضة أنه سيتم مضاعفة الناتج المحلي خلال 5 سنوات فقط باستخدام نفس الأداة وهي رفع معدل النمو إلى 7%.
وأضاف العيسوي أن الأزمة الكبيرة التي تواجه الاقتصاد المصري في الوقت الحالي هي عدم الاستقرار السياسي الذي يصاحبه انفلات أمني يؤدي إلى هروب الاستثمارات بكثافة، خاصة أن القلق مازال يسيطر على المستثمرين العرب والأجانب في ظل هذه الأجواء السيئة والاضطرابات والمشاكل المتوقعة بين القوى السياسية والتنفيذية في مصر.
وقال العيسوي إن القوى الثورية والأحزاب التي لم تتفق مع الآخر وتتصارع من أجل المناصب هي سبب أيضا في ضعف الاقتصاد المصري لعدم توفير جو ملائم يسمح بالاستثمار أو العمل على النهوض به، موضحاً أن ذلك يأتي على النقيض تماما مع ما أعلنه وزير المالية، الدكتور ممتاز السعيد، أن مؤشرات أداء الموازنة العامة والاقتصاد المصري تشير بوضوح إلى تعافي الاقتصاد من أزمته الأخيرة وأنه مؤهل خلال الفترة المقبلة للانطلاق واستعادة معدلات نموه الطبيعية.
من جانبه، قال الدكتور مصطفى السعيد وزير الاقتصاد الأسبق إن المؤشرات تؤكد أن الاقتصاد المصري ربما يعود إلى النقطة “صفر”، خاصة بعد الاعتراضات التي بدأت تظهر من قبل القوى والتيارات السياسية والتي تشير إلى أزمة وشيكة بين التيارات الإسلامية والمجلس العسكري الحاكم في مصر بعد قرار حل البرلمان.
وأضاف أن الأحداث تدفع بالاقتصاد للدخول في نفق مظلم، خاصة ونحن على أبواب شهر رمضان الذي يتضاعف فيه حجم استهلاك المصريين لجميع السلع، فيما يرى البعض الآخر أن تأثير هذه الأحداث مؤقت على القطاعات شديدة الحساسية للأحداث الاقتصادية كالبورصة وجذب الاستثمارات الأجنبية إلا أنها سرعان ما يزول أثرها ويعاود الاقتصاد نشاطه، ولكن على أسس وقواعد جديدة أكثر شفافية لصالح الغالبية العظمى من الشعب، وليس فئة أو شريحة محددة.
وكانت الحكومة قد أعلنت قبل أيام عن وجود توقعات قوية بأن يرتفع معدل النمو الاقتصادي لمصر بنسبة تصل إلى ما يقرب من 4.5 %، وذلك في ظل ثبات البنية التحتية للاقتصاد المصري دون وجود خلل أثر عليه في الفترة الماضية.
وأشارت وزيرة التخطيط والتعاون الدولى، فايزة أبوالنجا، في تصريحات لها مؤخراً إلى ارتفاع حجم الصادرات بنسبة 16% وزيادة معدل التدفق السياحي بنسبة وصلت إلى ما يقرب من 10.2%، مشيرة إلى أن صندوق النقد الدولي وضع مصر بين 4 دول توقع أن تحقق أعلى نسب نمو في عام 2017. ويواجه الرئيس القادم عقبات اقتصادية تحول بينه وبين تحقيق معدل نمو يفوق 7%، ومعدلات التضخم وصلت إلى 12% والاستثمارات الأجنبية تراجعت إلى أقل من 20% عما كانت عليه وانخفض معدل النمو الاقتصادي إلى 1.5% وتضاعفت معدلات البطالة وتراجعت معدلات السياحة إلى الثلث.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-2sH