رجح خبراء اقتصاديون أن تتعافى أسواق النفط العالمية خلال العام الحالي، لكن ضمن نطاق محدود في ظل مؤشرات الإنتاج الحالية والأوضاع السياسية الراهنة.
واستبعد هؤلاء أن يرتفع النفط فوق 70 دولارا للبرميل، فيما توقعوا أن يتحسن سعر صرف العملة الأميركية مقابل العملات الأخرى في ظل إمكانية عودة التعافي للاقتصاد الأميركي.
وعلى صعيد عملة الاتحاد الأوروبي؛ أشار الخبراء إلى أن استمرار تواضع أداء اقتصادات هذه الدول سيكبح جماح ارتفاع اليورو خاصة في ظل ما تعانيه اليونان وفرنسا.
وفي المقابل؛ رجح الاقتصاديون أن يحافظ سعر الذهب عالميا على مستوياته باعتباره أحد الملاجئ الآمنة للاستثمار، لا سيما في ظل ما يجري على صعيد الأوضاع الاقتصادية والسياسية.
ويرى الخبراء أن كل تلك التوقعات سواء للنفط والعملات والمعادن يجب أن تتم دراستها من قبل صانعي القرار خلال العام الحالي، لا سيما وأن تحركات بعضها سيكون له الأثر المحلوظ على الاقتصاد الوطني.
وبدأ سعر برميل النفط بالهبوط التدريجي عالميا منذ شهر حزيران (يونيو) الماضي ليخسر نحو 47 % من قيمته؛ إذ كان يبلغ 107 دولارات إلى أن وصل أخيرا إلى نحو 57 دولارا، وذلك نتيجة لانكماش الطلب العالمي عليه في ظل استمرار زيادة العرض.
الخبير العراقي والمختص في شؤون النفط لهب عطا عبدالوهاب، قال “إن سعر البيع الآجل للنفط يتفوق على السعر اليومي حاليا، ولذلك فإن المضارب في أسواق النفط من مصلحته أن يحتفظ بالمخزون لديه حتى يرتفع السعر ويربح”.
وأضاف “أن العامل السياسي في المنطقة يلعب دورا مهما في التأثير على أسعار النفط”.
وبين أن التوجه الأميركي لإضعاف الاقتصاد الروسي والإيراني يعد عاملا مهما في تحديد أسعار النفط.
وأضاف عبدالوهاب أن القلق من توقف الإمدادات في منطقة الشرق الأوسط المتوترة يؤثر هو الآخر على توجه سعر النفط.
ويرى عبدالوهاب أن سعر برميل النفط لم يصل إلى الحد الأدنى حتى الوقت الراهن؛ متوقعا أن لا يتجاوز معدل سعر برميل النفط خلال النصف الأول من العام الحالي 50 دولارا. في حين توقع أن يعود سعر النفط للتعافي خلال النصف الثاني من العام الحالي لأسباب تتعلق بالطلب.
لكن؛ استبعد عبد الوهاب أن يعود سعر برميل النفط لمستويات الـ100 دولار كون ذلك يحتاج لفترة أطول.
أما بالنسبة لتأثير توجهات سعر النفط على المملكة؛ قال عبدالوهاب “إن المتضرر من هبوط أسعار النفط هو الدول المنتجة وليس المستوردة، والأردن بلد يستورد نسبة كبيرة من الطاقة الا أنه قد يتأثر من حوالات المغتربين بشكل طفيف”.
في حين رجح عبدالوهاب أن يستمر سعر صرف اليورو بالتذبذب هذا العام نتيجة للانكماش والركود في منطقة اليورو إلى جانب العجز في كل من اليونان وإسبانيا وإيطاليا والبنوك المتعثرة في بعض دول الاتحاد الأوروبي.
أما بخصوص المعدن الأصفر؛ فتوقع عبدالوهاب أن يحافظ سعر الذهب على مستوياته هذا العام كونه الملاذ الآمن للمستثمرين، وكون النفط مقوما بالدولار وليس بالذهب.
في حين يرى رئيس نقابة أصحاب محلات الحلي والمجوهرات أسامة امسيح، أن الذي يتحكم في أسعار الذهب حاليا هم المضاربون وصناديق الاستثمار أكثر من عمليتي العرض والطلب في السوق العالمية.
ويرى أنه لم يكن هناك ارتباط هذه المرة بين أسعار الذهب والنفط؛ إذ إن هبوط سعر النفط لم يدفع للتهافت على شراء الذهب، ولكن العامل المشترك بينهم هو سعر صرف الدولار.
وبين امسيح أن استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار واحتمالية رفع أسعار فوائده سيؤدي إلى انخفاض أسعار الذهب، في حين أن انخفاض فوائد العملات الأخرى كالعملة الأوروبية سيؤدي إلى البحث عن أحد الملاذات الاستثمارية وهي الذهب.
وتراجع سعر الذهب في نهاية تداولات الأسبوع الماضي مع صعود الدولار الذي طغى على نزول الأسهم الأوروبية قبل صدور بيانات الوظائف الأميركية التي تترقبها السوق، ويتجه المعدن إلى تسجيل أكبر خسائره الأسبوعية في نحو شهرين.
وإذا جاء تقرير الوظائف الأميركية لشهر كانون الثاني (يناير) الماضي قويا، فإنه سيعزز التوقعات لرفع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة بحلول منتصف العام، وهو ما يقوض شهية المستثمرين للأصول التي لا تدر عائدا مثل الذهب.
لكن؛ إذا جاءت بيانات الوظائف ضعيفة، فإنها قد تؤثر سلبا على الدولار بما يعزز أسعار المعدن الأصفر.
إلى ذلك؛ بين امسيح أن انخفاض سعر صرف اليورو لتلك المستويات دفع المواطن الأوروبي للتخلي عن عملته كاستثمار واللجوء إلى الذهب، مما زاد الطلب عليه.
وأضاف “في حال استمر نزول اليورو وبحث المستثمرين عن ملجأ آمن، فإن ذلك سيرفع أسعار الذهب العام الحالي”.
لكن؛ قال امسيح “إن كل ذلك مرتبط بالأحداث كونه يوجد ضغط على أسعار الذهب للنزول من قبل مضاربين”.
ونزل سعر صرف اليورو في نهاية تداولات الأسبوع لأدنى مستوى له في الجلسة أمام الدولار إلى 1.13520 بعد صدور بيانات الوظائف الأميركية، وبذلك يكون اليورو قد فقد من قيمته خلال نحو عام ما نسبته 20 %.
بدوره؛ قال الخبير الاقتصادي والمالي مفلح عقل “إن النفط سلعة سياسية وتتأثر بالأحداث في المنطقة بشكل كبير”. وأشار إلى وجود قوة تضغط على سعر برميل النفط إلى جانب تنافس دول الخليج على إمدادات شرق آسيا لزيادة حصتها.
ويرى عقل أن النمط الماضي بالنسبة لأسعار النفط كان سعر البرميل وقتها ينخفض بشكل كبير ومن ثم يحتاج إلى نحو عامين لكي يتعافى ويعود لمستوياته.
لكن؛ بين عقل أن التوقعات لهذا العام تشير إلى أن النفط لن يعود لمستويات الـ100 دولار، ولكن قد يلامس 70 دولارا للبرميل.
وأما بالنسبة للدولار، فقال عقل إنه يعيش حاليا فترة ازدهار مقابل العملات الأخرى في ظل تعافي الاقتصاد الأميركي وتحسن قوته.
ويرى أن الحديث عن رفع أسعار الفائدة على الدولار سيعزز من مكانته أكثر.
وصعد الدولار في تعاملات نهاية الأسبوع الماضي أمام سلة من العملات الرئيسية بعد صدور بيانات الوظائف غير الزراعية الأميركية.
إلى ذلك؛ يرى عقل بالنسبة للعملة الأوروبية اليورو أن دول الاتحاد الأوروبي تعاني من مشاكل اقتصادية، وخاصة أن ما زادها هو الأزمة في اليونان.
وبين أن معدل النمو المتوقع في منطقة اليورو منخفض جدا وما تعانيه فرنسا من مديونية؛ لذلك هذا كله يشير إلى توقعات بعدم تعافي اليورو خلال العام الحالي بشكل سريع.
وبالحديث عن هبوط سعر اليورو؛ تطرق عقل إلى استفادة الأردن من هذا الانخفاض، مبينا أن المديونية سستأثر ايجابا؛ إذ إن “معظم ديون المملكة بالدولار ونسبة القروض باليورو أقل نوعا ما، الا أنها ستتأثر ايجابا مع نزول سعر صرف اليورو”.
وبين عقل أن الدينار الأردني مرتبط بالدولار وأن ارتفاع سعر صرف الدولار سيرفع من قيمة الدينار.
وأكد أن الاستفادة الكبرى من هبوط سعر صرف اليورو ستكون بالنسبة للتجارة الخارجية مع أوروبا بحيث تقل تكلفة المستورات الأوروبية وخاصة بالنسبة للسيارات والماكينات.
وبلغت مستوردات المملكة من دول الاتحاد الأوروبي 2.5 مليار دينار في أول عشرة أشهر من العام الماضي وشكلت ما نسبته 19 % من إجمالي المستوردات. وفي المقابل؛ بلغت قيمة الصادرات إلى هناك 160 مليون دينار وشكلت ما نسبته 4 % من إجمالي الصادرات.
وأما بالنسبة لأسعار الذهب؛ فيرى عقل أن هذا المعدن الأصفر يتأثر بالمناخ السياسي وفي حال نظرنا إلى منطقة الشرق الأوسط وإلى أزمة أوكرانيا فإننا نرى أنها أزمات سياسية يمكن إدارتها.
ومن جانبه؛ قال الخبير الاقتصادي د.يوسف منصور “إن التوجه العام لتوقعات أسعار النفط العالمية يشير إلى مزيد من الانخفاض للأسعار العام الحالي”.
وبين منصور أن عودة سعر برميل النفط لمستوى 70 دولارا بعيدة إلا في حال حدوث حرب واسعة.
ويرى أن الأردن مستفيد من انخفاض سعر النفط كونه بلدا مستوردا في الدرجة الأولى، ويجب أن ينعكس هذا الهبوط على أسعار المحروقات محليا بشكل ملحوظ.
واستبعد منصور أن تتأثر المساعدات الخليجية للأردن مع نزول أسعار النفط، الا أنه من المحتمل أن تتأثر حوالات المغتربين الأردنيين بشكل طفيف جدا.
واتفق منصور مع عقل في أن التحسن الاقتصادي في أميركا عزز من سعر صرف الدولار، وأن اليورو سيبقى ضعيفا في ظل استمرار الكساد في اوروبا وأن صعوده سوف يكون بطيئا نظرا لاستمرار الظروف الاقتصادية السيئة في منطقة اليورو.
وبين أن نزول اليورو في صالح المملكة من ناحية التجارة الخارجية وخاصة أن الأردن يستورد سلعا عديدة وبشكل كبير من الاتحاد الأوروبي وأهمها السيارات وقطع غيارها.
يشار إلى أن أسعار المركبات المستوردة من أوروبا إلى السوق المحلية انخفضت بين 8 % و10 % منذ بدء هبوط سعر صرف اليورو مقابل الدولار خلال عام تقريبا.
إلى ذلك؛ اتفق منصور أيضا مع عقل بالنسبة للتوقعات لسعر الذهب؛ إذ إنه رجح استمرار التذبذب النسبي في أسعار الذهب، ورغم الطلب عليه إلا أن العديد من المستثمرين يخافونه.