اختتمت «مؤسسة دبي للمرأة» و«منتدى المرأة للاقتصاد والمجتمع» فعاليات «منتدى المرأة العالمي» في دبي، الذي حضره حوالى 3000 امرأة ورجل من مختلف انحاء المنطقة على مدى يومين، وشارك فيه عدد كبير من قادة الفكر وصنّاع القرار من مختلف القطاعات العامة والخاصة من جميع أنحاء العالم. وكرم المنتدى نجاحات المرأة العربية من خلال تسليط الضوء على الإنجازات التي حققتها في شتى الميادين والقطاعات.
أقيم «منتدى المرأة العالمي» برئاسة الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، رئيسة مؤسسة دبي للمرأة وحرم الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وساهمت الجلسات النقاشية وورش العمل الـ 42 التي شهدها المنتدى في تطوير خطة عمل مبتكرة واضحة وملموسة لتشجيع مشاركة المرأة في المجتمع وتعزيز التنوع في قطاع الأعمال عالمياً ودفع عملية التوازن بين الجنسين قدماً، وتم التطرق الى مجموعة كبيرة من الموضوعات ضمن خمسة محاور رئيسية هي: الإنجاز، والإبداع، والعطاء، والطاقة، والاستدامة، ضمن سلسلة مكثفة من الجلسات وورشات العمل والحلقات النقاشية، التي تناولت دور المرأة المستدام في الابتكار وبحث إيجاد شبكة واسعة تهدف إلى تمكين المجتمعات من خلال رفع مستوى مساهمة المرأة، واستحداث أفكار ومبادرات وحلول جديدة ومبتكرة تعين المرأة على القيام بهذا الدور على أكمل وجه.
وخلال فعاليات المنتدى، اجتمع أكثر من 50 من المدراء والمسؤولين التنفيذيين والخبراء في مجال تعزيز التنوع في مختلف قطاعات الأعمال لمناقشة «قوة من التكافؤ بين الجنسين في مكان العمل»، وذلك في اول انعقاد لمبادرة الرؤساء التنفيذيين المتميزين في منطقة الشرق الأوسط، بحضور كريستين لاغارد، المدير العام لصندوق النقد الدولي، والدكتورة أمينة غريب فقيم، رئيسة جمهورية موريشيوس التي ألقت كلمة ملهمة عند بداية اللقاء.
وقالت شمسة صالح، المدير التنفيذي لمؤسسة دبي للمرأة: «لقد استمعنا خلال يومي المنتدى إلى عدد من المناظرات الإبداعية وناقشنا أفكاراً جديدة لتبادل المعارف والمعلومات. وقد أسعدتنا مشاركة الحضور الفعالة من كلا الجنسين، الذين أظهروا رغبة صادقة في تحويل فكرة التوازن بين الجنسين والشراكة بينهما من حيزها النظري إلى واقع عملي ملموس، ونحن على ثقة تامة بنجاح المنتدى في لعب دور مهم في مسيرة تغيير الصورة النمطية للمرأة العربية، من خلال تسليطه الضوء على الإنجازات الرائدة التي حققتها خلال السنوات الماضية».
وخلال وقائع الافتتاح الرسمي لمنتدى المرأة العالمي في دبي، قدم الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم «وسام محمد بن راشد للمرأة» إلى الملكة رانيا العبدالله، عقيلة الملك عبدالله بن الحسين عاهل المملكة الأردنية الهاشمية، وكريستين لاغارد، المدير العام لصندوق النقد الدولي، وهو أول وسام شرف يخصص للمرأة على مستوى دولي من جانب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، إذ يأتي هذا التكريم تقديراً لإنجازاتهما وعطائهما في مختلف القطاعات.
كسر القوالب
وقد ألقت الملكة رانيا العبدالله كلمة خلال الافتتاح الرسمي، أكدت فيها امتلاك الوطن العربي نماذج بارزة لنساء حققن درجات عالية من العلم والكفاءة، نساء دخلن المعترك السياسي، خبيرات اقتصاد وعلوم، قادة فكر وفن… وذكرت أن توقعات المجتمع من المرأة هي انعكاس لمدى إيمانه بقدراتها وقيمتها المضافة، ما يوجب علينا في المنطقة كسر القوالب التي تشكَّل عليها النساء والفتيات منذ ولادتهن لكونها تلغي دور القدرة والموهبة والطموح، ووصفتها بأنها تُتوارث من جيل الى آخر، بما يتطلبه ذلك من اختيار من الموروث، ما يعطي كل فتاة مساحة لأن تطلق العنان لإبداعاتها لتُظهر مدى تميزها.
وأكدت الملكة رانيا العبدالله، أن القوالب هي موروث فكري وليس دينياً، وقالت: «الإسلام حين أنار العالم، أعطى المرأة حقوقاً ومنزلة وخيارات قفزت بمكانتها من ظلم الجاهلية، فكانت المرأة تاجرة ومزارعة ورائدة أعمال، محاربة وممرضة في الغزوات، ومع مرور الوقت بدأنا بتحجيم المرأة في عقولنا، فتحجّم دورها في المجتمع». وأضافت: «إن تغيير القوانين يأخذ وقتاً، أما تغيير المفاهيم فقد يستغرق أجيالاً».
أرض تحقيق الأحلام
بينما قالت الدكتورة أمل عبدالله القبيسي، رئيسة المجلس الوطني الاتحادي ان انعقاد هذا الحدث العالمي في دولة الامارات العربية المتحدة هو تأكيد وتقدير لجهود القيادة في تمكين المرأة الإماراتية، واحتلال الإمارات مراكز الريادة العالمية الأولى في التوازن بين الجنسين، واحترام المرأة وتنمية قدراتها، ورفع مكانتها في استراتيجيات العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في الدولة، وبالتالي تمكينها الشامل على المستويات كافة بمنهجية مبتكرة ومستدامة.
واستعرضت الدكتورة أمل القبيسي المراحل المختلفة لرحلة التمكين السياسي للمرأة في دولة الإمارات والتي بدأت في وقت مبكر من قيام الاتحاد، معربةً عن اعتزازها بالثمار التي قدمتها مسيرة التمكين السياسي ببلوغ نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي الآن 23 في المئة من إجمالي الأعضاء، والتي تعتبر من أعلى المعدلات العالمية. وفي إشارة إلى المساحة التي تشغلها المرأة في التشكيل الوزاري لدولة الإمارات، قالت: «الاماراتيات يشاركن في صياغة وتشكيل وتنفيذ السياسة العامة للدولة ورؤاها الاستراتيجية وصنع واتخاذ القرار، عبر دورهن الفاعل كوزيرات في مجلس الوزراء، والآن في حكومة المستقبل لدينا ثماني وزيرات في نسبة تعتبر الأعلى في العالم في مجال تمثيل المرأة الوزاري في السلطة التنفيذية».
خدمة الوطن
كما أشار الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات إلى أن المرأة الإماراتية تحظى بكل الاحترام والتقدير والدعم في الإمارات التي ترى أن للمرأة دوراً مؤثراً في المجتمع لا يمكن إغفاله، وأن هذا الدور من الممكن ملاحظته بسهولة من خلال مشاركتها في مختلف مجالات العمل في الدولة، وبما تقدمه من إسهامات من خلالها، كما أن دولة الإمارات لا تقبل بأي انتقاص لدور المرأة أو تشكيك في أثره أو تقليل من قيمته، وقال إن هناك العديد من النماذج المشرّفة التي نفخر بها في دولة الإمارات، مستشهداً بإنجاز مهم للمرأة الإماراتية على الصعيد السياسي، وذلك بانتخاب الدكتورة أمل القبيسي رئيسة للمجلس الوطني الاتحادي لتكون بذلك أول امرأة خليجية تصل إلى هذا المنصب بالانتخاب المباشر، مهنئاً إياها ومنوّهاً بالكفاءة العلمية والأكاديمية التي أهّلتها بجدارة للوصول إلى تحقيق هذا الانجاز المهم، واستعرض نماذج لإماراتيات نجحن في إثبات جدارة واضحة وتميزن في مجالات متنوعة منها الأدب والشعر، فضلاً عن مجالات ربما كان البعض يظنها حكراً على الرجال مثل القوات المسلحة والشرطة، مؤكداً أنهما في صدد توسيع المساحة المتاحة للمرأة للمشاركة فيهما لخدمة الوطن أسوة بالرجل في الحفاظ على أمنه وحماية مكتسباته ومنجزاته.
مقتطفات من الجلسات
- أكدت كريستين لاغارد، المدير العام لصندوق النقد الدولي خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى أن العمل النسائي حول العالم يواجه تشريعات وقوانين تعوّق تقدمه، وأن 143 دولة تراعي حقوق المرأة، بينما 90 في المئة من دول العالم لديها سياسات تزيد الفجوة بين الجنسين في مختلف المجالات، ومنها على سبيل المثال التفرقة بين المرأة والرجل في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهو ما يدفع المنظمات الدولية إلى المزيد من العمل لتغيير تلك السياسات التي تحول دون تقدم المرأة في العالم.
- شاركت أمينة غريب فقيم، رئيسة جمهورية موريشيوس، والدكتورة حبيبة بو حامد الشعبوني أستاذة في علم الجينات الطبي في جامعة تونس، في جلسة نقاشية حملت عنوان «المرأة والعلوم»، وأدارها الدكتور روبرتو سيباج نائب رئيس التصريح بالأدوية في شركة سانوفي الفرنسية.
- استعرضت الجلسة الافتتاحية لمحور «المرأة في مجالس الإدارة» الآليات الحديثة الرامية إلى تحقيق تمثيل وحضور متوازن للمرأة ضمن مجالس إدارة الشركات وتعزيز آلية تأثيرها في أجندة وأطر حوكمة الشركات في الوقت الراهن.
- قدمت الجلسة النقاشية التي عقدت ضمن محور المواهب الواعدة في «الديسكفري» كلٌ من سارة الأميري، قائد الفريق العلمي لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ في مركز محمد بن راشد للفضاء ورئيسة مجلس علماء الإمارات، وعائشة سعيد حارب، اختصاصية الاستثمار في المسؤولية الاجتماعية، وأماني شاجره، رئيسة دائرة الدراسات والبحوث في المجلس الأعلى للمرأة في مملكة البحرين، وسلط «محور المواهب الواعدة» الضوء على المواهب النسائية دون الـ 40 سنة، من مختلف قطاعات الأعمال، واللواتي أظهرن مهارات فريدة وشجاعة كبيرة على المستويين المهني والشخصي، وحفّزن على التغيير ضمن شركاتهن ومجتمعاتهن.
- في جلسة تحت عنوان «المرأة وقطاع الطاقة»، عُقدت بإشراف ريم تينا غزال، الكاتبة في صحيفة «ذا ناشونال»، استعرض المتحدثون تطلعاتهم لمستقبل صناعة الطاقة، وكذلك الظروف المهنية والشخصية المحيطة التي ساهمت في توليهم المناصب التي يشغلونها حالياً. كما استعرضوا حقائق واقعية في ما يتعلق بمشاركة المرأة في الصناعات المرتبطة بالعلوم.
- ناقشت جلسة «الأمهات معلمات بلا حدود» عدداً من أوجه القصور الرئيسة في المسائل المتعلقة بالتوحد بما في ذلك التواصل الشفهي وغير الشفهي وتكوين العلاقات والتخيل. ويعتبر «باب نور» من الحلول التقنية المبتكرة على شكل تطبيق للهواتف الذكية يعلّم الأطفال كيفية تكوين الجمل باستخدام الرموز والصور من خلال وسائل الاتصال المعززة والبديلة (ACC). ويتضمن ذلك خيار تحويل النصوص المقروءة إلى كلام مسموع، وكذلك توفير مفردات سهلة الاستخدام، وشملت الجلسة مشاركة من إيمان فريد التي تحدثت عن تجربتها، وهي أم لطفل مصاب بالتوحد.
- قدم عدد من ممثلي مركز محمد بن راشد للفضاء عرضاً تقديمياً حول مشروع الإمارات للمريخ خلال ورشة عمل تفاعلية خاصة، وشاركت فيها مريم الشامسي، مهندسة في علوم الفضاء، وأمل عبدالله، مهندسة أولى في قسم الكترونيات التصوير.
- أكدت جلسة «شخصيات من الخليج» أن المرأة الخليجية حصلت على الدعم الرسمي للمشاركة بصورة كبيرة في القوة العاملة في بلادها، وشددت بالتالي على ضرورة حصول المرأة على المزيد من الحقوق، بما يمكّنها من المشاركة في كل قطاعات العمل والاقتصاد والسياسة.
- كشفت الجلسة النقاشية «الحفاظ على الثقافة لمستقبل الأجيال القادمة» عن الابتكارات والتكنولوجيا الحديثة التي مكّنت المتاحف من الحفاظ على جوانب الفن والتراث الثقافي، والتي شكلت اللبنة الأساسية للمجتمع… وسلطت الضوء على أهمية دور المرأة في الحفاظ على الموروث الثقافي غير الملموس للشعوب.
- أشارت إحصاءات تمت مشاركتها خلال الجلسة الى أن نسب مشاركة المرأة في سوق العمل في دول مجلس التعاون الخليجي قد بلغت: 51% في قطر و47% في الإمارات و44% في الكويت و29% في سلطنة عمان و20% في السعودية.