مجلة مال واعمال

حديث في الجراحة وآفاق الجراحة العامة

-
د. مؤمن مأمون ديرانية
زميل الكلية الملكية للجراحين في إدنبرة
استشاري الجراحة العامة والتنظيرية

 

الجراحة ابتداءً هي فرع من فرعين رئيسيين في الطب؛ الطب الباطني والجراحة، والجراحة العامة هي التخصص الرئيسي في تخصصات الجراحة، التي تضم جراحة القلب والصدر والأوعية الدموية والجهاز البولي والأعصاب والعظام والتجميل، وجراحة الأطفال.
تغطي الجراحة العامة بشكل رئيسي جراحة البطن والجهاز الهضمي؛ المعدة والأمعاء والقولون والمستقيم والشرج، وجراحة الكبد والمرارة والطرق الصفراوية والبنكرياس والطحال، وجراحات جدار البطن ورتق الفتوق، بالإضافة إلى جراحة الثدي والغدة الورقية، والأقدام السكرية، والجروح والإنتانات والخرّاجات.
وبالرغم من وجود مناطق مشتركة بين الاختصاصات المتعددة في الطب، لكن الأمراض التي تنتهي غالباً بالجراحة تعتبر أمراضاً جراحية منذ البداية ويحسن متابعتها لدى الجراح ابتداءً حتى ولو عولجت تحفظياً دون جراحة أوّلية، لأن الجرّاح أقدر على تقدير الحاجة للجراحة عند لزومها، مثل حصيات المرارة، والبواسير ومختلف الآفات الشرجية، وفتوق جدار البطن، وإنتانات الأنسجة المختلفة.
والمقاربة الجراحية تكون بالجراحة المفتوحة تارة، وبالجراحة التنظيرية تارة أخرى، وبالأشعة التداخلية أحياناً أخرى مثل تصريف بعض الجراحات العميقة كخرّاج الكبد، تحت مراقبة جراحية حثيثة خشية حدوث مضاعفات تتطلب تدخلاً جراحياً.
وقرار الجرّاح بعدم الحاجة إلى اللجوء للخيار الجراحي لا يقل قيمة عن العملية الجراحية، بل أن خبرة الجرّاح المتمرّس كثيراً ما تتمثل بالقرار أكثر منها بإجراء العملية التي يقدر على مثلها جراح أقلّ خبرة، قرار العملية ونوعها والوقت الأمثل لإجرائها. لذلك فإن أخذ رأي جرّاح خبير في الحالات الجراحيّة المعقّدة ذو قيمة كبيرة ليست أقلّ من إجراء العملية نفسها.
التشخيص الجيد المبكر للأمراض الجراحية لدى الجراّح قد يقصر المرض على علاج بسيط أو عملية بسيطة، وتأخيره قد يؤدي إلى علاج معقدّ أو عملية معقّدة.
إنتانات الأنسجة الرخوة قد يعالج بالمضادات الحيوية في مرحلة الالتهاب الخلوي قبل التقيّح، وإذا تقيّحت تعالج بعملية فتح وتصريف، أما إذا ترك، خاصة الخرّاجات الكبيرة العميقة، فقد يؤدي إلى إنتان وتسمم دموي قد ينتهي بصدمة إنتانية تودي بحياة المريض.
خراج حول الشرج يجب فتحه وتصريفه دون تأجيل، وتأخر ذلك يحول الخراج إلى ناسور شرجي فتتحول الحالة البسيطة إلى حالة معقدة.
الأورام المبكرة أسهل علاجاً وأقرب شفاءً من الأورام المتقدمة. كل مرض يشخص ويعالج في مراحله المبكرة يكون أسهل علاجاً وأحسن نتاجاً.
والعلوم والأساليب والتقنيات الجراحية في تطور دائم. علينا أن نبقى مواكبين للمسيرة العلمية ولهذا التطور التقني لنستطيع أن نقدم لمرضانا العلاج الأفضل المبني على البرهان الطبي والتقنية الأحدث، ليخطو المريض خطواته نحو العافية بالطريق الأنجح والأنفع والأسلس، سائلين الله التوفيق والعافية لمرضانا.