في كل عام يواجه القطاع الزراعي وتحديداً في مثل هذا الوقت من السنة اختناقات تسويقية، كتدني الاسعار او عدم قدرة السوق المحلي على استيعاب المنتوجات،الامرالذي يدفع بعض المزارعين الى القاء محصولهم بالشارع، ويتركز الانتاج الزراعي في هذه الفترة في منطقة وادي الاردن «الاغوار « والتي تعتبر ذات ميزة تنافسية نادرة كونها، البقعة الاخفض على مستوى العالم، حيث تعتبر من المناطق الدافئة شتاء، في الوقت الذي تكون فيه في معظم انحاء اوروبا مغطاة بالثلوج ودرجات الحرارة فيها ما دون الصفر، بينما تكون ذروة الانتاج في هذه المنطقة الخصبة والأهم في انتاج الخضراوات على مستوى العالم.
وفي ضوء بروز الازمات والاختناقات التسويقية من حين لأخر والمرتبطة بضعف الهياكل ذات العلاقة بالتسويق الزراعي سواء كانت حكومية او غير حكومية، وهو امر له انعكاس سلبي على القطاع الزراعي بشكل عام وسكان تلك المنطقة بشكل خاص، حيث تعتبر الزراعة مصدر الدخل الرئيسي لهم، ومن اجل ديمومة هذا القطاع الحيوي الهام واستمراريته في ظل ما يعاني من تحديات، فقد اصبح من المهم تقديم كافة التسهيلات اللازمة للقطاع الزراعي وتحسين القدرات التسويقية للمنتجات الزراعية الاردنية وفتح نوافذ تسويقية جديدة ومجدية، غير الاسواق التقليدية كالسوق الخليجي او السوري او العراقي، وتذليل الصعوبات التي تواجه وصولها الى الاسواق العالمية وخصوصاً الاوروبية منها، والتي تكون بأشد الحاجة الى تلك المنتجات في مثل هذه الاوقات من السنة.
فالسوق الروسي على سبيل المثال كبير والطلب فيه كبير، وقد تم الاتفاق مع الجانب الروسي خلال المهمة الرسمية الاردنية برئاسة وزير الزراعة في شهر حزيران الماضي، على السماح بادخال المنتجات الزراعية الاردنية الى السوق الروسي خلال فصل الشتاء بدون اي رسوم جمركية، وهذا يمثل فرصة سانحة ومنافسة للمنتجات الزراعية الاردنية، كذلك فالاردن يرتبط باتفاقيات تجارة حرة مع العديد من الدول تتيح دخول المنتجات الاردنية بما فيها الزراعية الى اسواق تلك الدول بشروط تفضيلية، اذا ما تم البحث في افضل سبل النقل سواء كان براً او جواً وبكلفة اقل وكفاءة اعلى من حيث تقليل الفاقد والتالف اثناء النقل، بالاضافة لايلاء سياسة التدريج والتعبئة او ما يسمى بمعاملات ما بعد الحصاد الاهتمام اللازم، فاغلب المزارعون البسطاء يفتقرون الى الامكانات الحديثة والمناسبة للتسويق الدولي الامثل لمنتجاتهم، وبالتالي يذهب الهامش الكبير من الربح الى جيوب الوسطاء والتجار،فمن المؤسف ان يتم شراء المنتج الاردني من قبل تجار غير اردنيين واحيانأً غير عرب، ومن ثم يقومون بأعادة تدريجه وتعبئته وتصديره الى اوروبا بأسماء شركاتهم ويحققون ارباح طائلة اكثر ممن زرع وحصد وكابد على مدى موسم كامل بحلوه ومره.
لا يجوز ان تباع المنتجات الزراعية الاردنية ببلاش في ظل اهمية كلفة عنصر المياه والسحب السنوي للمياه المستخدمة في الزراعة، وانتاجية المتر المكعب والذي يعتبر امراً في غاية الاهمية نظراً لشح عنصر المياه في الاردن، بالاضافة الى استهلاك هذا القطاع لنزيف العملة الصعبة ما دام اغلب العاملين فيه من العمالة الوافدة.
ان تعظيم عائدات القطاع الزراعي وبما يزيد من حجم مساهمته في الدخل القومي وتحسين عائد المزارعين امر في غاية الاهمية، وان يصبح قطاع جاذباً لا طارداَ، فقد اصبح من الواجب على القطاع الزراعي الاردني تطوير بعض الاساليب التقليدية مثل تطبيق الحزم التقنية في الانتاج والتي ستساعد على زيادة الانتاج في وحدة المساحة او حتى مضاعفته احياناً، وبما يجعل المنتج الاردني قادراً على المنافسة في الاسواق العالمية من حيث الجودة والمطابقة للمواصفات، كذلك اصبح لا بد من اعادة النظر في الضرائب المفروضة على القطاع الزراعي ومدخلات الانتاج وايجاد التمويل الميسر للاستثمارات والمشاريع الزراعية المنتشرة في البادية والريف الاردني والتي يستفيد منها ما يسمى بصغار المزارعين او اصحاب الحيازات الزراعية الصغيرة، حيث ان تنامي دخل القطاع الزراعي وازدهاره سيكون له الدور الكبير والاساسي في نمو المجتمع الريفي ورفاهيته اجتماعياً واقتصادياً وخلق مزيد من فرص العمل، بالاضافة للدور الهام للقطاع الزراعي في تحقيق مفهوم الامن الغذائي.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-mc