قال سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، العضو المنتدب لجهاز أبوظبي للاستثمار «أديا»، إن جهاز أبوظبي للاستثمار دأب على مراقبة أداء السوق للوصول لصورة أكثر دقة للتوجهات العامة، وذلك في ظل ما قطعه الجهاز على نفسه من التزام بتوفير عائدات مجزية للأجيال المقبلة.
وأضاف سموه في مقدمة التقرير السنوي 2018 للجهاز: «شكل العام المنصرم، دافعاً قوياً بصرف النظر عن الظروف القائمة المحفوفة بالعديد من التحديات».
وأضاف سموه: سجلت معدلات العائد السنوي على مدى 20 عاماً و30 عاماً 5.4% و6.5% على التوالي، وبينما تأثرت هذه المعدلات نسبياً بتضمين العائدات القوية في منتصف وحتى نهاية ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، ظلت عائدات «أديا» الحقيقية، متناسقة إلى حد كبير مع السنوات التي سبقت، ومع المستويات التاريخية.
وقال سموه: «تنعكس النتائج العديدة المحتملة للنظام الاقتصادي العالمي، في شكل تحديات جديدة، وفرص كبيرة أيضاً، بالنسبة للمستثمرين العالميين على المدى الطويل. واستمر «أديا» في 2018، كما هو دأبه دائماً، في الالتزام بمهمته المتمثلة في الإدارة الرشيدة لرأس المال بالإنابة عن حكومة أبوظبي».
وأضاف سموه: ببناء محفظة ثرية، تزخر بالتنوع في الأصول والمناطق، تمكن «أديا» من الصمود في مواجهة هبوط وصعود الأسواق على مدى سنوات عدة، من أجل توفير عائدات مستدامة وطويلة الأجل لفائدة أبوظبي.
وتابع سموه، في حين أنهت العديد من الأسهم وأسواق الدخل، السنة بأداء ضعيف، استفاد المستثمرون من السريان المستمر للثروة خلال تلك الفترة.
وسجلت الأسهم العالمية بنهاية 2018، عائدات سنوية بلغت 10%، حيث استفادت العائدات من التراجع الكبير في معدلات التضخم.
كما أوشكت أيضاً الأصول الخاصة، مثل العقارات والأسهم الخاصة والبنية التحتية، على تسجيل أرقام قياسية، مستفيدة من انخفاض تكلفة التمويل.
ونوه سموه إلى أنه لم يكن مستغرباً، تسجيل عائدات السندات، لنمو تأرجح نحو الصفر خلال السنة الماضية. كما أن النمو الاقتصادي في العقد الماضي كان من بين أطول المعدلات المسجلة، رغم توقف بعض الأسواق لالتقاط أنفاسها قبل التمكن من استعادة خسائرها والمزيد منها في الأشهر الأولى من العام الجاري.
وأشار سموه، إلى حالة البطء التي سادت الاقتصادات العالمية خلال السنة الماضية، رغم أن النتائج العامة لا تزال فوق معدل توجه النمو الاقتصادي.
وقال سموه: لقي بطء النمو الاقتصادي في الصين اهتماماً ملحوظاً، إلا أن الحقيقة لا يبدو أنها تتناسب مع درجة التخوف. وتباطأ النمو الأوروبي مادياً، إلا أنه لا يوجد دليل يشير إلِى تحول كبير في الدورة الاقتصادية.
وبينما عانت بعض الدول الناشئة الركود، لم يتسن لذلك، الانتشار على نطاق أوسع ليشمل دولاً أخرى، حيث نجحت دول مثل روسيا والهند ولمدى أقل البرازيل، في التعامل السريع نسبياً مع المتغيرات في 2018. وتابع سموه: تمكن الاقتصاد الأميركي، من تحقيق نمو أسرع بالمقارنة مع 2017، مدعوماً بسياسة مالية ساعدتها عمليات الخفض الضريبي وزيادة الإنفاق.
والأداء القوي للاقتصاد الأميركي وأسواق الأسهم في 2018، كان من بين أهم النتائج التي شهدها العام الماضي، رغم أنه ليس من المرجح استمرار فجوة الأداء. وفي الاقتصاد العالمي، الذي لا يزال متكاملاً، دائماً ما ينحسر هذا النوع من الاختلافات ويزيد، لكنه لا يظل قائماً للأبد.
وفيما يتعلق بالعام الماضي أكد سموه أن واحداً من الأحداث المهمة، هو التدهور الكبير في العلاقات التجارية، الذي شمل زيادة الرسوم الجمركية والمقاومة الشديدة في وجه التدفقات الضخمة لرؤوس الأموال والعمالة بين الحدود. ولا يبدو أن ذلك بمثابة التقلب، بل نقطة انحراف في عملية العولمة التي ظلت كعجلة دفع للاقتصادات والأسواق على مدى العقود العديدة الماضية. وشكل العقد الماضي، قصة نجاح بالنسبة للمستثمرين.
جهـاز أبوظبـي للاستثمار يطور استراتيجية لاقتناص الفــرص ومواجهة المخاطــر
قال التقرير الصادر عن جهاز أبوظبي للاستثمار، إن حالة الأعمال التجارية والدورة المالية، حظيت باهتمام متعاظم، في الوقت الذي أصبح فيه الركود الأخير جزءاً من الماضي. ومع أنه من المؤكد تعرض الاقتصادات للركود والأسواق للتقلص، لكن توقيت ذلك في علم الغيب.
ومن ضمن التوجهات الإيجابية التي رصدها التقرير، الاهتمام الكبير بعوامل البيئة والمجتمع والحوكمة في إدارة الأصول، ما يشجع على تخصيص رأس المال للاستثمارات، مع تأثيرات اجتماعية وليست مالية فحسب.
وفي حين ظل المستثمرون بما فيهم جهاز أبوظبي للاستثمار «أديا»، يولون اهتماماً واضحاً بمثل هذه القضايا، تم إحراز تقدم في القياسات الكمية، لقياس أداء الشركات، وفقاً للعوامل المذكورة. وكان الدور الذي لعبه «أديا» في هذه العملية، من خلال عضوية التمويل في مجموعة صناديق الثروة السيادية «الكوكب الواحد».
توجهات التقنية
ولفت التقرير إلى أن توجهات التقنية تشكل عنصراً أساسياً في تفكير «أديا» في المستقبل، حيث أحرز الصندوق تقدماً ملحوظاً في هذا الجانب، كما أن إمكانية الابتكارات في زيادة الإنتاج والثروة الاقتصادية، من العوامل المهمة، وبجانب تأثير التقنية في الاقتصاد، أصبح من الواضح تأثيرها في قطاع الاستثمار.
وأضاف أن الاستخدام الفعال للأدوات الجديدة الخاصة بجمع البيانات وتحليلها، سيصبح مصدراً أساسياً للميزة التنافسية التي تساعد في نجاح الإدارة الفعالة. وكغيره من المستثمرين، دأب «أديا» على اختبار نظم معالجة البيانات، بهدف زيادة الكفاءة والوصول لرؤى مفيدة.
وكما هو الحال في الماضي، يظل «أديا» فيما يتعلق باستراتيجيته للاستثمار، يركز على التنوع ليؤكد على استمراره في جني عائدات مستقرة واضعاً في الاعتبار المخاطر التي تعترضه في المستقبل. وفي عالم يتسم بالتعقيد والسرعة، يحقق «أديا» نجاحه بناء على مقدرته في الابتكار والتطور المستمر، ما يجعله قادراً على الاستجابة السريعة واقتناص الفرص عند توافرها.
الأسهم العالمية
ووفق تقرير جهاز أبوظبي للاستثمار، واجهت الأسهم العالمية سنة حافلة بالتحديات في 2018، حيث عانت من أدنى درجة من التراجع منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008، في الوقت الذي برزت فيه الشكوك حول استدامة التعافي الاقتصادي.
كما شهدت السنة الماضية، عودة التقلبات بعد عام هادئ نسبياً في 2017، حيث تقلبت الأسواق بشدة خلال السنة ولأسباب مختلفة. وتفاقم ذلك، في شهر ديسمبر عندما حدث تراجع كبير في الأسهم الأميركية.
وفي غضون ذلك، هيمنت القضايا المتعلقة بالصين، على المشهد في الدول الناشئة، مع الضغوطات الخارجية بما فيها النزاع التجاري مع أميركا والتحديات الداخلية، التي نتج عنها تراجع قدره 19% في مؤشر أم أس سي آي.
وحصلت إدارة الصناديق المفهرسة، على موافقة في أواخر عام 2018 لتنفيذ استراتيجيات جديدة للفهرسة.
وتهدف هذه الاستراتيجيات المبتكرة، للبناء، اعتماداً على نجاح الإدارة في استرداد التكاليف وتحقيق قيمة مضافة مع الالتزام بإرشادات جهاز أبوظبي للاستثمار.
الدخل الثابت
بعد الهدوء الذي شهدته 2017، واجه مستثمرو الدخل الثابت، جملة من العوامل المعقدة للتعامل معها خلال 2018، من بينها التطبيع النقدي، في أعقاب سياسة غير صارمة على مدى عقد كامل.
وانعكس الخفض التدريجي لميزانية الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي)، مصحوباً برفع في معدلات أسعار الفائدة في كل من أميركا وبريطانيا وكندا، سلباً على الأسواق في 2018. وزاد عدم اليقين السياسي في أوروبا والولايات المتحدة، فضلاً عن التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، من عدم استقرار الأسواق في نقاط مختلفة خلال العام.
ومن بين الأوجه الرئيسة الأخرى، عودة التقلبات في 2018. وبعد عقد من المستويات المتدنية عند 10% بداية 2018، ارتفع مؤشر في آي أكس لتقلبات الأسهم، قبل أن يستقر عند مستوى أعلى خلال 2018، في حين ارتفع معدل تذبذب أسعار الفائدة من مستويات متدنية للغاية.
وأسهم النمو القوي نسبياً في الولايات المتحدة والفارق الإيجابي الكبير في سعر الفائدة بين الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات المتقدمة الرئيسة خلال عام 2018، في ارتفاع قدره 4.5% في المتوسط للدولار مقابل عملات مجموعة العشر الأخرى.
وفيما يخص الأنواع الأخرى من الأصول، شكلت 2018 بيئة مشحونة بالتحديات للإدارة الفعالة في أسواق الدخل الثابت.
وقال التقرير إن القرارات التكتيكية التي اتخذها «أديا» في مستهل عام 2018، والقاضية بخفض التعرض للائتمان، عادت بالفائدة للأداء خلال العام. وحققت إدارة الدخل الثابت والخزينة، تقدماً ملحوظاً في 2018، للاستعداد لإطلاق مجموعة أو محفظة، يتم تجميع جميع المجموعات القائمة فيها، ويوفر ذلك، إطار عمل يساعد الإدارة على التحكم في جميع الأصول في شرائح السوق المختلفة.
تحديات النمو العالمي
واجهت الأسواق المالية، بيئة مفعمة بالتحديات خلال السنة الماضية، بالمقارنة مع السنة التي سبقتها، حيث تسببت المخاوف المتعلقة بالنمو العالمي، في بروز التقلبات وتراجع العائدات.
وفي ظل تحقيق السهم لأرقام قياسية جديدة بداية 2018، كان هامش الخطأ محدوداً للغاية، الشيء الذي ظهر في مناسبات عدة مع تذبذب الشعور بين الإذعان والقلق المفاجئ. وأنهت الأسهم العالمية 2018 على انخفاض بنسبة 9% تقريباً، مما جعلها سنة غير مرضية إلى حد كبير بالنسبة للعديد من الاستراتيجيات البديلة المرتبطة بالأسهم.
ويقع على عاتق إدارة الاستثمارات البديلة، مهمة التنوع وتعزيز العائدات المعدلة للمخاطر في المحفظة العامة لـ«أديا»، بالاستثمار المبدئي في استراتيجيات صناديق التحوط. وفي هذا السياق، لا تقوم الإدارة بتحقيق مهمتها فحسب، بل تتفوق على مؤشراتها أيضاً.
وتمكنت الإدارة أيضاً من الاستفادة من التوجهات الإيجابية، من خلال الاختيار السليم لمديريها، ما مكنها من إنهاء العام متفوقة على المؤشرات الأخرى ذات الصلة. وعاشت إدارة الاستثمارات البديلة سنة أخرى من النشاط، عندما سعت لتعزيز مقدرتها لاقتناص فرص استثمارية بديلة جديدة.
القطاع العقاري
نجح القطاع العقاري العالمي، في تسجيل النمو للسنة التاسعة على التوالي، بصرف النظر عن البوادر التي تدل علة تباطؤ الزخم في الوقت الذي تستمر فيه الدورة في النضوج. وتشير القياسات الأولية لهدوء تدريجي في النشاط، في ظل بروز قصة متنوعة تدور فصولها على المستوى الاقليمي وبين أنواع الأصول.
دراسة حالة
عكفت إدارة الأسهم الخاصة في «أديا» خلال السنوات القليلة الماضية على مراجعة الفرص في قطاع تأمين المعاشات في المملكة المتحدة. وشهد القطاع نمواً واضحاً، مدفوعاً بطلب متصاعد من قبل مشاريع التقاعد، التي تسعى لتقليل المخاطر المتعلقة بالتزامات معاشات التقاعد.
وساعد الفهم العميق لهذا الحقل النامي، لكن المتخصص نسبياً، فريق الإدارة المالية، بالتحرك السريع بداية العام الماضي، عندما أدرك توجه جي سي فلورس آند كومباني، المساهم الرئيس في شركة تأمين المعاشات البريطانية، لبيع حصته.
ونتج عن ذلك، موافقة شركة تابعة مملوكة بالكامل لـ«أديا» في يونيو، على شراء حصة أقلية كبيرة في شركة تأمين المعاشات. وينسجم هذا الاستثمار مع استراتيجية إدارة الاستثمار، التي ترمي لتحفيز فريقها المتخصص لمتابعة فرص الاستثمار الكبيرة في الأعمال التجارية المهمة.
واستمرت نسبة السهم المخصصة لعمليات الاستحواذ في 2018، فوق 40% في المتوسط، بالمقارنة مع أكثر من 30% بقليل في 2007، ما يوفر حماية كافية في حالة حدوث أي ركود.
وفرغت إدارة الاستثمار من 15 عملية استثمار رئيسة في 2018 في قطاعاتها المختلفة، فضلاً عن استثمارات أخرى صغيرة في رؤوس الأموال الاستثمارية، مع التركيز على الفرص التي توفر حلولاً مالية مختلفة للبائع.
البنية التحتية
على صعيد فريق «أديا» للبنية التحتية، نجم عن استمرار قوة السوق، عام آخر من الأداء القوي. ومن بين القطاعات التي جذبت الجهاز، الطاقة المتجددة التي تعكس نضوجها وقبولها المستمر، كبديل أكثر نظافة وكفاءة من الكهرباء المولدة من الوقود الأحفوري.
ومن المرجح، استمرار هذا التوجه، على صعيدي الأسواق المتقدمة والناشئة، خاصة في ظل التراجع الكبير في تكلفة الطاقة الشمسية والرياح.
وبصرف النظر عن الساحة التي تعج بالمنافسة، نجح فريق البنية التحتية في إطلاق استثمارات بنحو 2 مليار دولار، منها جديدة وأخرى قيد الإنشاء.
ومن بين هذه، تشكل «أديا» جزءاً من مجموعة من الشركات التي تملك حصة بنحو 51% من أكبر مشروع للطرق في ويست كونيكس بأستراليا.
الإسكان المتوسط
في يناير 2016 وديسمبر 2017، فرغ «أديا» من استثماراته في صندوقين، أتش دي أف سي كابيتال، وأتش كير1 و2.
ويشكل الصندوقان مع بعضهما بعضاً، منصة بنحو مليار دولار، لمقابلة طلب المطورين للتمويل المرن، وتستهدف فرص الدين والأسهم في مشاريع الإسكان المتوسط، في أنحاء الهند المختلفة.
وحقق «أديا» تقدماً ملموساً في العديد من مشاريعه التنموية التي تتضمن مشروع تريتوريا أبوكويندو في سانتياغو بدولة شيلي، حيث يملك «أديا» حصة قدرها 80%.
وفي آسيا، فرغ «أديا» من المشروع متعدد الأغراض في سنغافورة نهاية العام الماضي، بالإضافة إلى برج ون ميوزيوم بليس في شنغهاي المؤلف من 60 طابقاً، والذي أنهى الجهاز العمل فيه في العام الماضي.
الأسهم الخاصة
تمتعت سوق الأسهم الخاصة بسنة قياسية أخرى في 2018، حيث حافظ نشاط جمع الأموال ونشاط الصفقات، على وتيرة قوية حتى في الوقت الذي تصدرت فيه التقويمات أعلى مستوياتها على الإطلاق.
التكنولوجيا تغير ممارسة الاستثمار
أكد سالم الدرمكي، مدير النمو الأوروبي في إدارة الأسهم الداخلية، أن التقنية أسهمت بالفعل في تغيير الاستثمار في الأسهم المدرجة، والتي ستصبح عاملاً مهماً في زيادة العائدات خلال السنوات والعقود المقبلة.
وأضاف: ربما توفر التقنية بالنسبة للمستثمرين، معدات فعالة لجمع وتحليل البيانات بكفاءة والوصول لرؤى ثاقبة.
التغير المناخي
مع استمرار الأسواق المالية في الاستجابة للتغيرات السياسية والتطورات في تقنية تغير المناخ، ينظر «أديا» إلى بعض الفرص والمخاطر للمستثمرين الناجمة عن الانتقال إلى اقتصاد عالمي يتميز بنسبة منخفضة من الكربون.