مجلة مال واعمال

“جوجل” تبحث عن طرق لتجنب مكافحة الاحتكار في أوروبا

-

تبحث شركة “جوجل” عن إجابة لسؤال بأربعة مليارات دولار، وهو هل يمكن لطريقة جديدة أكثر رقة من جانب شركة التكنولوجيا الأمريكية العملاقة أن تقنع الاتحاد الأوروبي بأن يكون أكثر تسامحاً في قضايا المنافسة؟.

وبحسب “رويترز ” تتعرض شركة “جوجل” التي تهيمن على محركات البحث على الإنترنت لانتقادات من المفوضية الأوروبية منذ نوفمبر العام 2010 عندما أجرت المفوضية تحقيقاً في شكاوى من إساءتها استغلال مركزها باعتبارها الشركة المهيمنة في سحق الشركات الأصغر، وهو اتهام كان يوجه سابقاً لشركة مايكروسوفت المنافسة.

ومن الممكن أن تحكم المفوضية الأوروبية على “جوجل” بدفع غرامة قيمتها 10 بالمئة من إيراداتها العالمية التي بلغت نحو 40 مليار دولار العام الماضي، وأن تصدر أوامر بتغيير عملياتها، أما البديل فهو معركة قانونية طويلة في المحاكم الأوروبية ربما تضر بصورتها.

وقال خواكين المونيا مسؤول المنافسة في المفوضية الأوروبية الشهر الماضي، إنه يرغب في التوصل إلى قرار أسرع مما سبق.

وتقول “جوجل” إنها تعلمت ألا تتخذ موقفاً قتالياً صريحاً.

ويقول المونيا إن لديه “مخاوف من إمكانية اعتبار ممارسات (جوجل) إساءة استغلال للهيمنة” ومن تلك المظاهر احتمال أن توجه خدمات البحث العامة في «جوجل» المستخدمين لخدماتها الخاصة في البحث وبعيداً عن المنافسين الأصغر.

وقال يوم الجمعة إن «جوجل» أمامها حتى أوائل يوليو حتى تجيء بحلول لهذه المسائل، أي أن تحدد حجم ما يمكن أن تتخلى عنه من نموذجها التشغيلي، وعلى وجه الخصوص ربما يتعين على «جوجل» أن تتخلى عن جوانب من أسرارها في تقنيات البحث أي تعليمات البحث على الإنترنت وهو سر يشبهه البعض بتركيبة مشروب كوكاكولا.

ومنذ بدء التحقيق شارك المدير التنفيذي للشركة إريك شميت في حملة لإظهار «جوجل» في صورة طيبة، مبرزاً الطرق التي تفيد بها أوروبا، ورعت الشركة دراسات خلصت إحداها إلى أن الإنترنت يوفر 2.6 وظيفة مقابل كل وظيفة يتسبب في القضاء عليها.

لكن الخط الدرامي في قضية «جوجل» وأوروبا بها الكثير من نقاط التشابه مع شركات تكنولوجية أمريكية أخرى كبيرة، فهي تحقق الهيمنة على السوق، وتثير استياء المنافسين الذين يشكون من أن هذه الشركة الكبيرة تدمر شركاتهم ويبدأون الهجوم داخل الاتحاد الأوروبي.

واتهمت مايكروسوفت العام 1998 بعدم إعطاء المنافسين معلومات كافية لتصميم منتجات يمكن أن تعمل مع نظام تشغيل ويندوز السائد على أجهزة المحمول الشخصية في قضية اتسع نطاقها العام 2000 لتشمل مشغلات الفيديو.

وفي 2004 حكم عليها بغرامة 497 مليون يورو، وبدأت في الهجوم ومولت مجموعات ضغط للدفاع عنها.

استيعاب الدرس

وفي 2008 فرض مشرعو الاتحاد الأوروبي على مايكروسوفت أكبر غرامة على الإطلاق تفرضها المفوضية وهي 899 مليون يورو، لتأخرها في التغييرات التي طلبتها، لكن هذا المبلغ القياسي فاقه مبلغ آخر العام 2009، وهو غرامة بلغت 1.06 مليار يورو على شركة أنتل صانعة رقاقات الكمبيوتر.

وقال شميت المدير التنفيذي لـ«جوجل» في جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأمريكي في سبتمبر، إن الشركة لن تسعى إلى استعداء المشرعين، وقال لأعضاء المجلس في إشارة إلى مايكروسوفت «لقد تعلمنا، وأنا أعني من هذا أننا استوعبنا دروس من سبقنا من الشركات».

وإلى جانب كون الاتحاد الأوروبي سوقاً مهمة لشركات التكنولوجيا فإنه أصبح أيضاً منذ سنوات عدة ساحة واعدة في مكافحة الاحتكار أكثر من الولايات المتحدة.

والمفوضية ملتزمة بالنظر في كل البلاغات التي تصلها، لكنها لا تجري فعلياً تحقيقات رسمية إلا عندما تكون هناك دواع قانونية لذلك.

ويقول لارس كولبي وهو شريك في مكتب كوفينجتون وبيرلينغ القانونية ببروكسل إن المحاكم والأجهزة الأمريكية أصبحت محافظة بصورة كبيرة، في حين أن أجهزة الاتحاد الأوروبي أصبحت تبدي استعداداً أكبر لتوسيع حدود القانون عندما تعتقد أن هناك شيئاً ما سيضر بالاقتصاد.

وأضاف «الشركات تعمد إلى اللجوء إلى أوروبا كأصحاب دعوى في قضايا إساءة استغلال الهيمنة لأنها من المرجح أن تلقى صدى لدى الأجهزة».

ومن منافسي «جوجل» شركة مايكروسوفت، لكن الشركات الصغيرة وخدمات الإنترنت المتخصصة هي التي تشكو من أن «جوجل» تجعل أسماءها تتذيل نتائج البحث أو حتى لا تظهر على الإطلاق.

وفي أوروبا تـــم 80 بالمئة مــن عمليات البحث على الإنترنت عبر «جوجل» طبقاً لأحدث أرقام قدمتها (كوم سكور) مقارنة بـ67 بالمئة في الولايات المتحدة.

ويقول معارضوها إن هذا يعني أن «جوجل» التي تحقق أرباحها من خلال مبيعات الإعلانات يمكن أن تعلي من شأن شركة أو تخسف بها الأرض طبقاً للترتيب الذي تظهره في نتائج البحث، وهم يقولون إن «جوجل» تتلاعب في السوق لمساعدة منتجاتها في الأبحاث المتخصصة مثل السفر.

وقدمت ثلاث شركات في البداية بلاغات للمفوضية في أوائل العام 2010، وهذه الشركات هي (1 بلوس فيه) التي تدير موقع (إي جوستيس) الفرنسي للبحث القانوني على الإنترنت، وشركة البحث البريطانية (فاوندم) التي تساعد المستخدمين على التوصل إلى أجهزة منزلية منخفضة التكلفة.

نشرت شركة (فاوندم) في 2011 تقريراً يتحدث عن أن «جوجل» أصبحت خانقة للشركات الناشئة.

وتقول شيفون راف المديرة التنفيذية لفاوندم «قضت (جوجل) على المنافسة في مقارنات السعر والبحث على الفيديو والسياحة.

انهار الكثير من الشركات عندما تم إقصاؤها من نتائج جوجل»، وذكرت كمثال خدمة (ستريت ماب) البريطانية للبحث عن الخرائط.

بعد ذلك زاد لاحقاً عدد الشركات التي تقدمت بشكاوى إلى 16 ويقول المعارضون أيضاً إن «جوجل» تطلق خدمات جديدة مثل «جول بلاس» وهو شبكة للتواصل الاجتماعي تشجع الناس على تمضية وقت أطول في استخدام خدمات «جوجل».

ولمح المونيا – الذي لديه فريق من أكثر من عشرة من المحامين المتخصصين في مجال المنافسة – إلى هذا البلاغ بالتحديد.

وقال أيضاً إنه قلق من أن تكون «جوجل» تنسخ مواد أصلية مثل آراء المستخدمين من مواقع منافسة مثل (يلب) وإنها ربما تكون تعمل على إغلاق شركات ووكالات الاستشارات الإعلانية على الإنترنت، وإنها ربما تكون أيضاً تعمل على منع المستخدمين من البحث في أنظمة الإعلانات المنافسة عن طريق (أد ووردز) وهي شركة إعلانات تابعة لـ«جوجل» قائمة على المزادات.

وقال ديفيد وود، وهو محام يمثل شركة (1 كومب) وهي مجموعة انتقدت «جوجل» بشدة «هذا ينبئ بأن المفوضية تعتقد أن هناك وجاهة في عدد من الشكاوى، تحتاج «جوجل» إلى تقديم حلول ملموسة بصورة كبيرة».