وقدر متعاملون نسبة الشركات التي وصلت إلى المحاكم، ومن أهمها شركات كبرى أرهقت المحاكم لعشرات السنين في الفصل في نزاعاتها بـ50%، وأن الخلاف الأكبر لتلك النزاعات يرجع إلى اختيار القائد والمدير التنفيذي للشركة بعد وفاة والدهم المؤسس واختلاف العائد المادي والحصص النسبية لأسهم الشركة بين الأجيال المتتابعة، وفقاً لصحيفة “الشرق الأوسط”.
وحسم زين العابدين بري، عضو مجلس الشورى السعودي، جدل المطالبات بضرورة إلزام الشركات العائلية بالتحول من شركات فردية إلى مساهمة مغلقة أو عامة، للحد من النزاعات، بأن ذلك لا يمكن مناقشته في مجلس الشورى، بسبب أن تلك الشركات تتبع قانونا أساسيا بحفظ الملكية الخاصة، دون التدخل في شؤونها.
وأكد العابدين على ضرورة الاتجاه إلى تلك المطالب، ولكن عن طريق التشجيع والتوعية عبر جهات حكومية ومن المجتمع المدني، وهو ما ينعكس بالدرجة الأولى على الملاك لعدم زوال كيانهم، وعلى الاقتصاد المحلي حيث تعتبر معظم الدول على تلك الشركات كركيزة كبرى في تنمية الاقتصاد وطرح فرص عمل لمواطنيها.
وأشار العابدين إلى تجارب ناجحة في بعض الشركات، التي بادرت بتكوين مجلس إدارة لها، والانضمام لسوق المال عبر مساهمة عامة، حققت لها عائدا وساهمت في التوسع والنمو، وهو الهدف الأساسي لأي شركة تطمح في الاستمرارية والتوسع في نشاطها.
صنع القرار
وشارك العابدين أحمد زارع المحامي والمستشار القانوني وعضو لجنة المحامين في غرفة جدة بأن القوانين لا تسمح بالتدخل الحكومي في الملكية الخاصة، وكيفية إدارتها، شريطة أن تتوافق مع الأنظمة والقوانين التجارية والاستثمارية في البلاد، ولكن من الممكن أن يتم الاستعانة بالحوكمة عبر الاستعانة بالمحامين، للتحول إلى مساهمة مغلقة، عبر تحديد قياديين لتلك الشركات وتحديد مهامهم الوظيفية للمشاركة في صنع القرار، حتى لا يؤثر ذلك على مسيرة الشركة بعد وفاة المؤسسين.
ولفت زارع إلى أن معظم الشركات يديرها مؤسسون منذ عشرات السنين، وهناك جيل بعدهم لم يشارك في قرار الشركة، وهنا تنشأ الخلافات حول ضرورة وجود المؤهل في قيادة الشركة أو المؤسسة، وهو ما جعل الشركات تلجأ إلى المحاكم بمختلف أنوعها، لفض النزاع.
واعتبر المحامي أحمد زارع توجه الشركات إلى الدخول في مساهمة عامة تحديا مقبلا، ويجب على الشركات الدخول فيه لتستطيع المنافسة مستقبلا، وخاصة بعد انضمام السعودية للتجارة العالمية، ودخول الشركات متعددة الجنسيات التي تمتاز بكبر رؤوس أموالها.
اختيار مدير المستقبل
وقدر أحمد زارع حجم النزاعات المالية للشركات التي توجد حاليا في المحاكم بـ10 مليارات ريال 2.6 مليار دولار، وأن العدد في تزايد للوصل إلى المحاكم سنويا، ومعظم الخلافات تنحصر في اختيار مدير المستقبل، ورغبة أحد الشركاء من الأبناء في الحصول على توزيع التركة أو الثروة.
وكانت السعودية قد شهدت، خلال الخمس سنوات الماضية، جدلا كبيرا حول وصول كبرى الشركات العائلية إلى المحاكم بسبب تفاوت العائد المالي واختيار القائد، وسبب ذلك تجميع رؤوس أموالها لحين الانتهاء من إصدار الحكم، وتسريحا لآلاف الوظائف التي كان يشغلها مواطنون.
في حين بادرت بعض الشركات بتعيين مجلس إدارة، وهناك شركات أصبحت تنقل تجاربها في التحول من مؤسسة فردية إلى شركة مغلقة وبعدها الاستقرار كشركة مساهمة عامة وطرحت في سوق المال (تداول).
وتواجه الشركات العائلية السعودية والخليجية مخاطر في الوقت الحالي، تتمثل في التخطيط للمدى البعيد وتحقيق التفاعل بين الأسرة والعمل والملكية، مما يجعل المؤسسين أمام خيار كبير لاختيار وإعداد الأجيال المقبلة في الشركات العائلية وهو التحدي الأهم والأصعب لتلك الشركات.