أنهت إدارة «المجلس الدولي للغة العربية» تقريرها النهائي عن مؤتمرها الدولي السابع الذي عقد في دبي، وأوردت في التقرير التوصيات التي خلص إليها المؤتمر، ومما جاء فيها:
التأكيد على أهمية الاستفادة من وثيقة بيروت (اللغة العربية في خطر: الجميع شركاء في حمايتها) الصادرة عن المؤتمر الدولي للغة العربية، ودراسة ما ورد فيها من نقاط تتعلق باللغة العربية وقضاياها المختلفة، إضافة إلى الحلول التي اقترحتها، كما يدعو المؤتمر الجميع للاستفادة من (قانون اللغة العربية) الذي تم إعداده بعناية كبيرة، وبالتعاون مع اتحاد المحامين العرب بهدف خدمة المشرعين والقانونيين وواضعي الأنظمة والسياسات اللغوية للاستئناس به في سن القوانين والتشريعات ووضع الأنظمة التي تحمي اللغة العربية وتمكنها وتعزز مكانتها.
اعتمدت الدول العربية منذ استقلالها اللغة العربية في تشكيل الأنظمة الوطنية التي أدركت أن اللغة العربية الموحدة والجامعة هي من أهم وسائل وحدتها وتضامنها وقوتها وبناء كوادرها والمحافظة على ثوابتها ومرجعياتها وقيمها ومثلها العليا، كما أنها اعتمدت على التعليم والعمل والإدارة باللغة العربية لتحافظ على الأجيال المقبلة من الذوبان في مشاريع عالمية تبعدهم من بيئتهم الوطنية والعربية والإسلامية وتربطهم بمشاريع وبثقافات خارجية، وتضعف انتماءهم وولاءهم لمجتمعاتهم ومنظومة القيم والأخلاق التي تربى عليها أباؤهم وأجدادهم. لهذا فإن المساس باللغة العربية أو إضعافها يعد مخالفة للدساتير والأنظمة واعتداء على سيادة الدول واستقلالها وأمنها.
دعا المؤتمر إلى الحذر من النتائج السلبية الناتجة عن إحلال اللغة العربية باللغات الأجنبية أو اللهجات المحلية في التعليم. وسوق العمل والتعليم والإعلام والثقافة والإدارة، ويحذر الأسر من اللغات واللهجات التي تهدف إلى ضرب الإجماع الوطني والمساهمة في تقسيم الأوطان وتفكيكها تحت ذرائع ظاهرها حقوقي وباطنها عدواني تفكيكي، يعمد إلى التمييز والتفرقة بين شرائح المجتمع المختلفة. مع مراعاة التنوع الثقافي والاهتمام باللغات المحلية والأجنبية، وفق سياسة لغوية محكمة تسهم في تعزيز الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية وتسمح بالاطلاع على تجارب الأمم وبالتنوع الثقافي واللغوي حسب الحاجة إليها، مع ضرورة الاستفادة من تجارب الدول التي توجد فيها لغات متعددة.
تعدّ مشاركة الأفراد والمؤسسات الحكومية والأهلية في الفاعليات التي تهتم باللغة العربية أكبر دليل على اعتزاز الجميع بلغتهم العربية، لأن اعتزاز المواطنين واحترامهم لغتهم هو أساس النهضة العامة التي تعتمد على اللغة العربية السليمة في جميع شؤون الحياة، ويؤكد المؤتمر على دور الأسرة المسؤول الأول عن المحافظة على اللغة العربية وعلى تعليم وتحبيب الأجيال المقبلة في لغتهم العربية. وهذا الاعتزاز لن يتم إلا إذا احتلت العربية مكانتها الطبيعية في كل مجالات الحياة بصفتها لغة الحياة والعمل، ولغة العبادة التي تمثل أولوية لدى جميع الأفراد والمؤسسات الحكومية والأهلية.
يدعو المؤتمر الدول والحكومات والمؤسسات الحكومية والأهلية إلى بذل الجهود اللازمة لسنّ القوانين والتشريعات ووضع السياسات اللغوية التي تنظم مسألة اللغة على المستوى الوطني والعربي والإسلامي، مع الأخذ في الاعتبار بأن اللغة العربية الموحدة والجامعة التي تمثل السيادة والاستقلال هي اللغة الوطنية الرسمية وفق الأنظمة والدساتير وأنظمة الحكم في الدول العربية، وهي لغة الدين في الدول الإسلامية، وبها تتم إعادة إنتاج المجتمع وإعداد المواطن الصالح، والمساواة بين المواطنين، مع التأكيد أن غياب السياسات اللغوية يؤدي إلى تشظٍ لغويّ يهدد الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية.
أهمية التشجيع الكامل على تعلم اللغات الأخرى وفق الحاجة إليها، مع التحذير من الآثار السلبية الناتجة من الاعتماد على اللغات الأجنبية في التعليم والإدارة والإعلام وسوق العمل وغيرها من المؤسسات الحيوية والوطنية بدلاً من اللغة الوطنية ممثلة في العربية، والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة التي تعتمد لغتها الوطنية في كل شؤون الحياة على رغم من صغر عدد سكانها، وتنافس بها في جميع المجالات العلمية والتقنية والصناعية والتنموية وغيرها.
دعوة المؤسسات التشريعية والقانونية ممثلة بالاتحاد البرلماني العربي وأعضائه من البرلمانات ومجالس الشورى إلى تقديم المبادرات اللازمة من أنظمة وتشريعات (السياسات اللغوية لحماية اللغة الوطنية ممثلة في اللغة العربية) من التهميش والإقصاء في جميع الميادين الحيوية، وبخاصة التعليم والإدارة وسوق العمل والإعلام وفي الإشهار والإعلان والثقافة والسياحة والتجارة والصناعة والتقنية، وتنظيم وضع اللغات المحلية والأجنبية.
دعوة وزارات الخارجية والداخلية والعمل والتجارة والصناعة والخدمة المدنية في الدول العربية إلى سن قوانين تمنع العمل بغير اللغة العربية السليمة، وحض جميع المؤسسات الحكومية والأهلية على عقد الدورات التدريبية للعاملين بها في مجال اللغة العربية. كما يأمل المؤتمر من هذه الوزارات السيادية بأن تعمل على استصدار قوانين تشترط الموافقة على العمل في جميع التخصصات والمهن والمعرفة الكافية من قبل العرب وغيرهم من الوافدين باللغة العربية السليمة لمزاولة أعمالهم حماية للمجتمعات من التلوث اللغوي، وسوف يعزز مثل القرار فتح الكثير من الفرص الوظيفية، وتعزيز الثقافة العربية وانتشارها، وإعطاء صورة واضحة وحقيقية غير مشوهة عن المجتمعات والدول العربية.
دعوة وزارات الخارجية في الدول العربية إلى مطالبة ممثليها في السفارات والمنظمات والمؤتمرات والندوات والمشاورات وجميع من يمثل الدول في المشاركات الخارجية إلى الالتزام باللغة العربية بصفتها اللغة الوطنية في جميع مواقع أعمالهم واجتماعاتهم وفي المحافل الدولية، ووضع العقوبات والأنظمة التي تحمي اللغة العربية من التهميش والإقصاء من قبل ممثلي الدول العربية في جميع المحافل الدولية، وعدم تعريض دولهم للانتقاد من قبل ممثلي الدول الأخرى سواء كانت عربية أو أجنبية، نتيجة إهمالهم للغتهم العربية واستسهال التحدث باللغة الأجنبية مما يضر بسمعة الدول وبسيادتها واستقلاليتها ووحدتها، والاعتزاز بثوابتها ومرجعياتها، والعمل على تشجيع الترجمة وتوظيف المترجمين، وعقد دورات مكثفة لجميع الموظفين والبعثات الخارجية وفي شكل مستمر في اللغة العربية ضمن برنامج وخطة تأهيل البعثات في اللغة الوطنية أولاً ثم في اللغة الأجنبية، وفق الحاجة إليها.
كما يحض المؤتمر وزارات الخارجية إلى مطالبة البعثات الأجنبية باحترام اللغة العربية في جميع أعمالها، وتشجيع ممثليها على استخدام اللغة العربية في جميع المؤسسات التي تتبع للبعثات الخارجية في الدول العربية. كما يدعو المؤتمر وزارات الخارجية إلى حض البعثات الأجنبية ومواطنيها إلى تعلم اللغة العربية قبل السفر للعمل في الدول العربية، سواء في المؤسسات الحكومية أو الأهلية.
دعوة وزارات التربية والتعليم في الوطن العربي إلى إعادة النظر في طرق وآليات التدريس باللغة العربية، والعمل على تطوير وتحديث الخطط الدراسية والكتب والمناهج، وفي النسبة المعيارية لعدد الحصص والساعات المعتمدة لتدريس اللغة العربية مقارنة بغيرها من الموادّ الدراسية، مع التأكيد على أهمية تعليم المهارات اللغوية الأساسية في المراحل الدراسية الأولى لأنها أساس المراحل التعليمية اللاحقة، وتعد المهارات اللغوية من أهم المهارات الحياتية التي يحتاجها الفرد في جميع شؤون حياته وتؤثر كثيراً على مسيرته العلمية والوظيفية والفكرية والثقافية.
يؤكد المؤتمر أهمية البحث العلمي والنشر باللغة العربية في جميع التخصصات لردم الفجوة بين اللغة والعلوم والمعارف والتقنيات والمصطلحات الحديثة. ويدعو إلى تعزيز البحث باللغة العربية لتسهيل تعلم العلوم والمعارف المختلفة باللغة الوطنية، والتوسع في إنشاء المجلات العلمية والتقنية والطبية المختصة باللغة العربية وبخاصة الإلكترونية.
دعوة أقسام اللغة العربية في الجامعات إلى مراجعة الخطط الدراسية وفق معايير وضوابط علمية تركز على اللغة كتخصص وبما يعود بالمصلحة على اللغة العربية وعلومها المختلفة، والعمل مع أقسام اللغة العربية في الجامعات المختلفة بغية الحصول على الاعتماد الأكاديمي للخطط الدراسية لضمان جودتها ونوعيتها ومعاصرتها وفق الضوابط والمعايير المعتمدة من الجمعية الدولية لأقسام اللغة العربية.
انطلاقاً من «وثيقة بيروت» التي حملت عنوان «اللغة العربية في خطر: الجميع شركاء في حمايتها» والتي لخصت أعمال المؤتمر الدولي الأول للغة العربية والذي عقد في آذار (مارس) 2012 في بيروت برعاية رئيس الجمهورية اللبنانية تحت عنوان «العربية لغة عالمية: مسؤولية الفرد والمجتمع والدولة»، وبناء على ما ورد في المادة رقم 18 من الوثيقة التي طالبت بأن يتم اعتماد يوم عالمي للغة العربية، فقد بادرت اليونيسكو مشكورة إلى اعتماده بناء على اقتراح المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية واقتراح يوم 18 ديسمبر يوماً عالمياً للغة العربية، ويدعو المؤتمر جميع المؤسسات الحكومية والأهلية والمجتمعات والأسر والأفراد، إضافة إلى المنظمات والاتحادات والمجامع والجمعيات والجامعات والمدارس والمؤسسات الإعلامية والفكرية والثقافية والعلمية.
يؤكد المؤتمر على أهمية الاستثمار في اللغة العربية بكل الطرق والوسائل الممكنة، وفق ما توصل إليه المؤتمر الدولي الثالث للغة العربية الذي عقد في دبي برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي حفظه الله، تحت عنوان «الاستثمار في اللغة العربية ومستقبلها الوطني والعربي والدولي».
يدعو المؤتمر إلى المشاركة في المؤتمر الدولي الثامن للغة العربية والمقرر عقده في دبي من 10 إلى 13 نيسان (أبريل) 2019 الموافق 5 – 8 شعبان 1440هـ.
كما يدعو المؤسسات الحكومية والأهلية والمسؤولين والباحثين والمختصين والمهتمين إلى الاستعانة بهذه التوصيات والاستفادة منها في أبحاثهم ومشاريعهم ومبادراتهم وقوانينهم وتشريعاتهم وأنظمتهم وسياساتهم اللغوية لتكون عوناً لهم في تحقيق المزيد من النجاحات في خدمة اللغة العربية، وحتى تتكامل الجهود التي يقوم بها الأفراد والمؤسسات الحكومية والأهلية.