أعلن معالي مبارك راشد المنصوري محافظ المصرف المركزي، أن هناك توجهاً لإصدار عملة رقمية قابلة للتداول بين الإمارات والسعودية بهدف تحسين وتفعيل كفاءة المعاملات، لكن معاليه أوضح أنه ليس المقصود بالعملة الرقمية أنها عملة ستحل محل عملة معينة لكنها ستكون أداة جديدة من أدوات الدفع.
وأشار معاليه إلى أن العملة الرقمية المزمع إصدارها تعد في إطار العملات الإلكترونية الموازية للعملات المحلية الوطنية، موضحاً أن العملة الرقمية القابلة للتداول بين الإمارات والسعودية تأتي ضمن استخدام تكنولوجيا سلسلة الكتل المعروفة بـ «بلوك تشين».. ويمكن تشبيهها مثلاً باستبدال التعامل بالنقد بالتعامل ببطاقات الصراف الآلي.
جاء ذلك في تصريحات صحافية عقب افتتاح معاليه اللقاء السنوي الثالث عشر عالي المستوى حول المعايير المصرفية العالمية والأولويات التشريعية والرقابية، الذي انطلقت أعماله أمس بأبوظبي، وتستمر على مدى يومين وينظمه صندوق النقد العربي بالتعاون مع معهد الاستقرار المالي التابع لبنك التسويات الدولية.
وقال معالي مبارك راشد المنصوري إن العملة الرقمية التي يجري دراسة إصدارها تأتي كمشروع مشترك بين مصرف الإمارات المركزي ومؤسسة النقد العربي السعودي لتكون المرة الأولى على الإطلاق التي تشهد تعاون سلطات نقدية من بلدين لاعتماد هذه التقنيات، مشيراً معاليه إلى أن العملة الرقمية التي يجري دراسة إطلاقها سيحاول مصرف الإمارات المركزي تجربة نظامها في البداية محلياً بالتعاون مع البنوك العاملة بالدولة.
تحذير.. «البيتكوين»
ورداً على سؤال حول تعليق المصرف المركزي بشأن الارتفاع الذي شهدته عملة بيتكوين الرقمية خلال الفترة الماضية قال معاليه: «ذلك لا يعنينا»، مجدداً التحذير من المخاطر المرتبطة بالتعامل بالعملات الافتراضية في المرحلة الراهنة ومنها ما يسمى «البيتكوين» الرقمية، مشيراً إلى أن تعامل الأفراد بالعملات الافتراضية محفوف بالمخاطر وأنه على سبيل المثال عندما أعلنت بعض الدول خلال الفترة الماضية عدم تعاملها بالعملات الافتراضية حدثت مشكلات كبيرة للمستثمرين بهذه العملات.
وأكد معاليه أن المصرف المركزي لم يرخص حتى الآن لأي شركة للعمل في مجال إصدار أو الاستثمار في عملات افتراضية بالدولة.
وأوضح معاليه أن العملات الرقمية نوعان الأول يتمثل في العملات الإلكترونية الموازية للعملة المحلية الوطنية وهذه لا بأس بها، أما النوع الثاني المتمثل في العملات الافتراضية التي يمكن أن ترتبط ببعض المخاطر لأنها تعتمد على العرض والطلب وليس لها مرجع معروف.
وذكر معاليه أنه فيما يتعلق بموضوع «الفينتك» فإن هناك تقنيات جديدة بدأت تظهر بقطاع البنوك والصيرفة عموماً، وتوجه المصرف المركزي يرتكز على النظر في هذه التقنيات بما يساعد القطاع ولكن مع توخي الحذر بعدم الإسراع في اعتماد تقنية أو عدم اعتمادها، مؤكداً ضرورة عدم التعامل في هذه العملات الافتراضية دون مرورها عبر القنوات الرسمية للتأكد من هم وراءها تجنباً لأية مخاطر والتأكد من أنها لا تستخدم في عمليات غسل الأموال.
ورداً على استفسار بشأن ما تردد حول مشاورات اندماج بين بنك الشارقة وبنك الاستثمار قال معاليه: إن قرارات الاندماج ترجع لقرارات مجالس إدارات البنوك وجمعياتها العمومية والمصرف المركزي لا يتدخل في هذه القرارات.
مخاطر الفضاء الإلكتروني
من ناحية أخرى أكد معالي مبارك راشد المنصوري أن المصرف يضع على رأس قائمة أولوياته توسيع نطاق العمل في تخطيط الطوارئ ليشمل إدارة المخاطر التشغيلية بما في ذلك «مخاطر الفضاء الإلكتروني»، مشيراً إلى أن أنظمة الدفع تتعرض بحكم طبيعتها إلى مخاطر تشغيلية كبيرة وعلى الرغم من إمكانية القضاء على هذه المخاطر برمتها إلا أنه بإمكان الأنظمة أن تتخذ خطوات وإجراءات لتقليل احتمالات حدوثها وتخفيف تأثيراتها، مشيراً إلى أن المصرف المركزي يسعى لانتهاج أفضل السبل للتصدي لـ «مخاطر الفضاء الإلكتروني» بوضع الإطار الملائم الذي يمكن من خلاله تقييم هذه المخاطر.
وكشف عن أنه هناك خطوات لإنشاء إدارة في المصرف المركزي تختص بمراقبة تطبيق أفضل المعايير المصرفية لمواجهة مخاطر الفضاء الإلكتروني.
متطلبات بازل3
وذكر معاليه أن الأولويات التنظيمية للمصرف المركزي تتركز في وضع أنظمة جديدة للقطاع المصرفي في الدولة بشأن الضوابط الداخلية والامتثال والتدقيق الداخلي ورفع التقارير المالية والتدقيق الخارجي في إطار نظام شامل من حيث متطلبات الحوكمة لدى البنوك، وفيما يتعلق برأس مال البنوك تم إعداد أنظمة جديدة يجري التشاور بشأنها حالياً مع ممثلي القطاع المصرفي خصوصاً فيما يخص مكونات إطــار رأس المال حسب متطلبات بازل-3 والعمل مستمر لإنهاء ما تبقى خلال العام المقبل مثل مخاطر الطرف المقابل ومعاملات المشتقات المباشرة مع الطرف المقابل والتوريق المالي.
تحديات رأس المال
من جانبه أكد الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي أهمية مواصلة جهود تطوير الإجراءات والقواعد الرقابية والإشرافية للقطاع المالي والمصرفي، مشيراً إلى الجهود والمساعي التي تبذلها السلطات في الدول العربية في هذا الشأن.
وقال في كلمة له خلال اللقاء إن الدول العربية بصورة عامة لا تواجه تحديات للوفاء بمتطلبات رأس المال، حيث تصل نسبة تغطية رأس المال للأصول المرجحة بالمخاطر إلى نحو 17% في المتوسط على مستوى الدول العربية، مشيراً إلى التهديدات الإلكترونية التي تتعرض لها المؤسسات المالية والمصرفية والبنية التحتية للأسواق المالية التي تشكل تهديداً لجميع المؤسسات المالية والنظام المالي بأكمله ووفقاً للإحصاءات المتاحة فإن أكثر من 80% من المؤسسات المالية الكبيرة على مستوى العالم تعرضت بشكل من أشكال الهجمات الإلكترونية ويتجاوز الأثر المالي المقدر لهذه الهجمات نصف تريليون دولار سنوياً.
إصلاح رقابي
قال معالي مبارك المنصوري إن برنامج المصرف المركزي للإصلاح الرقابي واسع النطاق وتم تطويره بناء على الدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية الأخيرة الذي كان من ضمن أهدافه الاستفادة من الفرص والمزايا التي توفرها التقنيات المالية الحديثة مثل «الفينتك»، مؤكداً أن القطاع المالي والمصرفي لا بد أن يتحول لمسيرة التحول الرقمي التي يشهدها العالم حالياً.