أعلن رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس أن الاتفاق مع الجهات الدائنة الأوروبية أنهى التقشف في البلاد لكن «الصعوبات الحقيقية» آتية. وقال في خطاب موجه الى الأمة بعد ساعات على الإعلان عن الاتفاق «لقد أنجزنا الكثير لكن طريقاً طويلة وصعبة في انتظارنا».
وافق الاتحاد الأوروبي الجمعة على تمديد برنامج القروض لليونان لأربعة اشهر لكن مقابل تنازلات تشمل التزاماً بتحديد إصلاحات في غضون يومين.
وتم التوصل الى الاتفاق مقابل تعهدات يونانية عديدة، في ختام اجتماع «شاق» كان الثالث خلال أسبوع لوزراء المال في الدول الـ19 الأعضاء في مجموعة اليورو.
وسيكون على اثينا ان تقدم لائحة بالإصلاحات التي يجب ان يوافق عليها الدائنون الذين باتوا يعرفون باسم «المؤسسات» (الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي) وليس الترويكا. واعتبر تسيبراس ان حكومته تجنبت «خطة من قوى محافظة» في الداخل والخارج للتسبب بتخلف اليونان عن السداد، وأكد انه سيواصل العمل من أجل «إعادة حكم الشعب» في اليونان.
ترحيب
ورحب الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند بالاتفاق المبدئي الذي توصلت إليه الجمعة مجموعة اليورو مع اليونان حول أزمة الديون السيادية لحكومة أثينا.
ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة «لوفيجارو» الفرنسية عن اولاند قوله خلال زيارة لمعرض زراعي في باريس إن الاتفاق يمثل «حلاً توافقياً جيداً» بالنسبة لأوروبا ولليونان.
تفاصيل
وتعهدت أوروبا بتمديد تمويل اليونان لأربعة اشهر متجنبة خروج هذا البلد من منطقة اليورو، لكن بشروط صارمة ستخضع للدراسة. وصرح يورين ديسلبلوم رئيس مجموعة اليورو خلال مؤتمر صحافي أن «أربعة أشهر هي المهلة المناسبة في مجال التمويل ونظراً الى التحديات التي يتعين مواجهتها».
وقال وزير المال اليوناني يانيس فاروفاكيس انه إذا رفضت المقترحات اليونانية «فسنواجه مشكلة لن تصدر الموافقة لكن هذا الأمر لن يحدث». من جهته، قال وزير المال الفرنسي ميشال سابان ان اثينا وافقت في نهاية المطاف على البقاء تحت اشراف الجهات الدائنة «لكن سيكون هناك عمل من طبيعة اخرى. سيكون هناك بالتأكيد عمل سياسي»، مشيرا الى ان اليونانيين لم يعودوا يريدون مقابلة «تقنيين».
استياء
اما وزير المال الألماني المحافظ فولفغانغ شويبله الذي لم يعد يخفي استياءه المتزايد من الحكومة اليونانية اليسارية الراديكالية الجديدة، فقد صرح ان «الدخول الى الحكومة هو موعد مع الواقع وفي معظم الأحيان الأمر ليس جميلاً كما هو في الحلم».
وقال ديسلبلوم ان لائحة الإجراءات ستتحدد بحلول نهاية أبريل. واضاف ان وحده «تقدم» كهذا سيسمح باستئناف دفع أموال الى البلاد، المجمد منذ سبتمبر.
لكن بانتظار التوصل الى اتفاق لا شيء يضمن تمويل البلاد. واعترف فاروفاكيس بأنه «لم نذهب بعيداً جداً ستجري مفاوضات جدية في الأسابيع المقبلة حول وسائل سد ثغرة الميزانية للبلاد».
وتعهدت اليونان أيضاً بعدم اتخاذ اجراءات احادية الجانب واحترام وعودها بتسديد الأموال لدائنيها. وقال الوزير اليوناني ان الحكومة ستعفى في المقابل من فرض ضريبة جديدة على القيمة المضافة أو اقتطاعات في رواتب التقاعد أو رفع المزيد من القيود عن سوق العمل.
وعبر فاروفاكيس عن ارتياحه لأنها «بداية مرحلة جديدة من دون مذكرة» كانت تنص على إجراءات تقشف صارمة منذ 2010. وقال «وعدنا بكتابة مذكرتنا الخاصة بنا»، مؤكدا ان «اليونان تترك الإملاءات خلفها وأصبحت مشاركاً في صياغة الإصلاحات وتحديد مصيرها».
وقال ميشال سابان ان «اليونان والمؤسسات الأوروبية كانت بحاجة الى الاستقرار والهدوء والرؤية»، مشيرا الى «مرحلة أولى الاثنين ومرحلة ثانية في نهاية أبريل ومرحلة ثالثة في نهاية يونيو».
واكد ديسلبلوم ان الأمر يتعلق «ببناء الثقة»، معترفا بأن الأمر احتاج «مفاوضات مكثفة».
لائحة
وستقدم اثينا بحلول الغد لائحة اصلاحات يتعين ان يوافق عليها دائنوها. وسيحدد الدائنون ما اذا كانت تلك الإصلاحات «كافية» للإفراج عن القسط الأخير من خطة المساعدة المالية المعلقة منذ اشهر.
ومن شأن هذا المسار ان يتيح الإفراج عن باقي تمويل البرنامج اي 1,8 مليار يورو من صندوق دعم منطقة اليورو و1,8 مليار يورو تتأتى من فوائد البنك المركزي الأوروبي على السندات اليونانية. في المقابل لن يكون بإمكان اثينا ان تستفيد من صندوق اعادة رسملة المصارف اليونانية.
وجرت مشاورات مكثفة قبل اجتماع منطقة اليورو. وجرت وساطة بين وزيري مالية اليونان وألمانيا قامت بها مجموعة اليورو والمفوضية الأوروبية وصندوق النقد. وأقر ديسلبلوم بأن المباحثات كانت «معقدة» و«بالغة الصعوبة».
صفحة
وتحرص اثينا على طي صفحة التقشف لكن ألمانيا الضامنة للتشدد في الميزانيات في أوروبا اشترطت ان تواصل اليونان تطهير ماليتها العامة وتمضي في الإصلاحات الهيكلية التي اجبرت عليها لقاء قروض بقيمة 240 مليار يورو منذ 2010.
وتبنت هذا الموقف دول اخرى مثل فنلندا ودول البلطيق لكن أيضاً اسبانيا والبرتغال وسلوفاكيا التي قال رئيس وزرائها روبرت فيكو انه «من المستحيل ان نفسر للناس انه عليهم منح المال لدفع اجور ومعاشات تقاعد اليونانيين».
دعم
وأعربت الولايات المتحدة عن أملها في ان تبقى اليونان في منطقة اليورو وشجعت الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي على «رسم طريق» من شأنه ان يساعد اثينا على احياء نموها الاقتصادي.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر بساكي «نعتقد ان الإصلاحات الهيكلية الضرورية والخطة الهادفة لعودة النمو ستكون لها المزيد من الفرص للنجاح في حال بقيت اليونان داخل منطقة اليورو».
العودة إلى الدراخمة
انتقد هانز فيرنر زين رئيس معهد إيفو الاقتصادي الألماني الاتفاق الذي توصلت إليه اليونان مع مجموعة اليورو. وقال في بيان إن «الأموال الإضافية ليست إلا مسكناً للمرض اليوناني ولن يسهم في الشفاء».
وأوضح زين أن كلفة اليورو بالنسبة لليونان باهظة وعليها أن تقلل هذه التكلفة لتستعيد قدرتها التنافسية، وهذا لن يكون إلا من خلال خروج اليونان من اليورو والعودة إلى الدراخمة وتقليل قيمتها. ورأى زين أن على اليونان أن تتفاوض على الشروط الخاصة بالخروج من اليورو.