على الرغم من التحديات الإقليمية المستمرة، من المتوقع أن تحافظ دولة الإمارات العربية المتحدة على مرونة اقتصادية قوية في عام 2025، مدعومة بالإنفاق الاستهلاكي القوي والاستثمار الأجنبي المباشر القياسي وجهود التنويع الناجحة، وفقًا لتقرير صناعي جديد.
وتستمر الموقع الاستراتيجي لدولة الإمارات العربية المتحدة كمركز تجاري عالمي يربط بين أوروبا وأفريقيا وآسيا، إلى جانب مكانتها كوجهة عقارية رئيسية، في دفع مسار نموها.
وأكد التقرير الصادر عن شركة FOREX.com، وهي شركة تابعة لمجموعة StoneX Group Inc، وهي شركة خدمات مالية عالمية مقرها الولايات المتحدة، أن هذه العوامل ستساعد في الحفاظ على الزخم الاقتصادي في البلاد.
ومن المؤشرات الرئيسية لهذه المرونة سوق العقارات المزدهرة في الإمارات العربية المتحدة. ففي أكتوبر/تشرين الأول، شهدت الدولة رقماً قياسياً بلغ 19.390 معاملة سكنية، ليصل إجمالي عدد الوحدات السكنية حتى الآن إلى 140 ألف وحدة ــ بزيادة قدرها 36% مقارنة بالعام السابق.
وقالت رزان هلال، محللة السوق وخبيرة السوق المعتمدة لدى FOREX.com: “إن دولة الإمارات العربية المتحدة تسير على الطريق الصحيح للحفاظ على نمو اقتصادي قوي في عام 2025، مع توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي تتراوح بين 6.2% من قبل البنك المركزي لدولة الإمارات العربية المتحدة، و5.1% من قبل صندوق النقد الدولي، و4.1% من قبل البنك الدولي”.
وأشار هلال إلى أن التضخم في الإمارات يتراجع بشكل مطرد، حيث انخفض إلى 2.4% على أساس سنوي في أكتوبر/تشرين الأول، وهو أبطأ وتيرة منذ أغسطس/آب 2023.
وأضافت أنه “مع استمرار التيسير النقدي من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وهو ما يعكسه مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، فمن المتوقع أن تنخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر، وهو ما من شأنه أن يساعد في تحفيز النمو الاقتصادي في عام 2025”.
ورغم أن التوقعات تظل إيجابية، فإن التقرير يعترف بالمخاطر المحتملة الناجمة عن عوامل محلية وإقليمية وعالمية. وتشمل هذه المخاطر الضغوط على عائدات النفط بسبب انخفاض أسعار النفط، والتحديات الناجمة عن مخاطر العرض المفرط من الدول غير الأعضاء في أوبك، والتباطؤ الاقتصادي في الصين.
وعلى الساحة العالمية، فإن التحول المتوقع من جانب الصين إلى سياسة نقدية أكثر تيسيراً في عام 2025 ــ وهي الخطوة الأولى من نوعها منذ عام 2011 ــ قد يؤدي إلى استقرار الطلب.
وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تستمر القطاعات غير النفطية في الإمارات، بما يتماشى مع أجندة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الطموحة في الدولة، في دفع عجلة التوسع الاقتصادي. وتشمل هذه القطاعات التجارة والسياحة والتكنولوجيا، حيث تستهدف الإمارات العربية المتحدة تجارة خارجية بقيمة 25.6 تريليون درهم (6.97 تريليون دولار) وتدفقات استثمار أجنبي مباشر بقيمة 60 مليار درهم سنويًا بحلول عام 2033.
كما أكد هلال أن دور دبي كمركز عالمي للابتكار سيتعزز من خلال مبادرات مثل استراتيجيات الذكاء الاصطناعي والتنمية المستدامة 2030، إلى جانب إطلاق “ساند بوكس دبي”، الذي يهدف إلى تعزيز اختبار وتسويق التقنيات الجديدة. وستعزز هذه الجهود ريادة دبي في التقدم التكنولوجي وتدعم النمو الاقتصادي لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وتطرق التقرير أيضًا إلى التأثير المحتمل لولاية رئاسية أميركية مستقبلية بقيادة دونالد ترامب، وتوقع أن الإنفاق المالي وتخفيضات الضرائب وقوة الدولار الأميركي وتزايد حالة عدم اليقين الجيوسياسي قد يكون لها تأثيرات مختلطة. وفي حين وصلت مؤشرات الأسهم الأميركية إلى مستويات قياسية مرتفعة تحسبًا لسياسات ترامب، فإن مؤشر MSCI للإمارات العربية المتحدة يقترب أيضًا من ذروته في عام 2024.
ومع ذلك، تظل مكاسب السوق هذه عرضة للتقلبات، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية المتزايدة والاضطرابات المحتملة في التجارة العالمية الناجمة عن سياسات ترامب والتعريفات الجمركية والقرارات الإقليمية.
وعلاوة على ذلك، من المتوقع أن تظل أسعار الذهب حاسمة في عام 2025، حيث تعكس المكاسب المحتملة الطلب المتزايد على الأصول الآمنة وسط حالة عدم اليقين العالمية.
ويشكل هذا تحدياً كبيراً لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي يتعين عليها أن تتعامل مع هذه المخاطر الاقتصادية والسياسية العالمية مع الحفاظ على مكانتها كملاذ آمن في المنطقة.
وفي الختام، يؤكد التقرير أن مواكبة التطورات السياسية والاقتصادية العالمية سيكون أمراً حيوياً لتشكيل منظور دقيق حول الأداء المالي لدولة الإمارات العربية المتحدة في السنوات المقبلة.