خلص تقرير حول أحدث التطورات في الاقتصاد الكلّي للمملكة إلى التوقعات بتحسن طفيف في الاقتصاد السعودي خلال عام 2017، مع بعض التحديات التي ربما تؤدي إلى جعل النتائج تأتي أقل مما هو متوقع.
وبشكل عام، سيتراجع نمو الاقتصاد السعودي في عام 2017 بسبب قطاع النفط، ونتيجة لالتزام المملكة باتفاقية أوبك لخفض الإنتاج، والتي تم تمديدها مؤخراً لتسعة شهور أخرى حتى مارس 2018. ولكن رغم ذلك، سيحقق القطاع الخاص غير النفطي نمواً إيجابياً يصل إلى 1,2بالمئة، وسيأتي ذلك النمو بفضل إصدار المملكة مؤخراً لبعض الصكوك، وإعادة البدلات لموظفي الدولة، مما يؤدي إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي المحلي.
وأشار التقرير الصادر من شركة جدوى للاستثمار إلى أن المملكة شهدت في إبريل 2017 اهتماماً كبيراً من قِبل المستثمرين الدوليين فيما يتعلق بإصدارها عدداً من الصكوك. نتيجة لذلك، تمكنت المملكة من رفع قيمة إصدارها الأساسي إلى تسعة مليار دولار، مقارنة بمبلغ خمسة مليار دولار الذي كانت في الأصل تسعى للحصول عليه. و تعتبر الصكوك المقوّمة بالدولار التي أصدرتها المملكة بتلك القيمة العالية أكبر إصدار صكوك عالمي حتى اليوم، وستساعد على دعم النمو في سوق الصكوك العالمية خلال عام 2017. وشكلت الصكوك السعودية ما يقارب 60 بالمائة من إجمالي الدين الصادر في النصف الأول من عام 2017، ورغم استبعاد صدور المزيد من الصكوك من قِبل المملكة هذا العام، لكن يبقى الإصدار القياسي الذي صدر في إبريل الماضي عاملاً رئيسياً لجذب الانتباه نحو المملكة، باعتبارها أحد الأسواق الرئيسية للتمويل الإسلامي.
وجاء في التقرير أن”ساما” قامت بزيادة سعر إعادة الشراء العكسي بـ 25 نقطة أساس ليصبح 1,25 بالمئة، وذلك نتيجة لرفع أسعار الفائدة الأمريكية من قِبل الاحتياطي الفيدرالي. و تشير أحدث الاستطلاعات إلى تراجع توقعات السوق بشأن أسعار الفائدة الأمريكية، حيث يتوقع إجراء زيادة واحدة أخرى فقط قبل نهاية عام 2017 . وفي حال حدوث ذلك، فمن المتوقع قيام ساما بإجراء تعديل مساوي في سعر إعادة الشراء العكسي، وكذلك زيادة سعر إعادة الشراء، وهي تعتبر أول زيادة خلال فترة تقارب تسع سنوات.
ووفيما يختص بالقروض المصرفية، لفت التقرير إلى أنه يتوقع حدوث تحسن في القروض خلال الفترة المتبقية من عام 2017، بفضل زيادة مستويات الإنفاق الحكومي، حيث يتوقع حدوث زيادة كبيرة في الانفاق الرأسمالي خلال الأرباع القادمة، مما يؤدي إلى تحسين مؤشر الثقة لدى الشركات وزيادة نمو القروض المصرفية. علاوة على ذلك، ستؤدي إعادة البدلات لموظفي الحكومة إلى خلق المزيد من الثقة لدى البنوك في زيادة القروض الشخصية.
أن المؤشرات الاقتصادية تشير إلى تحسن طفيف، ولكن هناك مخاطر ربما تجعل النتائج الفعلية تأتي دون التوقعات
وتطرق تقرير شركة جدوى إلى وجود بعض التحديات مثل إمكانية حدوث تراجع آخر كبير في أسعار النفط، ومن ثم إمكانية إلغاء البدلات مرة أخرى. بالإضافة لذلك، لا تزال غير معروفة الآثار التي ستترتب على الاقتصاد السعودي جراء رفع أسعار الطاقة والذي سيبدأ تطبيقه في وقت لاحق من هذا العام، وفي الوقت ذاته، وبحسب التقرير، فإن أي تأجيل بتنفيذ خطط الإصلاح المضمنة ببرنامج التحول الوطني 2020 وبرنامج تحقيق التوازن المالي ورؤية المملكة 2030 سيشكل أكبر المخاطر اللتي تتوقعها شركة جدوى للاستثمار.
ويرى التقرير أنه على الرغم من الأثر الإيجابي الذي سيحققه ضبط الإنفاق على هيكل الاقتصاد الكلي على المدى الطويل، إلا أن المزيد من التقشف على المديين القصير والمتوسط سيؤدي إلى خفض النمو في القطاع غير النفطي إلى مستوى دون المتوقع خلال العامين القادمين، وقد أشار صندوق النقد الدولي إلى هذا التحدي مؤخراً، خاصة وأن تطبيق سياسة التشديد النقدي بسرعة كبيرة والخفض الحاد في عجز ميزانية الدولة ربما يؤثر على نمو الاقتصاد خلال الفترة القادمة.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-khp