مجلة مال واعمال

تطوير مهارات المستقبل اليوم

-

الاستثمار المستمر في تعليم المهارات الرقمية يمكّن دول المنطقة من إعداد الشباب للعمل المستقبلي والتنمية الاقتصادية القائمة على التطور التكنولوجي، بقلم باول بوتغيتر، المدير التنفيذي – دايمنشن داتا الإمارات

تمثل تقنيات الذكاء الاصطناعي وسلسلة الكتل (البلوك تشين) اثنتين من أبرز التقنيات التي يتوقع لها أن تساهم في تغيير المشهد الإقليمي من حيث الطلب على المهارات المتخصصة. فنظام الحاسوب الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي يمكنه استشعار بيئة عمله والتفكير بها والتعلّم عنها والتصرف ضمنها. وبشكل عام، يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين اتخاذ قرارات الأعمال عبر تسريع الاستجابات البشرية وأتمتة المهام اليدوية وتمكين صناعة القرار بشكل آلي.

يفرض النمو الهائل في احجام البيانات ضغوطات كبيرة على كافة الأعمال التنافسية لتجد وسائل مبتكرة لإدارة نمو حجم البيانات، ويشمل ذلك الحاجة إلى تصنيف البيانات بالإضافة إلى الحصول على مرئيات الأعمال من البيانات. ونظراً للمزايا الهائلة التي تحققها التقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي، تتنبأ شركة الأبحاث العالمية في مجال تقنية الاتصالات والمعلومات، آي دي سي، بأن متوسط نمو الإنفاق في الشرق الأوسط وإفريقيا سيبلغ 32% في عام 2021. وستستثمر الشركات مبالغ كبيرة في الذكاء الاصطناعي بهدف تنمية قدرات الموظفين وتعزيز الإنتاجية والكفاءة.

وستقود مؤسسات البنوك والخدمات المالية في المنطقة مسار تبنّي الذكاء الاصطناعي، تتبعها قطاعات الحكومة والتعليم والرعاية الصحية والتصنيع في تبني وتطبيق التقنية. أما حالات الاستخدام المبكرة للذكاء الاصطناعي فستظهر في مجالات الدفاع والإرهاب والتحقيقات والاستخبارات الحكومية وأتمتة خدمة العملاء وتحليل قضايا الاحتيال والتحقيق فيها. ويساند الابتكار في تطوير تلك الاستخدامات التقدم في إمكانات المعالجة اللغوية الطبيعية وتجميع المحتوى والتعلّم الآلي.

يشار إلى أن دولة الإمارات قد تبنّت بالفعل تلك النظم في جهات مختارة منها بنك الإمارات دبي الوطني ودائرة التنمية الاقتصادية في دبي، وذلك من خلال المساعد العقلي الجديد إيفا و راشد. وفي أكتوبر 2017 أطلقت الحكومة الإماراتية استراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعي ضمن هدف واسع يشمل كلاً من: النقل – تقليل الحوادث وتخفيض التكاليف التشغيلية، حركة المرور – تقليل الحوادث والازدحام، الصحة – التقليل من الأمراض المزمنة، الطاقة المتجددة – إدارة المنشآت، التقنية – زيادة الإنتاجية، التعليم – تخفيض التكاليف وتعزيز الرغبة في التعليم، والبيئة – لزيادة مساحات الغابات.

ومن ناحية أخرى تستخدم تقنية سلسلة الكتل (بلوك تشين) منصة ذات مصدر مفتوح وهيكلية للحوسبة الموزّعة، فهي تقنية موزعة تدعم أي شركة تعتمد على معايير الامتثال الرفيعة في تسجيل أية تعاملات، حيث لا يمكن تعديل أو قرصنة سجلات التعاملات المحفوظة في سجلات بلوك تشين، مما يجعلها مثالية لأعلى مستويات حفظ السجلات الوطنية.

وفي أبريل 2018 أطلقت الحكومة الإماراتية استراتيجية الإمارات لسلسلة الكتل 2021، والتي تهدف للاستفادة من التقنية المبتكرة لتحويل 50% من التعاملات الحكومية إلى منص بلوك تشين بحلول العام 2012. ومن خلال تبني تلك التقنية، يتوقع أن تتمكن الحكومة الإماراتية من توفير 11 مليار درهم إماراتي من معالجة الوثائق، بما في ذلك طباعة 398 مليون وثيقة و 77 مليون ساعة عمل. كما أن تبني التقنية لتأمين التعاملات الرقمية يسمح للحكومة بتخصيص رقم تعريف فريد لعملائها، بحيث يشير إلى الوثائق والتعاملات الخاصة بكل منهم.

وهناك العديد من نماذج الاستخدام التي تؤكد بأن الإنفاق على حلول سلسلة الكتل في الشرق الأوسط وإفريقيا عام 2018 سيتضاعف مقارنة بالعام 2017 بحسب شركة آي دي سي. كما سيستمر الإنفاق على حلول تقنية سلسلة الكتل وصولاً للعام 2021 بمتوسط نمو قدره 77%، حيث ترى حكومات المنطقة في التقنية عامل تمكين رئيسي لها، وستقود جهود تبني تلك التقنية متبوعة بقطاعات التعليم والرعاية الصحية والخدمات المالية والتوزيع وغيرها من الخدمات.

يتطلب تبني كل تلك التقنيات وتطبيقاتها المؤثرة تعليماً متخصصاً على مستوى الكليات والجامعات والناشئين في المنطقة. وتعدّ مبادرة “مليون مبرمج عربي” التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس الوزراء حاكم دبي في أكتوبر 2017، خطوة رائدة في ذلك الاتجاه، حيث يسعى البرنامج لتأهيل مليون مبرمج عربي شاب ومساعدتهم في تطوير مهاراتهم الرقمية وإمكانات البرمجة ليتمكنوا من خوض مجالات المستقبل مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتكس والعلوم العقلية والحياتية والبرمجة.

ومن خلال تطوير مهارات المستقبل اليوم، فإن الدول ذات النظرة المستقبلية تخلق فرص العمل لشبابها فيما تضمن الازدهار الاقتصادي عبر ترسيخ أسس التقنيات المبتكرة لديها.