بقلم : د. سليمان ضبيط
مال واعمال – الأردن في 16 يونيو 2021 -التقدم العلمي في الآونة الأخيرة ساعد على اكتشاف الشيفرة الوراثية للإنسان والتي أفادت البشرية في اكتشاف الكثير من الأمراض الوراثية والتي تنتقل عبر الأجيال وتسبب مشكلات إجتماعية واقتصادية كبيرة و الحديث هنا عن تشوهات الأجنة التي إما أن تنجم عن عوامل بيئية مثل نقص التغذية عند الأم أو استعمال بعض العقاقير في المرحلة الأولى من الحمل أو تعرض الجنين في مراحل عمره الأولى لبعض السموم مثل بعض المواد الكيميائية والتدخين والتعرض للإشعاع.
أما السبب الرئيسي الآخر فهو الأسباب الوراثية حيث يحمل كلا الزوجين أو احداهما احيانا كروموسوم مورث به تشوه أو قد يحدث اضطراب في عدد الكروموسومات عند اختلاط البويضة والحيمن . و يتكون كل كروموسوم من وحدات صغيرة يطلق عليها الجينات وهي التي تحمل الصفات الشكلية للكائن البشري. وعدد هذه الكروموسومات هو 46 كروموسوما مصفوفة في 23 زوجا و يوجد ضمنها زوج واحد فقط مسئول عن تكون جنس الجنين أحدهما يطلق عليه الصفة X والنصف الآخر الصفة Y .
من أهم الأسباب التي دفعت العلماء إلى تكثيف دراسة الجينات الأمراض الوراثية المعقدة بغرض التصدي لها من أجل الوقاية من الأمراض الوراثية والتشوهات الخلقية للمواليد وقد تم استحداث التقنية التي تتيح للزوجين تحديد جنس الجنين عن طريق فحص الأجنة التي سوف تحمل بها الأم إن شاء الله لضمان خلوها من الأمراض الوراثية ولا تقتصر فائدة التقنية الجديدة على هذا الجانب بل أضافت بعدا جديدا لعلاج هذه الحالة حيث أصبح بالإمكان اختيار أجنة سليمة متوافقة نسجيا مع أي من الأخوة المصابة بأمراض الدم الوراثية في الأسرة.
و الفحص الوراثي قبل زرع الأجنة
يشيع الاعتقاد بأن الأمراض الوراثية غير شائعة بين الأطفال ولكن هناك 1-3% من الأطفال الذين يصابون بأمراض وراثية بعضها غير متوافق مع الحياة و يؤدي إلى وفاة الجنين وبعضها يؤدي إلى إحداث إعاقة للمولود أو تشوهات خلقية.
إن أسلوب الوقاية من الأمراض الوراثية أصبح حقيقة ممكنة بعدة وسائل أحدثها هو اختيار الأجنة وراثيا قبل مرحلة العلوق بالرحم و تتم من خلال برنامج طفل الأنابيب والتخصيب المجهري حيث يقوم الطبيب بعد تخصيب البويضات بالحيا من ووصولها إلى مرحلة 8-10 خلايا متشابهة بفحص خلية واحدة وراثيا لتشخيص التركيبة الوراثية الكاملة للجنين – يتم هذا الاختبار بارتشاف خلية واحدة من البويضة المخصبة بواسطة أجهزة دقيقة مجهرية دون الإضرار بالبويضة ثم يتم البدء في تحليل مكونات نواة الخلية بطرق معملية مختلفة لاكتشاف الكروموسومات المعيبة أو الجينات الوراثية الناقلة لكثير من الأمراض.
و يتم استخدام هذه الطريقة في بعض الحالات وأهمها:
1.اضطراب عدد الكروموسومات سواء بالنقص أو الزيادة وارتباطه بتقدم عمر المرأة بعد سن 35 سنة وارتباطه وراثيا كذلك بعمر الأب في 10-20 % من الحالات.
2.اختيار ثلاثية الكروموسومات لاستبعاد متلازمة الطفل المغولي .
3.اختيار ثلاثية الكرموسوم رقم 16,18,22,13 لاستبعاد الأسباب الوراثية لتكرار الإجهاض.
4.عيوب الكروموسومات الجنسية المؤنثة لاستبعاد متلازمة كلاينفلتر.
5.اضطرابات الجينات الفردية مثل أمراض الدم الوراثية (الأنيميا المنجلية و أنيميا البحر المتوسط والثلاسيميا)
6.اختيارجنس الجنين لتجنب الأمراض المتعلقة بالذكور مثل الهيموفيليا (سيولة الدم) أو المتعلقة بالإناث كالتخلف العقلي.
إن هذه التقنية الحديثة أضحت أملا للكثير من العائلات والتي يوجد فيها أطفال مصابون بأمراض وراثية وسوف يحمل الغد القريب إن شاء الله آفاقا أخرى في هذا المجال.