مجلة مال واعمال

تشانغ يونغ .. عامل اللحام الذي تمرد على أوضاعه وتسرب من الدراسة فأتته المليارات

-

لم يسبق لـ تشانغ يونغ (Zhang Yong) تناول الطعام في أحد المطاعم قبل عام 1989 حينما كان التاسعة عشر من عمره، فقرر يومًا التسلل من عمله أثناء استراحة الغداء، ليلبي الرغبة التي راودته لسنوات، لكن التجربة كادت تصرف نظره كليًا عن الاقتراب من المطاعم لسوء ما قُدم له آنذاك.

لكن التجربة السيئة والحالة المعيشية المتواضعة ربما كانتا حافزًا للشاب الذي تسرب من دراسته الثانوية بحثًا عن العمل ومصدر دخل يكفي احتياجاته الأساسية، وهو ما لم يعثر عليه حتى أوائل العشرينيات من عمره.

بيد أنها كانت بداية مثالية لصياغة قصة نجاح فريدة لثري عصامي استهل حياته المهنية بتقاضى 93 يوانًا (13.5 دولار) في الشهر كعامل لحام بمصنع تابع للدولة لإنتاج الجرارات الزراعية في مقاطعة ستشوان غربي وسط الصين.

ساءت أوضاع “يونغ” أكثر عندما قرر الاستقالة من عمله على خلفية نزاع مع المصنع حول شقة مُنحت له ولخطيبته، ومع تقطع السبل به وتدهور أحواله المالية، قرر “يونغ” وهو في الرابعة والعشرين من عمره – بعد خمس سنوات من تجربة المطعم السيئة التي خاضها- فتح مطعمه الخاص في مدينة جيانيانغ بمساعدة زوجته “شو بينغ”.

تكون المطعم في البداية من أربع طاولات فقط، وتخصص في إعداد الوجبات على الطريقة الشعبية في شرق آسيا “هوت بوت” أو ما يعرف بالوعاء الساخن، والتي تمنح الزبائن تجربة خاصة في طهي والطعام وإعداده بالشكل الذي يفضلونه، باستخدام مجموعة متنوعة من المكونات الطازجة بما في ذلك اللحوم والأسماك والخضروات والبيض.

وبفضل الوجبات المميزة والنكهات الفريدة التي قدمها الزوجان، سرعان ما اكتسب المطعم شهرة وقبولًا واسعًا بين السكان المحليين، وكانت تلك بادرة انطلاق سلسلة “هاي ديلاو” (Haidilao) التي اشتهرت فيما بعد بوجبات ستشوان الشعبية الحارة، بجانب خدمات أخرى مجانية أكسبتها المزيد والمزيد من الجماهيرية مثل طلاء أظافر السيدات وتلميع أحذية الزبائن أثناء الانتظار، وحتى تقديم عروض استعراضية.

صورة ذات صلة
مؤخرًا طرحت الشركة أسهمها للاكتتاب في بورصة هونج كونج، وخلال أول يوم تداول في السادس والعشرين من سبتمبر/ أيلول -بعد 24 عامًا على افتتاح أول مطاعم السلسلة- قفزت ثروة الزوجين إلى 7 مليارات دولار وفقًا لحصتهما التي تزيد على 50% في “هاي ديلاو” البالغة قيمتها بعد الاكتتاب 12.06 مليار دولار.

وبحسب صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” توسعت عمليات “هاي ديلاو” سريعًا بفضل تقديمها منتجات تتلائم مع احتياجات وقدرات الطبقة المتوسطة المتنامية، والتي يعتبر استهلاكها جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد الجديد في الصين، ورغم السمعة السيئة المرتبطة بطول قوائم الانتظار، تعتقد السلسلة أن مطاعمها ستستقبل 100 مليون زائر حول العالم على مدار العام.

وبات لدى الشركة الآن شبكة مترامية الأطراف تتألف من 363 مطعمًا في الصين وهونج كونج والولايات المتحدة وتايوان وسنغافورة واليابان وكوريا الجنوبية، وحققت إيرادات قدرها 7.3 مليار يوان (مليار دولار أمريكي) خلال ستة أشهر من هذا العام، بزيادة 54%، فيما نما صافي الربح بنسبة 17% إلى 647 مليون يوان.

تعليقًا على سؤال حول معدل النمو السريع للأعمال خلال مقابلة مع مجلة “فوربس”، قال “يونغ” إن “هاي ديلاو” تفتتح مطعمًا جديدًا كل ثلاثة أيام، مضيفًا: الأجانب لديهم فضول كبير تجاه الثقافة الصينية، يمكن تعلم الكثير من تاريخنا وعاداتنا في الطعام.

في عام 2013، قال “يونغ” لصحيفة “وول ستريت جورنال” إنه شديد الكره لكتب الإدارة، وأن أحد أهم جوانب وظيفته كرئيس تنفيذي للشركة هو ترك الموظفين يديرون الأعمال، مضيفًا أن العديد من الأفكار الخدمية التي منحت “هاي ديلاو” شهرة كبيرة في الصين، مثل توفير أكياس بلاستيكية لحماية جوالات العملاء من السوائل والأبخرة، وتقديم شرائط الشعر للفتيات، جاءت بالأساس من قبل موظفيه.

وعلى النقيض من كرهه لكتب الإدارة، يتحلى “يونغ” البالغ من العمر 48 عامًا بشغف كبير حيال التكنولوجيا، وهو ما شجعه في 2012 على إطلاق خدمة حجز الطعام عبر الإنترنت، قائلًا: سأضع روبوتًا في كل مطعم إن استطعت ذلك.

وحول النصيحة التي يمكن أن يوجهها إلى الشباب الراغبين في محاكاة تجربته الناجحة، يقول “يونغ”: لا تدرسوا قصتي، تعلموا من “ستيف جوبز”.

وتحظى “هاي ديلاو” بدعم من مستثمرين كبار، مثل “هيل هاوس كابيتال” و”جرين وودز أسيت مانجمنت” و”مورجان ستانلي آسيا” و”مورجان ستانلي إنفستمنت” و”سنو لايك كابيتال” و”ووارد فيري”.