spot_imgspot_imgspot_imgspot_img
الرئيسيةتحليل اقتصاديترامب وركود الاقتصاد.. لماذا لم يعد يهتم؟

ترامب وركود الاقتصاد.. لماذا لم يعد يهتم؟

ساهم جيل الألفية في إغناء اللغة بمصطلح “التأقلم مع الواقع” (cope)، وهو محاولة لتخفيف وقع الأوضاع الصعبة عبر تصويرها بشكل أقل سوءًا مما هي عليه. وهذا يفسر سبب ترديد البعض لعبارات مثل: “على الأقل ترامب جيد للاقتصاد”، أو “إذا كان هناك شيء واحد يهتم به ترامب، فهو أداء البورصة”. لكن أكثر محاولات التأقلم غرابة هي تلك التي تفترض أن “ترامب لا يستطيع تجاهل الأرقام الاقتصادية السيئة”. الحقيقة؟ يستطيع ذلك تمامًا.

لماذا لا يخشى ترامب التداعيات الاقتصادية؟
على عكس ولايته الأولى، لا يستطيع ترامب الترشح لولاية ثالثة، ما يعني أنه تحرر من قيود الرأي العام التي كانت تلعب دورًا في ضبط سلوكه سابقًا. فإذا أدت سياساته الجمركية إلى ركود اقتصادي أو تسببت تحركاته الخارجية بأزمة عالمية، فما الذي يخسره؟ في أسوأ السيناريوهات، قد يخسر الحزب الجمهوري انتخابات التجديد النصفي، لكنه ليس مهتمًا بمستقبل الحزب بقدر اهتمامه بنفسه.

هناك من يعتقد أن ترامب قد يحرص على الاقتصاد لتأمين فوز خليفته الجمهوري في 2028، لكن هذا غير منطقي، فحتى القادة التقليديون مثل ميركل وبايدن لم يعيروا اهتمامًا كبيرًا لموضوع الخلافة. وهناك رأي آخر يفترض أن ترامب قد يسعى للالتفاف على الدستور لتمديد حكمه، لكنه احتمال ضعيف، لأن ذلك سيتطلب انهيارًا كاملاً للنظام الأمريكي.

الركود.. دافع لمزيد من التطرف؟
بدل أن يكون الركود الاقتصادي عاملًا لتخفيف حدة سياسات ترامب، قد يدفعه إلى مزيد من التشدد، خاصة في:

تقليص الدعم لأوكرانيا: كلما ساء الاقتصاد، ازدادت مبررات حجب الموارد العسكرية عن الحلفاء الأوروبيين.
إضعاف المؤسسات الأمريكية: كلما تدهورت الأوضاع المالية، زادت حجج تقليص دور الحكومة الفيدرالية، وهو هدف طالما سعى إليه المحافظون المتشددون.
ترامب بعد نوفمبر 2024.. زعيم بلا قيود
ما يجعل هذا السيناريو أكثر خطورة هو أن ترامب لم يعد مجرد سياسي تقليدي يسعى لإعادة انتخابه، بل أصبح قوة منفلتة تتخذ القرارات بدوافع شخصية أكثر منها سياسية. ففي ولايته الأولى، كان يُحجم عن التصريحات التي قد تؤثر على شعبيته، أما الآن، فلم يعد بحاجة لكسب ود الناخبين المتأرجحين، بل يركز على قاعدة “ماغا” المتشددة.

كما أن فريقه لم يعد يضم رجال أعمال تقليديين من أمثال مديري إكسون موبيل، بل بات محاطًا بشخصيات أكثر جموحًا وطموحات مالية غير محدودة. وبذلك، تحولت رئاسته من مجرد شعبوية مألوفة إلى نهج أكثر خطورة يميل إلى “العدمية السياسية”.

النظام الأمريكي تحت الاختبار
يعتمد النظام السياسي الأمريكي على مجموعة من الضوابط والتوازنات، لكنه في جوهره يفترض أن الرئيس سيحترم قواعد اللعبة. لكن ماذا لو كان هذا الرئيس لا يهتم بالمعايير التقليدية ولا يخشى العزلة بعد خروجه من الحكم؟ ماذا لو كان يرى في رئاسته فرصة لإنهاء حياته السياسية بطريقة تمثل النقيض التام لكل ما هو مألوف؟

منذ نوفمبر 2024، يبدو أن الكثيرين الذين بالغوا في القلق من ترامب في ولايته الأولى، لم يقلقوا بما يكفي الآن. والمؤشر الأخطر هو حالة اللامبالاة التي تسيطر على الديمقراطيين وقطاع الأعمال، والذين يفترضون أن ترامب سيعدل عن أفكاره الاقتصادية المتطرفة إذا واجه نتائج كارثية. هذا التحليل ربما كان منطقيًا قبل ثماني سنوات، لكنه لم يعد صالحًا اليوم.

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة

error: المحتوى محمي