كان عام 2015 مخيّباً للآمال على صعيد أنشطة الدمج والاستحواذ التي تستهدف شركات تتخذ من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مقراً لها. وتراجعت قيمة الصفقات مقارنة مع ارتفاع في الحجم بالنسبة للعام السابق وفقاً لـ”زيفير”، قاعدة بيانات الدمج والاستحواذ الصادرة عن “بيرو فان دايك”. وبالإجمال جرى استثمار 30,595 مليون دولار أمريكي في عام 2015 ما يمثّل تراجعاً بنسبة 11 في المائة مقارنةً مع 34,529 مليون دولار أمريكي التي تم ضخها في عام 2014 وهو التراجع السنوي الثاني على التوالي. وعلى الرغم من تراجع القيمة في عام 2015، ارتفع الحجم بنسبة 26 في المائة من 521 صفقة في عام 2014 إلى 657 صفقة. ويمثل هذا الحجم ثاني أكبر حجم سنوي خلال الأعوام الستة الماضية ما يبرهن وجود إقبال على عقد الصفقات في المنطقة.
وقد حظي هذا الأمر بدعم ناجم من واقع الإعلان عن عدد من الصفقات الكبيرة ومنها خمسة صفقات تساوي قيمتها أو تفوق 1,000 مليون دولار أمريكي تم إبرامها في عام 2015. وكانت الصفقة الأكبر التي استهدفت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قيام “أو سي آي” ببيع أصول بقيمة 8,000 مليون دولار أمريكي. إذ وافقت “سي إف إنداستريز” من خلال شركة “داروين هولدينجز” التابعة لها والمتخصصة في السماد الآزوتي، على الاستحواذ على أعمال التوزيع العالمية التابعة لـ”أو سي آي” في دبي من بين أصول أخرى في أوروبا وأمريكا الشمالية في أغسطس. وشكّلت هذه الصفقة نحو 71 في المائة من مجموع الاستثمارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الربع الثالث و26 في المائة من القيمة الإجمالية للعام.
وكان الربع الأخير ساكناً إلى حد ما حيث لم يشهد إعلان أي صفقة “ضخمة” وكانت الصفقة الأكبر قيمة التي تم إبرامها خلال الأشهر الثلاث الأخيرة من العام قد وصلت قيمتها إلى 1,215 مليون دولار أمريكي حيث وافقت شركة الاتصالات السعودية على شراء حصة تصل إلى 74 في المائة لم تكن تملكها من قبل في شركة الاتصالات الكويتية. وتبع ذلك قيام “واربورج بينكوس” و”جنرال أتلانتيك” بعملية شراء مخطط لها بقيمة 1,000 مليون دولار أمريكي لحصة تصل إلى 49 في المائة في شركة “نتورك إنترناشيونال” العاملة في مجال معالجة المدفوعات والتي تتخذ من دبي مقراً لها. وشكّلت هذه الصفقات قسماً مهماً من إجمالي قيمة الصفقات التي استهدفت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الربع الأخير. وشكلت مجتمعةً نحو 29 في المائة من أصل 7,644 مليون دولار أميركي تم ضخها في الربع الأخير.
أما بالنسبة لعام 2015 بأكمله، فكانت الإمارات العربية المتحدة الدولة الأكثر قيمة للعام حيث جذبت صفقات بقيمة 15,186 مليون دولار أمريكي بارتفاع نسبته 29 في المائة مقارنةً مع 11,809 مليون دولار أمريكي المسجّلة في عام 2014. وتعتبر هذه القيمة أكبر أربعة أضعاف تقريباً من القيمة التي سجلتها مصر التي حلّت في المرتبة الثانية وجذبت صفقات بقيمة 3,923 مليون دولار أمريكي.
وبرزت دول مجلس التعاون الخليجي بقوة في عام 2015 حيث تضمنت قائمة أفضل خمس دول في عام 2015 على صعيد القيمة، ثلاث دول من مجلس التعاون الخليجي. وإضافة إلى الإمارات العربية المتحدة التي جاءت في المرتبة الأولى، حلّت المملكة العربية السعودية والكويت في المرتبتين الثالثة والرابعة على التوالي. وواكب إبرام الصفقات في مجلس التعاون الخليجي نشاط الدمج والاستحواذ الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث تراجعت القيمة مقارنة بالعام الماضي في عدة دول من هذه الدول الست وكانت الإمارات العربية المتحدة والسعودية الاستثناءين الوحيدين. وعلى نحو مماثل، شهدت معظم دول مجلس التعاون الخليجي تحسناً على صعيد الحجم مقارنة مع عام 2014 حيث كانت قطر الوحيدة التي سجلت تراجعاً سنوياً فيما بقيت البحرين على حالها مع 11 صفقة.
وبالإجمال شكّلت دول مجلس التعاون الخليجي نحو 73 في المائة من قيمة الصفقات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2015 وهو أمر غير مفاجئ نظراً إلى أنه ومن أصل أكبر عشرين صفقة تم إبرامها خلال العام، تضمنت 11 منها أهدافاً في منطقة مجلس التعاون الخليجي بما في ذلك الصفقات السبعة الأهم في العام.
أما بالنسبة لعام 2016 فمن الصعب توقّع مستويات أداء السوق على الرغم أنه في وسعنا أن نتطلع للصفقات الكبيرة التي من المتوقع إنجازها خلال العام المقبل لتوفير مؤشر من نوع ما. وحالياً لا تلوح في الأفق أية صفقات “ضخمة” من المفترض إبرامها في المستقبل القريب وتصل قيمة الصفقة الأكبر التي تستهدف شركة تتخذ من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مقراً لها والمنتظر إتمامها إلى 477 مليون دولار أمريكي وهي عبارة عن قيام شركة “سامسونج الهندسية” و”سامسونج الهند” بزيادة استثماراتها في “سامسونج السعودية” في صفقة من المتوقع إنجازها بحلول نهاية عام 2016. وتتضمن قائمة الصفقات التي من المفترض إبرامها في الربع الأول من عام 2016، عملية شراء بقيمة 375 مليون دولار أمريكي لحصة تصل إلى 30 في المائة من “سهام للخدمات المالية” من قبل “سانلام” من خلال “سانلام إنجنييرنج ماركتس” المملوكة بالكامل و”سانتام”.
وإضافة إلى ذلك، انتشرت شائعات مهمة عديدة عن صفقات تستهدف شركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الربع الأخير، إذ أطلعت مصادر مطلعة وكالة “رويترز” في أكتوبر أن الشركة الوطنية للمواد الغذائية تفكر في بيع حصة تقدّر قيمتها بـ1,500 مليون دولار أمريكي. كما أطلع أربعة أشخاص مطلعين مزود الأخبار في ديسمبر أن شركة “المراعي” السعودية العاملة في مجال تصنيع منتجات الحليب مهتمة في شراء حصة من الشركة. كما نشرت صحيفة “جاكرتا جلوب” شائعة قيّمة أخرى مفادها أن سيامسو علام، مدير الأنشطة السابقة للإنتاج لدى “بيرتامينا” يخطط لتخصيص رأسمال يتراوح بين 900 مليون و1,000 مليون دولار أمريكي للاستحواذ على أصول في مجال النفط والغاز في الخارج بما في ذلك إيران. إلا أنه لا توجد مؤشرات حتى الآن بخصوص تاريخ إبرام مثل هذه الصفقة.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-9pu