بعد أربعة أشهر من رفض نصيحة وسيط لتخفيض طلبات الايجار لفيلا جديدة على الطراز الاسباني في دبي، كان صاحب المنزل على استعداد لقبول تخفيض بنسبة 20 % على العقار الذي لا يزال شاغرا.
لم يكن السمسار، أكبر لاداك، متفاجئا، فكما يقول ان المزيد من أصحاب العقارات باتوا يتقبلون واقعا بأن عليهم خفض سقف توقعاتهم، ومقابل كل واحد لا يزال متمسكا بفكرة امكانية انتعاش السوق الذي طال انتظاره، هناك الكثيرين غيرهم مستعدون لقبول أخذ ما يمكن أخذه الآن.
خلال العامين الماضيين شاعت الكثير من التوقعات بانتعاش العقارات في دبي، التي أخفقت مرارا وتكرارا. لقد أفسح التفاؤل بشأن الانتعاش في عام 2017 المجال للاستسلام بهدوء لواقع أن الركود قد يستمر لمدة سنتين الى ثلاث سنوات، بعد أن أخفقت الزيادات في أسعار النفط، التي تشكل مفتاح اقتصاد الامارة، في احداث الزيادة المتوقعة في فرص العمل، بحسب التقرير الذي نشرته القبس الكويتية.
يقول محمد كمال، من شركة أرقام كابيتال ليمتد، الذي يعد واحدا من بين العديد من المحللين، الذين توقعوا زيادة كبيرة في الطلب على المنازل العام الماضي، «كمية العقارات المشتراة لأغراض الاستثمار والمدرجة حاليا في السوق الثانوية كبيرة للغاية. ويشير ذلك الى أن الشراء في الوقت الحالي لن يؤدي الى اعادة البيع في وقت لاحق، وهذا ما يبقي الناس بعيدين عن السوق».
وكانت ايجارات المساكن انخفضت بنسبة 10 %الى15% في العام الماضي، وفقاً لتقديرات مختلفة، بينما انخفضت أسعار البيع بوتيرة أبطأ. ومن غير المحتمل حدوث انتعاش قبل عام 2020، عندما تستعد دبي لاستضافة معرض وورلد اكسبو العالمي، حسبما قالت وكالة ستاندرد آند بورز العالمية للتصنيف، في تقرير صدر في فبراير.
وكانت معاملات المنازل المكتملة في العام الماضي أقل بنسبة 24% من متوسط السنوات العشر، وفقا لشركة فيدار الاستشارية. ورغم محاولات المطورين تأخير تسليم العقارات التي تم بيعها بالفعل، فإن نمو العرض يفوق الطلب على الايجارات. وقد تم تسليم أقل من نصف العقارات المباعة مقدما من قبل المطورين في السنوات الثلاث حتى 2017.
ويقول سانيالاك مانيبهاندو، محلل الأسهم في شركة فاب سيكيوريتيز في أبوظبي، «بعد عام سيئ في 2016، كان الأمل هو أن يتحسن الوضع الاقتصادي. لكن لم يتحسن الوضع الكلي، ولم ينسحب تحسن أسعار النفط على بقية الاقتصاد».
لا توجد توقعات بأن الركود سيكون مشابها لانهيار سوق العقارات في دبي، الذي حدث قبل عقد من الزمن. وقد قام صناع السياسة، منذ ذلك الحين، بتقييد قروض الرهن العقاري، وأجبروا المشترين على زيادة السيولة النقدية التي تدفع مقدما، مما ساعد على حماية السوق من الانخفاض. ومع ذلك، انخفضت مبيعات المنازل قبل البناء بنسبة 36 % في يناير من العام السابق.
السكان المحليون، الذين ساعدوا في حماية دبي من انهيار غذاه المشترون من الخارج، أوقفوا عمليات الشراء بانتظار وصول الأسعار الى القاع. كما أن تحركات العملة غير المواتية وتدابير التقشف في الداخل، والمخاوف بشأن المخاطر السياسية، التي ظهرت بعد أن أدى الخلاف مع قطر الى تراجع وضع الخليج كمنارة للاستقرار في منطقة مضطربة، تردع المستثمرين الأجانب.
مشاكل المطورين
يقول مانيباندو، من فاب سيكيوريتيز، إن أرباح شركات التطوير العقاري بالمدينة تعكس التحديات، و«جميعها لم تحقق التوقعات، لأن المحللين كانوا متفائلين للغاية، أو ربما لأن الوضع تفاقم في الجزء الأخير من السنة».
لا تزال شركات التطوير العقاري في دبي تتمتع بهوامش ربح يحسدها عليها أقرانها في العالم، وذلك بسبب قدرتها على استخدام الأراضي المجانية أو الرخيصة التي توفرها الدولة. لكن حتى ذلك سيتعرض لضغوط، حيث إن المشترين المحليين يرفضون الأسعار التي دفعها المستثمرون الأجانب.
حسين سجواني، الملياردير، الذي تقوم شركته داماك العقارية بتطوير ملاعب الغولف، التي تحمل علامة دونالد ترامب في دبي، يبقى متفائلا. ويقول إن سوق دبي تنضج، وبالتالي ينبغي توقع وتيرة أبطأ للنمو، وكان قال في مقابلة في يناير: لا يزال أمام سوق دبي طريق طويل.
لم يستسلم جميع الملاك على أمل الانتعاش البعيد المنال. اذ يقول لاداك، وهو وسيط في فيبجور للعقارات، إن موكله تراجع بعد أن وافق المستأجر على استئجار منزل في حي المرابع العربية الجديدة، بخصم20%. وسعى الى خفض بنسبة15%، لكن الصفقة لم تتم ولا يزال المنزل غير مأهول.
لكنها ليس بالمشكلة الكبيرة عند لاداك، فعندما يفشل في اقناع مالك العقار بقبول ايجار أقل، ينقل اهتمامه الى مساعدة المستأجر في الحصول على عقار بالسعر الذي يريد، من خلال التواصل مع مالكين آخرين في المنطقة. وهذا أمر سهل مع وفرة المنازل الجديدة الفارغة.
ويقول لاداك «نحاول تلبية توقعات مالكي العقارات. لكن ليس علينا أن نفقد المستأجر، عندما يكون هناك الكثير من العقارات المماثلة المتاحة».