منحت الانخفاضات المتوالية في أسعار النفط عالمياً الاقتصادات الاسيوية فرص النمو والتألق من جديد حيث لا تزال مستويات أسعار النفط تنعكس إيجابياً على نمو إجمالي الناتج المحلي في اقتصادات آسيا الناشئة باستثناء ماليزيا، حتى بعد الارتفاع الذي شهدتها الأسعار منذ بداية العام، الذي كان طفيفاً بسبب تطورات الشهر الماضي.
ومكنت هذه المستويات المنخفضة لأسعار النفط دعم الضغوط الانكماشية وهو ما أعطى البنوك المركزية الآسيوية مساحة أكبر لتخفيف سياستها النقدية وبذلك تعزيز النمو أيضاً.
وبالمقابل، يشكل احتمالية رفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة تهديداً لآسيا، لأن تباين السياسات النقدية بين الدول الآسيوية والولايات المتحدة قد سبق وأنذر بأزمة عام 1997، لكن تطبيق أنظمة عملة أكثر مرونة منذ عام 1997 ومستويات الديون المنخفضة، يجعل الدول الآسيوية بمعزل عن تكرار الأزمة، ومن المتوقع أن تظل أسعار النفط متقلبة ومن غير المتوقع أن تزيد بشكل كبير خلال العام.
الناتج الحقيقي
جاء هذا التحليل في البحث الاقتصادي الذي أصدرته شركة آسيا للاستثمار بعنوان «آثار أسعار النفط على الدول الآسيوية الناشئة»، حيث أظهر أن انخفاض أسعار النفط سيكون له تأثير إيجابي على الناتج الحقيقي في الأسواق الآسيوية، باستثناء ماليزيا كونها دولة مصدرة للنفط.
وفي ظل ذلك، سوف تستفيد اقتصادات تايلاند والصين وكوريا الجنوبية من تراجع أسعار النفط كونها مستورداً صافياً للنفط، وسينعكس ذلك في انخفاض صرفها على الواردات وتحسن الأوضاع المالية بفضل انخفاض مستوى الدعم على الوقود وتكاليف النقل، الأمر الذي سيحفز النمو. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يؤثر انخفاض أسعار النفط سلباً على نمو الناتج المحلي الإجمالي الماليزي، حيث تشكل صادرات النفط ما يقارب 30% من إيرادات الحكومة الماليزية.
وقال أحمد النفيسي الخبير الاقتصادي في شركة آسيا للاستثمار: يُقدر التأثير الإيجابي على الناتج الحقيقي بأن يكون الأعلى في تايلاند والصين وكوريا الجنوبية، حيثُ يُتوقع زيادة الناتج الحقيقي بنسبة 2.9% و2.6% و2.4% على التوالي.
فواتير الاستيراد
وسوف يعود تراجع أسعار النفط بالفائدة على هذه الدول كونها مستورداً صافياً للنفط، وهذا من خلال انخفاض فواتير الواردات، ما يسمح لها بتحسين أوضاعها المالية عبر خفض دعم النفط المكلف، كما يسهم كل من خفض المستهلكين لإنفاق الوقود وانخفاض تكاليف المدخلات وتكاليف شركات النقل في تحفيز النمو.
وقال فرانسيسكو كينتانا رئيس قطاع البحوث في شركة آسيا للاستثمار: من غير المتوقع أن يشكل الانكماش خطراً على هذه البلدان، لأن مكونات مؤشر سعر المستهلك (CPI) ستصبح إيجابية في النصف الثاني من هذا العام 2015.