تقرير “بين آند كومباني” لصناديق الأسهم الخاصة يدعو لإجراء مزيد من صفقات الدمج والاستحواذ الكبرى من أجل خفض فائض بقيمة 633 مليار دولار في رأس المال غير المدفوع في العام 2017
حقق قطاع صناديق الأسهم الخاصة العالمي أداءً جيداً خلال العام الماضي، حيث أظهرت قيمة شراء الأسهم وعمليات التخارج مكاسب جيدة. وأنهت الشركات أقوى فترة جمع أموال في تاريخ القطاع ومدتها خمس سنوات، حيث استمر الشركاء محدودي المسؤولية في التجاوب مع الأداء الممتاز لصناديق الأسهم الخاصة مقارنة بفئات الأصول الأخرى وذلك من خلال إغراق السوق بالمزيد من رأس المال. وأدى حماس المستثمرين هذا إلى ظهور أكبر صناديق شراء للأسهم الخاصة حتى الآن في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، وكان بمثابة إقرار بآفاق هذا القطاع في السنوات المقبلة. لكن وفي الوقت نفسه كثف من الضغوط على الشركاء العامين بغية دفعهم للحفاظ على أداء جيد في خضم تقلبات السوق.
هذه هي النتائج الرئيسية التي خلص إليها التقرير السنوي التاسع لصناديق الأسهم الخاصة العالمية (Global Private Equity Report) الصادر عن “بين آند كومباني” (Bain & Company)، الشركة الاستشارية العالمية الرائدة لمستثمري الأسهم الخاصة، والذي أطلقته اليوم (الإثنين 26 فبراير 2018) في مؤتمر “سوبر ريترن انترناشيونال” (SuperReturn International).
وقال هيو مكارثر، رئيس قسم الصناديق العالمية الخاصة في شركة “بين آند كومباني”: “يستمر حماس المستثمرين تجاه صناديق الأسهم الخاصة، الأمر الذي أغرق هذا القطاع بالنقد، وهو ما يعتبر إيجابي وسلبي في نفس الوقت. وعلى الرغم من أن صناديق الأسهم الخاصة لديها وفرة للإنفاق، إلا أن هناك منافسة شديدة جداً على الصفقات الاستثمارية. وفي ظل الصفقات التي يجري تنفيذها بأعداد قياسية، فإن الحيطة والحذر هي أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى.”
وقال غريغوري غارنييه، شريك في “بين آند كومباني” في الشرق الأوسط: “يتأثر نشاط صناديق الأسهم الخاصة في الشرق الأوسط بالتباطؤ الاقتصادي الإقليمي. فقد تم تأجيل بعض عمليات تخارج الأصول إلى أوقات أفضل، فيما بقيت معدلات إبرام الصفقات ثابتة، فضلاً عن أن مزيج هذا القطاع تحول من قطاع التجزئة العام إلى قطاعات أكثر مرونة مثل التعليم والرعاية الصحية، إضافة إلى قطاعات متخصصة ذات محركات نمو محددة. كما تعكس توقعات تقييم المضاعفات بشكل أكبر هذا “الوضع الطبيعي الجديد” في المنطقة. وتجري عمليات الاندماج في كافة القطاعات، بما في ذلك الأصول المملوكة لصناديق الأسهم الخاصة، كما أعاد العديد من المستثمرين تركيز اهتمامهم على إدارة المحافظ وخلق القيمة.”
ولاحظت “بين آند كومباني” استمرار تدفق المبالغ النقدية الكبيرة إلى فئة الأصول طوال العام الماضي، حيث تماثل قيمة رأس مال صناديق الأسهم الخاصة التي تم جمعها على مستوى العالم خلال العام الماضي والبالغة 701 مليار دولار تقريباً، أعلى مستوى تم تسجيله في العام الذي سبقه. وجاءت صناديق شراء الأسهم في الطليعة، حيث استحوذت على 301 مليار دولار، بزيادة كبيرة قدرها 27% عن العام 2016، وهو ما يدل على زيادة الحماس لدى المستثمرين. واستفاد هذا المجموع من الرقم القياسي لصناديق شراء الأسهم الضخمة (التي تزيد قيمتها عن 5 مليارات دولار) والتي أغلقت خلال العام. وكمقياس على الحماس الكبير لدى المستثمرين خلال العام 2017، فإن أكبر 10 صناديق أقفلت خلال العام جامعة أموالاً بأكثر من أهدافها الموضوعة، حيث كان بإمكانها بسهولة جمع المزيد من المبالغ المالية.
وفي الوقت نفسه، فإن عدم قدرة قطاع صناديق الأسهم الخاصة على تشغيل الأموال بالسرعة التي تم جمعها فيها ينجم عنه أرقام قياسية سنوية أكثر إشكالية وهو ما يعرف بـ “المخزون النقدي”. ومع نهاية العام 2017، كانت صناديق شراء الأسهم تسجل أعلى مستوى لها على الإطلاق من رأس المال غير المدفوع وبواقع 633 مليار دولار (286 مليار دولار منها كانت لصالح صناديق شراء الأسهم الضخمة)، مع ارتفاع إجماليها بنسبة 12% سنوياً خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وإن تخفيض الفائض الكبير في رأس المال غير المدفوع سيتطلب عمل المزيد من الصفقات الكبرى، حيث لا يوجد هناك نقص في الأصول المتاحة للشراء. وفي العام 2017، تم شراء وبيع أكثر من 38.000 شركة حول العالم، بقيمة تقدر بـ 3.3 تريليون دولار. والمشكلة هي أن حصة صناديق الأسهم الخاصة من هذه السوق القوية كانت 13% فقط من حيث القيمة، و8% فقط بالنسبة لعدد الصفقات. ولعل أوضح صورة لصناديق الاستثمار الخاصة كي تضع كميات كبيرة من رأس المال قيد التشغيل هي في المطالبة بحصة أكبر من سوق الاستحواذ والدمج الضخم من خلال القيام بالمزيد من الصفقات القائمة على الدمج والاستحواذ.
وقال مكارثر: “إن هذا الخلل التنظيمي هو بلا شك أكبر تحدي يواجه قطاع صناديق الاستثمار الخاصة، وهو نابع من التنافس الشديد على الصفقات، ما يضع ضغطاً متصاعداً باستمرار على أسعار الأصول. وهذا ما سيتطلب في الأعوام المقبلة، إلى جانب المنافسة الشديدة والتهديد الذي يلوح في الأفق للانكماش الاقتصادي، من صناديق الاستثمار الخاصة إنشاء محفظة قيمة من خلال أساليب قيادة وتنفيذ أفضل، أو قبول بالعوائد المتوسطة. كما يمكننا أيضاً أن نرى المزيد من صفقات الدمج والاستحواذ، بما في ذلك معاملات خلق القيمة وزيادة عائداتها والتي لا تزال تشكل عنصراً أساسياً من الصفقات، بالإضافة إلى المزيد من عمليات الدمج والاستحواذ الكبرى والجريئة.”
وفي سياق البحث عن طرق لتشغيل الأموال، واجه الشركاء العامون العديد من المعيقات تمثلت في مضاعفات التقييم العالية والمنافسة الشديدة والتوقعات غير المؤكدة للاقتصاد الكلي وهي الأشياء التي عقدت من حسابات القيمة المستقبلية. وأظهرت دراسة حديثة أجرتها “كامبريدج آسوسيتس” (Cambridge Associates) أن ما يصل إلى نصف كافة عمليات شراء الأسهم اليوم تحقق أرباحاً قبل خصم الفوائد والضرائب والاستهلاك والاستقطاعات بأكثر من 11 مرة. ودفعت هذه العوامل صناديق الأسهم لأن تكون انتقائية في تعاملاتها، وفي بعض الحالات حفزتها للبقاء على الحياد. ومع ذلك، ومع استمرار تراكم المخزون النقدي، فإن الضغط للقيام بصفقات هو بمثابة اختبار لقدرة قطاع صناديق الأسهم الخاصة على الحفاظ على مرونته.
ونفس العوامل التي أدت إلى تعقيد إجراء الصفقات في العام 2017 ساهمت في تسريع عمليات التخارج. وبلغت قيمة التخارج المدعومة بشراء الأسهم إلى 366 مليار دولار، وهو ثالث أفضل عام على الإطلاق، في حين ارتفع عدد عمليات التخارج بنسبة 3%. ونجم عن جميع قنوات التخارج الرئيسية – المبيعات إلى المشترين الاستراتيجيين، والمعاملات على مستوى الرعاة، والاكتتابات العامة- زيادات في العدد والقيمة على الصعيد العالمي.
وبقدر ما كانت عمليات التخارج قوية في العام الماضي، تشير البيانات أيضاً إلى أن شركات الأسهم الخاصة تعمل بجد لخلق القيمة. وأشار تقرير “بين آند كومباني” إلى أن فترات الاحتفاظ للشركات في محافظ صناديق الأسهم الخاصة استقرت إلى مستوى جديد يصل إلى حوالي 5 سنوات، حيث عزز متوسط فترات الاحتفاظ والبالغ 5 سنوات في العام 2017 من هذا الاستنتاج. وخلال ذروة ما قبل الأزمة في هذا القطاع، كان متوسط فترة الاحتفاظ بالنسبة للشركات محافظ الأسهم الخاصة أقل من 4 سنوات، وكانت شركات الأسهم الخاصة تقوم بعمليات تخارج بنسبة 40% من جميع الصفقات المدعومة بشراء الأسهم في أقل من 3 سنوات. وفي الآونة الأخيرة، تراجعت هذه “التقلبات السريعة” بمقدار النصف لتصل إلى حوالي 20%، ومن المرجح أن تبقى منخفضة.
وحددت “بين آند كومباني” ثلاثة مجالات يمكن فيها لأفضل صناديق الأسهم الخاصة أداءً بناء قدرات جديدة من أجل الازدهار في مناخ يزداد صعوبة:
– أولاً، تعزيز مهارات التقييم القيادي، وتعلم كيفية تحديد الفريق المناسب مبكراً ووضع المواهب المناسبة في المناصب المناسبة بدءاً من الإدارة العليا وحتى موظفي الخطوط الأمامية.
– ثانياً، إدراك أهمية تحقيق نمو كبير من خلال مساعدة الشركات على بناء قدرات تجارية عالمية المستوى. ويمكن من خلال مزيج من المبادرات الرامية إلى تقسيم العملاء على نحو أفضل، وزيادة فاعلية المبيعات وتحديد الأسعار، أن يتم رفع الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والاستقطاعات بنسبة 15%.
– أخيراً، تعلم المنافسة من خلال البيئة الرقمية لمعرفة كيف يمكن للتكنولوجيا أن تحدث تحولاً في عملية تقييم الإجراءات الواجبة وكيف يمكن للشركات خلق القيمة أثناء فترة الاحتفاظ. والشركات التي يمكنها اتقان هذه المهارات هي التي من المرجح أن تحقق تفوقاً في ظل صعوبة تحقيق عوائد عالية عاماً بعد عام.
سوق صناديق الأسهم الخاصة العالمية في العام 2017: بالأرقام
– ارتفع قيمة الصفقات بنسبة 19% لتصل إلى 440 مليار دولار في العام 2017، ما يعكس الحجم المتنامي لمتوسط الصفقات ووجود مجموعة من الصفقات الكبيرة بين القطاعين العام والخاص.
– كان عدد صفقات شراء الأسهم على مستوى العالم محدوداً خلال العام 2017، حيث ارتفع بنسبة 2% فقط ليصل إلى 3.077 صفقة، متراجعاً بنسبة 19% عن العام 2014، ذروة نشاط الصفقات في الدورة الاقتصادية الحالية. ولأول مرة، شملت “بين آند كومباني” تعاملات إضافية في مقارناتها الاستثمارية، حيث باتت تمثل الآن نصف سوق صفقات شراء الأسهم من حيث العدد.
– وصل الشركاء العامون إلى مستويات قياسية من “المخزون النقدي”، حيث تم تخصيص 516 مليار دولار لعمليات شراء الأسهم مع بداية العام 2017. وجعلت التقييمات المرتفعة وسط المنافسة الشرسة على الأصول، وخاصة من جانب المشترين من الشركات، من الصعوبة بمكان على شركات الأسهم الخاصة أن تعثر على صفقات وتفوز بها.
– بلغت قيمة عمليات التخارج القائمة على شراء الأسهم 366 مليار دولار، وهو ثالث أفضل عام على الإطلاق، في حين ارتفع عدد عمليات التخارج بنسبة 3%. ونجم عن كافة قنوات التخارج الرئيسية – المبيعات إلى المشترين الاستراتيجيين، والمعاملات على مستوى الرعاة، والاكتتابات العامة- زيادات في العدد والقيمة على الصعيد العالمي.
– بقي متوسط فترة الاحتفاظ لشركات شراء الأسهم ثابتاً عند 5 سنوات. وبفضل أسواق الدين القوية، واصلت عمليات إعادة رسملة الأرباح دورها كاستراتيجية مفضلة لاستثمار بعض الأموال في مجالات أخرى عاجلاً وليس آجلاً.
– حقق صناديق شراء الأسهم ما يصل إلى 301 مليار دولار، بزيادة كبيرة بلغت 27% في جمع الأموال عن العام 2016.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-osP