هبطت أسعار النفط، بعد أن فقدت موجة صعود استمرت ثلاثة أيام زخمها، بينما أشار ارتفاع عدد منصات الحفر الأمريكية إلى زيادة إنتاج النفط الصخري، بما يسهم في تخمة المعروض في الأسواق العالمية.
وظلت الأسعار تتحرك في نطاق خلال الربع الأول، في الوقت الذي كان التجار يبحثون فيه عن إشارات حول ما إذا كانت تخفيضات الإنتاج من جانب منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) فعالة، أم أن الإنتاج الأمريكي يساهم في تبديد الجهود الرامية إلى إعادة التوازن إلى السوق.
وسجلت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت أكبر خسارة بين فئات الأصول العالمية هذا الربع، وتكبدت العقود في مارس/ آذار، أكبر خسائرها الشهرية منذ يوليو/ تموز، مع تنامي مخزونات الخام وأنشطة الحفر بالولايات المتحدة، التي تبطل أثر تخفيضات الإنتاج بمناطق أخرى في العالم.
انخفض برنت في تسوية العقود الآجلة 13 سنتاً إلى 52.83 دولار للبرميل. وخسرت العقود نحو 7% في أكبر خسارة فصلية منذ أواخر 2015. وسجل الخام الأمريكي ارتفاعاً طفيفاً في العقود الآجلة بلغ 25 سنتاً إلى 50.60 دولار للبرميل، بعدما هبط دون 50 دولاراً للبرميل، واختتم الربع على تراجع بنحو 5.7 بالمئة، ليسجل أيضاً أكبر خسائره الفصلية منذ أواخر 2015.
وكانت أسعار النفط اكتسبت زخماً الأسبوع الماضي بدعم من تنامي التوقعات بأن أوبك وروسيا؛ أحد كبار المنتجين خارج المنظمة، ستتفقان على تمديد اتفاق خفض الإنتاج، سعياً لتعزيز الأسعار.
الطلب الأمريكي
وقالت وزارة الطاقة الأمريكية في تقريرها الشهري أمس الأول الجمعة، إن الطلب على النفط الخام في الولايات المتحدة زاد في يناير/كانون الثاني، بمقدار 179 ألف برميل يومياً، إلى 19.234 مليون برميل يومياً. وقالت إدارة معلومات الطاقة إن الإنتاج الأمريكي من الخام ارتفع خلال الشهر بمقدار 60 ألف برميل يومياً، إلى 8.835 مليون برميل يومياً.
وزادت الشركات الأمريكية عدد حفارات النفط للأسبوع الحادي عشر على التوالي، في أفضل فصل لزيادة عدد الحفارات منذ الربع الثاني من 2011، مع اكتساب موجة تعافٍ مدتها عشرة أشهر للزخم في ظل تعزيز شركات الطاقة إنفاقها على الإنتاج الجديد.
وقالت بيكر هيوز لخدمات الطاقة الجمعة، إن الشركات أضافت عشر حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في 31 مارس/آذار، ليصل العدد الإجمالي إلى 662 حفارة، وهو الأكبر منذ سبتمبر/أيلول 2015. وكان عدد حفارات النفط العاملة في الأسبوع المماثل قبل عام 362 منصة.
منصات الحفر
والزيادة التي بلغت 137 منصة حفر في الربع الأول هي الأكبر في فصل، منذ أن شغّلت شركات الحفر عدداً قياسياً من الحفارات بلغ 152 منصة في الربع الثاني من 2011، بحسب بيانات بيكر هيوز التي تعود إلى عام 1987. وتأتي زيادة عدد الحفارات على الرغم من هبوط أسعار العقود الآجلة للخام الأمريكي هذا الشهر إلى مستويات جرى تسجيلها، عندما وافقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على تخفيض الإنتاج في 30 نوفمبر/تشرين الثاني.
ومنذ أن تجاوزت أسعار الخام 50 دولاراً للبرميل للمرة الأولى في مايو/أيار، بعد تعافيها من أدنى مستوى في 13 عاماً الذي سجلته في فبراير/شباط 2016، أضافت الشركات ما قدره 346 منصة نفطية في 40 أسبوعاً من 44 أسبوعاً، وهو أكبر تعافٍ منذ أن أدت تخمة معروض النفط العالمي إلى هبوط السوق على مدى أكثر من عامين، منذ منتصف 2014.
وهوى عدد الحفارات وفقاً لتقارير بيكر هيوز من مستوى قياسي مرتفع بلغ 1609 منصات في أكتوبر/تشرين الأول 2014، إلى أدنى مستوى في ست سنوات عند 316 منصة في مايو/أيار، 2016 مع انهيار سعر الخام الأمريكي من أكثر من 107 دولارات للبرميل في يونيو/حزيران 2014، إلى حوالي 26 دولاراً في فبراير/شباط 2016. وتوقع محللون أن تزيد شركات الطاقة الأمريكية إنفاقها على أنشطة الحفر، وتضخ مزيداً من النفط والغاز الطبيعي الصخري في السنوات المقبلة وسط توقعات بصعود أسعار الطاقة.
خفض الإمدادات
وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز الجمعة، أن محللي أسواق النفط أصبحوا أكثر تشكيكاً في أن تخفيض إمدادات أوبك سيكون كافياً لتبديد أثر زيادة إنتاج الخام في الولايات المتحدة، وأنهم لا يعتقدون أن الأسعار ستصل إلى 60 دولاراً للبرميل حتى أوائل العام المقبل.
وأظهر الاستطلاع الذي شمل 32 من خبراء الاقتصاد والمحللين، أنه من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام القياس العالمي مزيج برنت 57.25 دولار للبرميل في 2017، بما يقل قليلاً عن توقعات الشهر الماضي ببلوغه 57.52 دولار للبرميل. وبلغ أعلى سعر متوقع لخام برنت 73 دولاراً في 2017 لرايموند جيمس، بينما كان أقل سعر متوقع من كوميرتس بنك عند 51 دولاراً للبرميل.
نمو الإنتاج الأمريكي
وقال راهول بريثياني، المدير لدى كريسيل للبحوث، إنه من المتوقع أن يعوض نمو الإنتاج الأمريكي جزءاً من التخفيضات التي تنفذها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجون آخرون.
وقال: «إذا واصل المنتجون الأمريكيون زيادة إنتاجهم بنفس الوتيرة فمن المتوقع أن تتأخر عودة سوق النفط للتوازن إلى ما بعد عام 2017».
ومن المتوقع أن يزيد إنتاج النفط الصخري الأمريكي بواقع 109 آلاف برميل يومياً إلى 4.96 مليون برميل يومياً في أبريل/نيسان، ليسجل أكبر زيادة على أساس شهري منذ أكتوبر/تشرين الأول وفقاً لتقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الصادر هذا الشهر.(رويترز)
عدم امتثال خارج «أوبك»
يقول محللون إن أول اتفاق تبرمه أوبك بخصوص خفض الإمدادات منذ 2008، يمكن أن يواجه تحديات من ضعف مستوى امتثال المشاركين من خارج المنظمة، حتى في الوقت الذي تلتزم فيه دول أوبك بالاتفاق بوجه عام.
وقال جيورجوس بيليريس، المحلل لدى تومسون رويترز أويل ريسيرش آند فوركاستس: «ضعف الالتزام من خارج المنظمة قد يهدد ما تبقى من الاتفاق، في الوقت الذي تتحمل فيه السعودية معظم العبء، بينما لم تنفذ روسيا التي تعد منافساً مباشراً لها في حالات عدة، الخفض المتعهد به».
وأظهر مسح لرويترز الأربعاء، أن إنتاج أوبك من النفط سينخفض على الأرجح للشهر الثالث على التوالي في مارس/آذار، في الوقت الذي حققت فيه الإمارات تقدماً في تقليص الإمدادات.
تعهدات بخفض الإنتاج
عرقلت أعمال الصيانة واضطرابات الإنتاج في نيجيريا، وليبيا، المستثنيتين من اتفاق خفض الإنتاج. وتعهدت أوبك التي تجتمع في 25 مايو/أيار، بفيينا العام الماضي بخفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يومياً في النصف الأول من 2017. وتعهد منتجون من خارج المنظمة بخفض الإنتاج بنحو نصف ذلك المقدار. وهبط خام برنت نحو خمسة في المئة منذ بداية الشهر، ليسجل أكبر انخفاض منذ يوليو/تموز. وأدى ارتفاع المخزونات الأمريكية لمستوى قياسي إلى خفض المضاربين لحيازاتهم من العقود الآجلة والخيارات الخاصة بالنفط الخام الأمريكي، إلى أدنى مستوى منذ ديسمبر/كانون الأول.
وقالت كايلين بيرش، المحللة لدى وحدة ايكونوميست انتلجنس: «التسييل المبدئي في المراكز الصافية طويلة الأجل يثير المخاوف. إنه يعكس ضعف ثقة السوق في أسعار النفط، في ظل تنامي الاستثمار وإنتاج النفط الصخري الأمريكي». وأضافت بيرش، أن معظم الدول المنتجة للنفط سترى خطراً رئيسياً يتمثل في البيع بوتيرة أسرع، مما سيعزز مبررات تمديد اتفاق أوبك. وتوقع استطلاع رويترز أن يبلغ متوسط سعر العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في المتوسط 55.29 دولار للبرميل في 2017، بانخفاض طفيف عن التوقعات الصادرة الشهر الماضي، والتي بلغت 55.66 دولار للبرميل.