تعمل جهات مختصة في السعودية على مشروع طموح يرمي إلى ترسيخ مفهوم سياحة الصحة والاستشفاء والاستفادة القصوى من المقومات التي تمتلكها البلاد في مجال السياحة “الاستشفائية”.
وتعكف جهات رسمية على حصر المواقع المتوافرة في البلاد وستعلنها قريباً بعد اكتمال البيانات والمعلومات المتوافرة، بالتنسيق مع وزارة النقل من أجل توفير الطرق المناسبة واللوحات الإرشادية التي تسهل عملية الوصول إليها.
المعروف أن بعض هذه الأماكن تفتقد الخصوصية والترتيب والتهيئة المناسبة لقضاء فترة استرخاء وعلاج في الوقت نفسه، وفقاً لصحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية.
وقال الدكتور حمد السماعيل، نائب الرئيس المساعد لخدمات الاستثمار في الهيئة العامة للسياحة والآثار، أن العمل يجري حاليا على بعض الأفكار التطويرية لهذه المواقع، ويتم التركيز عليها في الوقت الحالي بوصفها مواقع للتهيئة وليست مشاريع استثمارية، وذلك لضمان تدفق السياح إلى هذه المناطق، ومن ثم الالتفات إلى الناحية الاستثمارية بعد التأكد من التدفق السياحي عليها، وعندما يتحقق المطلوب فإن الهيئة ستسعى إلى زيادة نوعية الاستثمار في هذا المجال الحيوي، وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة من إمارات المناطق ورؤساء البلديات في كل منطقة تتوفر فيها هذه الإمكانيات، وهناك حصر لبعض المواقع، بالإضافة إلى جاهزية الشريك للتعاون مع الهيئة.
ووجه خبير تركي في سياحة الاستشفاء، اللوم للسعوديين، كونهم لم يستثمروا ما تحويه بلادهم من مواقع غنية بالمياه الحارة، والمعدنية، والرماد البركاني في السياحة الاستشفائية، رغم أهمية هذا النوع من الاستثمار وجدواه الاقتصادية العالية.
أنماط سياحية مهمة
وأوضح الدكتور زكي كارغول، خبير سياحة الاستشفاء ورئيس جمعية “منتجات الاستشفاء التركية”، أن سياحة الصحة والاستشفاء، أحد الأنماط السياحية المهمة التي تحقق عوائد مالية عالية خاصة مع توافر الكثير من المقومات الطبيعية والإمكانات الطبية العالية في المملكة التي تساعد على نجاح هذا النمط من السياحة.
وأشار إلى أن الاستثمار في مجال سياحة الاستشفاء مأمون الجانب، مع وجود نسبة مرتفعة من مستخدمي الخدمات الاستشفائية، مدللا على ذلك بأنه خبير في هذا المجال منذ أكثر من 30 عاما، مؤكدا أنه خلال هذه الفترة لم يجد أي شركة أو جهة تعمل بسياحة الاستشفاء خسرت أو أغلقت مشروعها، كما أنها يمكن أن توفر مئات الفرص الوظيفية لأبناء الوطن للتخصص في مجالات مثل إدارة وتشغيل وتسويق المنشآت الاستشفائية في هذه البلاد.
وأوضح أن هذا النوع من السياحة تندرج تحته عدة تقسيمات أخرى وأهمها العناية الوقائية، مبينا أن العلاج الطبيعي أصبح أكثر تأثيرا على الناس ودفعهم إلى وضعه ضمن أولوياتهم للسفر والسياحة، مبينا أن نجاح وتميز بعض الدول عالميا في سياحة الاستشفاء خاصة تركيا يعود لعدة أسباب؛ منها إدراج العلاج الاستشفائي ضمن تغطية شركات التأمين، وربطها بالمستشفيات المتخصصة، وإقامة ملتقى ومعرض سنوي متخصص في مجال السياحة العلاجية، وإعطاء شهادات علمية لتلك المنتجات، ومنح دورات تعليمية وتأهيلية للعاملين في هذا المجال.
تحفيز الاستثمار
وأشاد الدكتور زكي كارغول، بالدور الذي تقوم به الجهات المعنية في السعودية للعمل مع القطاع الخاص والجهات الحكومية الأخرى لتنمية سياحة الاستشفاء وتحفيز الاستثمار في إنشاء عدد من مراكزه، لا سيما أن السعودية لديها الكثير من المقومات الطبيعية المناسبة جدا لسياحة الاستشفاء؛ مثل المياه الحارة، والمياه التي تحتوي على معادن صحية، ورمال ومياه البحر الأحمر، والرماد البركاني، وقد كان الأجداد في القدم يستخدمونها علاجا لبعض الأمراض، موضحا أن الأمر يحتاج إلى تهيئة تلك المواد من خلال معالجتها، وتوفير منشآت ذات جودة عالية، مع أهمية وجود كفاءات قادرة على الإدارة، وأيضا مواصفات قياسية للعمل في تلك المنشآت.
وبين الدكتور كارغول، أن السعودية تحتاج إلى تطوير المنتجعات والفنادق والمنشآت التي تقدم تلك الخدمات، معتبرا أن كثيرا من مناطق السعودية غنية بالمياه الحارة، والمعدنية المتوفرة بكثرة، لكن استغلالها ضعيف جدا، مقارنا ذلك بـ10 ملايين تركي يزورن سنويا منشآت الاستشفاء، حيث تعد تركيا من الدول المتقدمة في مجال سياحة الاستشفاء، وكذلك السياحة العلاجية أو الصحية.
وتعمل عدة جهات رسمية بالتعاون مع الهيئة السعودية للمساحة الجيولوجية على استكشاف مواقع البرك الدافئة والمياه المعدنية التي تستخدم للأغراض الاستشفائية والعلاجية، فيما تعمل الأولى مع وزارة النقل على تحديد لوحات إرشادية تسهل الوصول إلى تلك المواقع.