حذر خبراء اقتصاديون من الآثار السلبية لارتفاع حجم المديونية في الاردن من حيث تاثيراتها السلبيه على الاقتصاد الكلي وعجز الموازنة وتباطؤ معدلات النمو وعدم قدرة الحكومة على تنفيذ الأولويات التنموية بما يسهم في تخفيض الفقر والبطالة وتحسين مستويات المعيشة.
وقال الخبراء في تصريحات خاصة لوكالة الأناضول ان ارتفاع حجم المديونية الى نحو 27 مليار دولار مع نهاية العام الماضي يضع الاقتصاد الأردني أمام تحديات كبيرة خاصة وأن معدلات الدين تخطت الحدود المسموح بها في قانون ادارة الدين العام بحيث لا تتجاوز 60% من الناتج المحلي الاجمالي.
وتوقع الخبراء ان تواصل مديونية الاردن ارتفاعها خلال العام الحالي لتبلغ 90% كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي وخاصة مع توجه الحكومة لمزيد من الاقتراض الخارجي واصدار سندات دولية بكفالة الولايات المتحدة بقيمة مليار دولار، وهو ما أعلن عنه خلال لقاء العاهل الأردني عبدالله الثاني بالرئيس الامريكي باراك اوباما الجمعة قبل الماضية.
ومنذ أكثر من خمس سنوات اتجهت الحكومة الأردنية للاقتراض الخارجي وتخفيض الاستدانة من البنوك المحلية لعدم التأثير على السيولة المحلية وتركها لغايات اقراض القطاع الخاص والافراد. وتفضل البنوك الأردنية إقراض الحكومة على غيرها لعدم وجود درجة مخاطرة أو تعثر القرض والسداد في المواعيد المحددة.
وأعلنت الحكومة الأردنية يوم الثلاثاء الماضي أن صافي الدين العام سجل ارتفاعاً عن مستواه في نهايـة عام 2012 بمقـدار3.54 مليار دولار أو ما نسـبته 15.2% ليصل إلى حوالي 26.92 مليار دولار أو ما نسبته 79.6% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2013.
وجاء هذا الارتفاع محصلة لارتفاع الدين الخارجي بحوالي 3.2 مليار دولار وارتفاع صافي الدين الداخلي بحوالي 301.7 مليون دولار فقط مقارنة بنهاية عام 2012.
وبحسب وزارة المالية الأردنية فقد تم تقدير فوائد الدين العام في قانون الموازنة العامة لعام 2013 بمبلغ 1.12 مليار دولار إلا انه ونتيجة لاستراتيجية وزارة المالية لإدارة الدين العام وبالتعاون الوثيق مع البنك المركزي تم تنويع مصادر التمويل مثل إصدار سندات محلية بالدولار وإصدار سندات يوروبوندز في الأسواق العالمية واللجوء إلى الاقتراض الميسر من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وتم خفض إجمالي الفوائد المدفوعة إلى حوالي 1.03 مليار دولار لعام 2013 أي أن فوائد الدين العام قد انخفضت بمبلغ 88.83 مليون دولار.
وقال النائب في البرلمان الاردني عضو اللجنة الاقتصادية النيابية يوسف القرنة ان خدمة الدين العام المقدرة لهذا العام ستبلغ 1.55 مليار دولار وهي عبارة عن قيمة الفوائد المترتبة على اجمالي المديونية في حين تبقى ارقام الدين الاصلية ثابتة كما ان مقدار العجز المالي سيتحول الى دين لان الحكومة ستقترض هذا المبلغ لتنفيذ برنامجها المالي للعام الحالي.
وأوضح أن المشكلة الاساسية تكمن في خدمة الدين حيث أن المبالغ المترتبة على الاقتراض في ارتفاع وبالتالي لابد وأن تكون هناك اجراءات محددة لتخفيض مقدار الدين من خلال ضبط النفقات والبحث عن مصادر مالية لسداد ما يمكن من اجمالي المديونية.
واستبعد ان يكون بمقدور الحكومة تسوية ديونها أو أجزاء منها من خلال الدول الدائنة بعد انتهاء أخر مراحل الجدولة مع نادي باريس قبل عدة سنوات .
لكن النائب القرنة يبدو متفائلا بعض الشيء من احتمال بلوغ الاردن درجة الاستطاعة المالية والبدء بتسديد ديونة الخارجية والداخلية بعد اربع سنوات بعد تنفيذ عدد من مشاريع الطاقة في البلاد وخاصة من مشاريع الطاقة المتجددة واستخراج النفط من الصخر الزيتي.
وقال إن هناك 24 مستثمرا في قطاع الطاقة المتجددة والتي تشمل طاقة الرياح والطاقة الشمسية و10 مستثمرين وقعوا اتفاقيات مع الحكومة وشرعوا في تنفيذ مشاريعهم و14 منهم بصدد توقيع الاتفاقيات، مشيرا الى مشاريع استغلال الصخر الزيتي من خلال الاتفاقيات الموقعة بين الحكومة وشركات دولية من السعودية وروسيا والبرازيل .
وقال الخبير الاقتصادي الأردني ثابت الور إن ارتفاع المديونية بالأصل أمر ليس بالخطير ولا يبعث على القلق اذا كانت الدولة لديها معدلات معقولة وجيدة من النمو الاقتصادي ولكن الامر يدخل في دائرة الخطر اذا كان الوضع غير ذلك.
وأضاف أن دولا كثيرة تجاوزت ارقام مديونيتها الناتج المحلي الاجمالي ولكنها وضعها الاقتصادي جيد لان لديها خطط تحفيز اقتصادي مؤكدا اهمية قيام الحكومة الاردنية بالتركيز على هذا الجانب حتى تخفض اعباء المديونية بشقيها الداخلي والخارجي وبدون ذلك لا تستطيع مواجهة حجم الدين.
وطالب الحكومة بالعمل على استبدال الديون بديون اخرى من خلال الاقتراض من صناديق سيادية بكلف اقل بدليل ان كفالة الحكومة الامريكية لقروض الاردن وكان آخرها مليار دولار يوفر على الخزينة 300 مليون دولار سنويا من اعباء خدمة الدين اضافة الى ضرورة تنشيط الاقتصاد من خلال التوظيف الامثل للمنح والقروض الخارجية بخاصة المنحة الخليجية البالغة قيمتها 5 مليارات دولار بهدف تحفيز الاقتصاد.
وقال المحلل واستاذ الاقتصاد منير حمارنة إن مشكلة المديونية تتفاقم ويرجح ان تشكل 90% من الناتج المحلي الاجمالي وسترتفع تبعا لذلك خدمة الدين إلى اكثر من 1.5 مليار دولار.
وأشار الى ان هناك العديد من المؤشرات المالية الجيدة كاحتياطيات البلاد من العملات الاجنبية التي تجاوزت 12 مليار دولار مع نهاية العام لكنها لا تلغي الأثر الكبيرة للمديونية على الاقتصاد الوطني. وبلغ العجز المالي بنهاية عام 2013 حوالي 1.84 مليار دولار ومساويا لتوقعات قانون الموازنة العامة لعام 2013.
ويقدر حجم الموازنة للعام 2014 بحوالي (11.4 مليار دولار) وقدّر حجم الإيرادات بنحو (9.85 مليارات دولار) بعجز يبلغ (1.5 مليار دولار تقريبا) بعد احتساب المنح الخارجية المتوقعة التي قدّرها خطاب الموازنة بنحو (1.6 مليار دولار).