تباينت آراء مختصين حول مدى استفادة الاقتصاد السعودي من تمويل المصارف المحلية للمستثمر الأجنبي، فمنهم من رأى أنه من حق المستثمر الأجنبي الذي وظف استثماراته بالسعودية أن يحصل على تمويل من المصارف، طالما أنه ملتزم بالقوانين، وعلى النقيض من ذلك اعتبر آخرون أن تمويل المصارف المحلية لمستثمر أجنبي مباراة من طرف واحد والفائز بنتيجتها الشركات الأجنبية، التي وصفوها بأنها تأخذ أكثر مما تعطي.
وكانت هيئة السوق المالية بالسعودية قد أعلنت في العام الماضي أنه يحق للمستثمر الأجنبي الحصول على تمويل من المصارف المحلية لاستثماراتهم، وذلك وفقا لضوابط “مؤسسة النقد العربي السعودي”، وهي الجهة المشرفة على قطاع التمويل والقروض، التي تتكون من 12 مصرفا سعودياً، والتي ستكون بموجب – إعلان هيئة السوق المالية – متاحة أمام الاستثمار الأجنبي لطلب التمويل.
وأوضح الباحث الاقتصادي محمد الزهراني، أنه لا يوجد أضرار تمنع مصرفاً سعودياً من تمويل مستثمر أجنبي في السعودية، ما دام هذا المستثمر سيقدم كل ما يلزم من ضمانات، ودراسات الجدوى المطلوبة، مشيرا في حديثه لـ العربية.نت إلى أن هذا يندرج ضمن التوجه الحكومي لجذب الاستثمارات الأجنبية، لاسيما أن المصارف اتجهت أخيرا نحو تطوير وتحسين برامجها التمويلية وإمكاناتها المالية، بما يحقق طموحات التحول الاقتصادي ومنها جلب الاستثمارات الأجنبية.
وأكد الزهراني أن من حق المستثمر الأجنبي الذي وظف جزءاً كبيراً من استثماراته بالسعودية، أن يحصل على تمويل طالما أنه ملتزم بالشروط دون مزاحمة أحد في السوق، لاسيما أن المصارف المحلية لديها ودائع ادخارية ضخمة قابلة للتوظيف والاستثمار وتكفي الجميع، وقد ترهقها هذه الودائع إن لم تقم بتشغيله في مشاريع محلية منتجة تعزز من بيئة الاستثمار، وبالتالي الجميع مستفيد سواء المصارف أو المستثمرين الأجانب، بحسب وصف الزهراني.
من جهته، قلل المحلل الاقتصادي عادل صالح، من مدى الفوائد العائدة للاقتصاد السعودي من تمويل المصارف المحلية للمستثمر الأجنبي، مشيرا إلى أن هذا لن يساهم في دخول أموال جديدة إلى السوق المحلية، بل على العكس، سيجعل هذه الشركات تجني الأرباح دون دفع شيء من أموالها، مشيرا في حديثه لـ “العربية.نت” إلى أن مساهمة هذا التمويل في بناء رأس المال البشري، من تدريب وتأهيل للكوادر المحلية ستكون محدودة جداً، وبالتالي يجب أن لا يكون أولوية للبنوك السعودية.
وتمحورت ملاحظات عادل صالح، حول ضرورة أن يقوم الأجنبي بجلب أمواله معه كي يبني المشروعات، ويزيد من فرص العمل المتاحة، مبيناً أن الاستثمار الأجنبي بقدر ما ينجح في توسيع قاعدة الاستثمار وزيادة الإيرادات للدولة عبر الضرائب، بقدر ما ينجح بطرق متنوعة في تسريب العوائد الاستثمارية وترحيلها خارج البلاد، وبالتالي يجب أن لا يكون التمويل على حساب الشركات الوطنية التي لن تتمكن من المنافسة طالما أنها لا تمتلك كفاءة الشركات الأجنبية.
تجدر الإشارة إلى أن قرار السماح للمستثمرين الأجانب بالحصول على التمويل من المصارف السعودية، لم يشمل مؤسسات الائتمان المتخصصة والتي أنشئت بهدف تقديم قروض طويلة الأجل إلى القطاعات الحيوية، مثل صندوق التنمية الصناعية وصندوق الاستثمارات العامة، وصندوق التنمية العقارية، وغيرها ممن تقدم قروضاً متوسطة وطويلة الأجل للمشروعات المختلفة، سواء للمؤسسات العامة أو الخاصة أو الأفراد.
وكشفت إحصائية رسمية صادرة عن لجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالمصارف السعودية، أن حجم التمويل المقدم من المصارف السعودية للقطاع الخاص في العام 2015 بلغ 1.3 تريليون ريال، وأن 60% من هذا المبلغ توجه لقطاعات مختلفة تحاكي احتياجات التنمية في قطاعات الاقتصاد السعودي، والتحول إلى الاقتصاد المعرفي، لدعم المواطنين السعوديين في احتياجاتهم الشخصية والاستهلاكية بما ينعكس على رفاهية المواطن.