أجمع مسؤولون وخبراء في القطاع المالي والاقتصادي على أن تأجيل ضريبة القيمة المضافة سينعكس ايجاباً على سوقي الأسهم والعقار في الكويت مع تفضيل المستثمرين الاستثمار بالسوق المحلي بدلاً من الدخول في أسواق دول مجاورة وبالتالي التوجه بأموالهم إلى سوقي الأسهم والعقار. ولفتوا في لقاءات متفرقة لـ النهار إلى أن غياب خبرة التحصيل لدى إدارة الضريبة في وزارة المالية وتوعية الأفراد بضريبة القيمة المضافة وكيفية وآلية تحصيلها والقطاعات التي سينطبق عليها التطبيق يقف حجر عثرة في التطبيق ويجعل موعد 2018 صعباً لتطبيق الضريبة. وأوضحوا أن ارتفاعات النفط الكويتي لمستويات تقترب من 65 دولاراً للبرميل واحتمالية ارتفاعه في الفترة المقبلة لمستويات 70 دولاراً قد يدفع الحكومة إلى تأجيل التطبيق لأجل غير مسمى مع ارتفاع الايرادات النفطية وخفض مستويات العجز في الميزانية. واستدركوا بأن وقف الهدر المالي للحكومة المرتبط بالفساد من بين الأمور المطلوبة لتكون الحكومة قدوة أمام المواطنين واقناعهم بتطبيق الضريبة.
وأشاروا إلى أن الحكومة أمامها بدائل لتوفير النفقات بعد تأجيل الضريبة منها وقف التعيينات بالحكومة إلا للوظائف الضروروية والعمل على دمج الجهات الحكومية المتشابهة والغاء غير الضروري منها وكذلك وقف تأجير المباني الفاخرة لعشرات الموظفين الذين لا جدوى منهم ولا يمثلون قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
وفيما يلي التفاصيل: في البداية، أشار رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الكويتي علي الموسى إلى أن تطبيق ضريبتي القيمة المضافة أو الضريبة الانتقائية في 2018 في حكم المستحيل ومحكوم عليه بالفشل وذلك لغياب خبرة التحصيل الضريبي لدى الكويت.
وبيّن الموسى في رده على تساؤل النهار عن تأثير تأجيل تطبيق الضريبة في الكويت لعام 2019 بالقول أن غياب خبرة التحصيل الضريبي من بين العوامل المؤثرة والمساعدة في التطبيق لكنها غائبة عن الكويت.
واستدرك بالقول إلى أن تطبيق الضريبة سيكون له تأثير بلا شك على كافة القطاعات والأفراد في الكويت ولا يوجد شىء عديم التأثير ، مستدركاً أن التطبيق مع غياب الاستعدادات اللازمة له قد يؤدي إلى عدم العدالة وغيابها عند التطبيق لبعض الشركات والأفراد وكذلك في بعض الأنشطة. وأضاف الموسى لا توجد مشكلة في القانون ولكن الاشكالية تكمن في آلية وكيفية التحصيل. وقال إن تطبيق السعودية للضريبة يأتي لخبراتها المتراكمة في تطبيق الضريبة والتي منها تحصيل الزكاة والتي كان لها دور مهم في مساعدتهم على تطبيق الضريبة.
وأضاف تطبيق ضريبة القيمة المضافة يحتاج بجانب خبرة التحصيل لدى أجهزة الدولة توعية الأفراد والشركات بأهمية ضريبة القيمة المضافة والتعرف على آلية التحصيل وبالتالي ايمان الأفراد وأصحاب الأعمال بها وتهيئتهم لتطبيقها.
قطاع التجزئة
ومن جانبه، أوضح رئيس مجلس إدارة بنك الخليج السابق والخبير الاقتصادي علي رشيد البدر أن فرض الضرائب الاستهلاكية في الكويت تعني ارتفاع أسعار السلع والخدمات في اقتصاد مثل الكويت تعتمد الغالبيه الساحقه من المواطنين فيه علي مرتبات ومخصصات ودعومات كل شهر تأتيهم مباشرة من ميزانية الدولة.
ولفت أن الرفض الحتمي لتلك الضرائب سيكون الرفض الحتمي لها وبالتالي من المتوقع أن يقف غالبية مجلس الأمة ضدها إن لم يكن كلهم، لافتاً إلى أن الضريبة لن تؤثر على المواطنين في حالة إذا تم فرضها على السلع الفاخرة مثل السيارات والمجوهرات الفاخرة.
وعن تأثر الكويت بتطبيق الضريبة في السعودية والامارات ، أشار إلى أن تطبيق الضريبة في كلا الدولتين قد يؤثر ايجاباً على الاقتصاد الكويتي عندما يركز المواطنين على التسوق في الكويت بدلاً من خارجها وهو ما سينعش قطاع التجزئة في الكويت. وفي تناوله للبدائل المتاحة لسد العجز في الميزانية بعد تأجيل فرض الضريبة، أوضح البدر أن من بين تلك البدائل ترشيد المصروفات العامة الهائلة أولاً كي يقتنع الرأي العام بأهميتها مثل التوقف عن إقامة الهيئات الحكومية والتي لا حاجة أصلاً لها والغاء ودمج القائم منها ، مع الامتناع عن انشاء الأبراج الحكومية الفاخرة والمكلفة بناء وتشغيلاً والمخصصة لايواء عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين والكثير منهم لا حاجة للدولة لهم والتوقف عن التوظيف ما عدا من كانت الدولة بحاجة ماسة فعلاً لخدمتهم. وأشار البدر إلى ضرورة منح الباقي بدل بطالة محدود و مقنن لدفعهم إلى العمل الخاص سواء في القطاع الخاص وحثهم كي يعملوا في حرف أو تجارة لحسابهم الخاص والدفع بمشاريع التخصيص العامه لتخفيف العبء و المسئوليه الادارية و المالية التي صارت ميزانية الدولة و جهازها الاداري تأن تحت ثقلها و تزايدها وبما يحقق فعلا في تنميه حقيقيه للاقتصاد و ينوع مصادره وعندها فقط . وقال بعد كل ذلك ووقتها يمكن فرض الضرائب عندما يصبح لدينا اقتصاد حي ومتنامي تستطيع موارده تحمل تكاليف الضريبة.
محاربة الفساد
وتطرق نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت عبد الوهاب الوزان لأهمية وقف الهدر المرتبط بالفساد في الدولة وأن تكون الحكومة قدوة للمواطنين لاقناعهم بالتطبيق وذلك قبل فرض الضريبة.
وفي تعليقه على تأثير تطبيق فرض الضريبة في السعودية والامارات على الوضع الاقتصادي في الكويت ، قال الوزان هناك حاجة ملحة لتغيير ثقافة الأفراد والشركات في الاستهلاك ، فالكويت لم تعد كما كانت دولة فائض بل تحولت إلى عجز وهو الأمر الذي قد يعزز الاتجاه نحو تغيير ثقافة الاستهلاك لدى الأفراد والشركات والسعي لبناء منظومة تتفق وتراجعات ايرادات النفط وغياب تنويع مصادر الدخل.
عجز الميزانية
ومن جانبه ، قال مدير عام شركة الأجيال القادمة عيد ناصر الشهري إلى أن ارتفاع اسعار النفط في الفترة الاخيرة قد يقلل العجز في الميزانية ويلغي حاجة الدولة لفرض ضرائب.
واستدرك بالقول ان عدم تطبيق ضريبة القيمة المضافة قد يخلق تفاوت في أسعار السلع الخليجية وهو ما قد ينشط السوق السوداء ويعرض الاقتصاد المحلي لفقدان مصدر جديد للدخل والدخل المفقود سيكون من نصيب تجارة التهريب. ولذلك من المهم تطبيق الضريبة لتنظيم الأعمال التجارية في الكويت. ورجح خبراء اقتصاديون أن ترفع ضريبة القيمة المضافة المزمع تطبيقها مطلع يناير من العام 2018، الدخل في الميزانية بنسبة 1.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بما قيمته أكثر من 500 مليون دينار سنوياً ما يقارب 1.6 مليار دولار.
60 بالمئة
وكانت ارنست آند يونج قد أشارت في السابق عن جهوزية وزارة المالية بنسبة تتراوح من 50 إلى 60 في المئة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة، لافتاً أن هناك ما بين 30 إلى 40 موظفاً في الوزارة يتم تأهيلهم وإعدادهم لتطبيقها قائلاً ان الاستعداد لتطبيق الضريبة خلال عام من الموافقة على القانون. وأوضح أن الوزارة في حاجة إلى فريق من الموظفين بحدود تتراوح ما بين 200 إلى 300 موظف لتطبيق القانون على الشركات التي تحقق 30 ألف دينار مبيعات سنوية. وقال إن عدد الشركات الخاضعة لتطبيق القانون ستكون ما بين 10 إلى 15 ألف شركة تقريباً . وتشير الدراسات أنه على الرغم من أهمية تطبيق الضريبة في تحصيل الايرادات ، إلا أنها ستؤدي إلى رفع مستويات التضخم بحدود تتراوح بين 5 إلى 6 بالمئة على أن يتم اعفاء السلع الغذائية والأساسية والتعليم والصحة وجمعيات النفع العام من تطبيق الضريبة.