أقرت الجمعية العامة لبنك الكويت الوطني والتي عقدت أخيرا في الكويت توزيعات نقدية بنسبة 40 % من القيمة الإسمية للسهم (40 فلسا عن كل سهم) وأسهم منحة بنسبة 10 %، ليبلغ إجمالي الأرباح التي وزعها البنك على مساهميه منذ تأسيسه في العام 1952 وحتى نهاية العام الماضي نحو 21 مليار دولار، وهي من أعلى توزيعات على مستوى المنطقة خاصة في ظل الظروف الحالية.
وإذا كانت شريحة واسعة من المؤسسات المالية والمصرفية قد درجت على توزيع أرباح لمساهميها، فإن هذا الواقع يبدو مختلفاً بالنسبة لبنك الكويت الوطني لعدة اعتبارات.
ففي الوقت الذي كانت فيه شريحة واسعة من المؤسسات المصرفية والمالية سواء على مستوى الكويت أو المنطقة تطمح الى الحد من خسائرها أو على الأقل تسجيل تراجعات ضمن الحدود المقبولة على أساس النتائج السنوية، فقد أتى بنك الكويت الوطني ليفرض معادلة صعبة في وقت صعب متفرداً بها عن سائر المؤسسات المالية والمصرفية، فبدا وكأن النمو المطرد في توزيعاته جاء ليخالف منحى التطورات والظروف التي فرضها الاقتصاد العالمي.
من هنا يمكن القول إن القراءة المتأنية في هذه الإحصائية، تتجاوز في أهميتها لغة الأرقام نفسها، وتستدعي التوقف عند النقاط التالية:
إن المعيار الأهم الذي تمثله هذه المؤشرات تمكن في أنها تتجاوز في أبعادها الطابع التقني كمجرد أرباح توزيعات وعوائد، إلى ما هو أعمق لتعكس خصوصية الارتباط بين سهم “الوطني” والمساهمين والتي تتجاوز كونها مجرد علاقة بين مستثمر ومؤسسة يستثمر فيها.
إرث اجتماعي متوارث
إن خصوصية هذه العلاقة ربما تتجلى فيما يمثله السهم كأداة استثمار، شكل على مدى السنوات الماضية إرث اجتماعي حقيقي تناقلت ملكيته أجيال مختلفة ضمن العائلة الواحدة، وقد أضفى هذا الواقع إلى حد كبير شيء من الاستقرار على تركيب ملكية حاملي الأسهم، تجلت في أوضح صورها في استقرار تركيبة مجلس الإدارة منذ الرعيل الأول والمؤسسين.
-تكتسب هذه الإحصائية أهمية متزايدة، إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار الواقع سوق الكويت والوحدات المصرفية العاملة في ضوء احتدام حدة المنافسة من ناحية، والتداعيات التي تركتها الأزمة على القطاعات الاقتصادية كافة، في وقت أظهرت فيه عدة أسواق إقليمية تفاعلاً أسرع نحو الخروج من تداعيات الأزمة واستفادت فيها المصارف من عدة مبادرات حكومية حاسمة.
-أما على مستوى التوزيعات النقدية وحدها، فيعد “الوطني” من أفضل المؤسسات توزيعاً للأرباح في المنطقة منذ تأسيسه، ومع إضافة توزيعات الأرباح النقدية عن العام الماضي البالغة أكثر من 550 مليون دولار، تكون إجمالي التوزيعات النقدية وحدها التي وزعها البنك منذ تأسيسه حتى اليوم نحو 7 مليارات دولار أميركي.
-بالإضافة إلى التوزيعات المجزية التي تعد من الأعلى في سوق الكويت للأوراق المالية، فقد تجاوز سهم بنك الكويت الوطني دوره التقني، ليشكل بوصلة حقيقية لأهل السوق على مدى السنوات الماضية، كما أنه ما غالباً ما يشكل الرافعة عندما تفتقر البورصة إلى الحوافز التقنية.
أرباح محتفظ بها تجاوزت 2,6 مليار دولار
إن هذه التوزيعات كانت تسير جنباً إلى جنب مع استمرار النهج المتحفظ للبنك، والذي يعد سمة من السمات التي رافقت مختلف مراحل تطوره، إذ إن الارتفاع المضطرد في التوزيعات ترافق مع استمرار النمو في الأرباح المحتفظ بها والتي بلغت عن العام الماضي نحو 370 مليون دينار، على هذا الأساس فقد بلغ إجمالي المبلغ المحتفظ به نحو 2,6 مليار دولار ما يشكل نسبة 31.5 في المائة من إجمالي حقوق المساهمين. ومن المؤكد أن السياسة المتحفظة التي ينتهجها البنك هي سر نجاحه، وذلك الى جانب التركيز على النشاط التشغيلي وتنويع مصادر الدخل ومجالات الأعمال وقاعدته الواسعة والأساسية من العملاء
المصدر : https://wp.me/p70vFa-Wg