بنك الطعام المصري: من فكرة إلى مشروع قومي يطعم الملايين

admin
منوعات
admin18 أغسطس 2014آخر تحديث : منذ 10 سنوات
بنك الطعام المصري: من فكرة إلى مشروع قومي يطعم الملايين

 خلال الثماني سنوات الماضية استطاعت فكرة بسيطة هدفها القضاء على الجوع في مصر أن تتحوّل إلى مشروع كبير يطعم ملايين المحتاجين، ويخلق فرص عمل، ويساعد في التقليل من هدر الطعام، إضافة إلى الاستثمار في مشاريع ناجحة هدفها دعم الفكرة الأساسية الذي نشأ عليها.
بنك الطعام المصري كان قبل سنوات قليلة عبارة عن فكرة طبقها وأدارها مجموعة من رجال الأعمال هدفها “مصر خالية من الجوع في 2020”.
اليوم؛ استطاع هذا البنك أن يحقق أرقاما كبيرة جدا في مساعدة الفقراء والمحتاجين داخل مصر.
فقد ساعد على سبيل المثال العام الماضي حوالي 3.5 مليون أسرة ضمن برنامج الإطعام الشهري والموسمي، كما ساهم في تأهيل حوالي 150 ألف معيل أسرة شهريا، وتوفير17 مليون وجبة شهريا مغلفة وجاهزة ضمن برنامج عدم هدر الطعام الذي تطبقه الفنادق، فضلا عن برامج توفير وجبات مدرسية وغيرها من البرامج التي يطبقها البنك من خلال 5 محاور.
واستطاع البنك اليوم أن يفتتح فروعا له في 10 دول؛ منها الأردن فيما يجري افتتاح فروع في 16 دولة أخرى.
الرئيس التنفيذي والعضو المؤسس لشبكة بنوك الطعام الإقليمية، الدكتور معز الشهدي، يقول إنّ الفكرة بدأت من خلال مجموعة من رجال الأعمال في مصر العام 2006، قرروا عمل مؤسسة تخدم المجتمع وتدار بنفس أسلوب ادارة الشركات المحترف.
ويضيف الشهدي، في حوار مع “الغد”، أنّ الهدف الأساسي كان في البداية هو القضاء على الجوع وليس توفير الطعام للجياع فقط، ووجد رجال الأعمال أن أفضل حل هو التخصص في حل مشكلة بعينها للقضاء عليها وهي مشكلة “الجوع”. 
وبعد الدراسة قرروا أن ينشئوا كيانا خيريا هدفه القضاء على الجوع في مصر باسم “بنك الطعام المصري”، ليتحول إلى مشروع وطني يخدم كل محافظات مصر.
ويعمل البنك على 5 محاور، بحسب الشهدي، الأول من خلال توفير الطعام بشكل دوري للفئات المستحقة غير القادرة على العمل، وهم ذوو الإعاقة والعاجزون وكبار السن، ومعيل الأسرة المصاب بمرض مزمن والأيتام.
أما المحور الثاني فهو تعليم وتأهيل لحرف ومهن ومشاريع صغيرة، ثمّ العمل على تنظيم عشوائية العمل الخيري، إضافة إلى محور التوعية في عدم إهدار الطعام، وأخيرا العمل على استثمارات لهذه المؤسسة بحيث تدر دخلا يضمن استمراريتها.
ويشرح الشهدي الطريقة التي قام بها البنك في مصر بالعمل للوصول إلى أكبر عدد ممكن في المحتاجين أو “الجياع”؛ حيث بدأ بالعمل على تحديد الجمعيات الخيرية التي من الممكن العمل معها وتتوفر فيها شروط حددها البنك ليتم التعامل معها، مشيرا إلى أنّ البنك يتعامل حاليا مع حوالي 6500 جمعية من أصل 470 ألف جمعية بأنشطة مختلفة وموزعة على جميع المحافظات.
ويشير إلى أنّه ومن ضمن الشروط التي يجب أن تتوفر في الجمعية المعتمدة أن يكون القائمون عليها بعيدين عن أي توجه ديني أو سياسي، وأن يكون لديهم مقر ومسجلون في وزارة التضامن، وأن يكون للجمعية نشاط ملموس في المنطقة المتواجدة فيها، ومركز مالي يوضح التبرعات والمصاريف، وأن يكون لديها قاعدة بيانات للمواطنين الذين يتلقون منها مساعدات أو إعانات.
ثم يقوم البنك بعمل تدريب وتأهيل للقائمين على الجمعية وإعطائهم دورات تدريبية ومحاضرات في تنمية الموارد والتسويق والتخطيط الاستراتيجي والإدارة المالية وتكنولوجيا المعلومات، وتعليمهم على كيفية عمل قاعدة بيانات للمستفيدين وتدريبهم على دراسة الحالات المستحقة.
ويضيف الشهدي أنه وبعد أن قام البنك بتحديد الجمعيات وقام بتجهيز قوائم للمستحقين من خلال تجميع القوائم من كل جمعية، تمّ تصنيف المستحقين، فهناك غير القادر على العمل، والذين يجب توفير الطعام لهم وهناك فئة قادرة على العمل، ويتم التعامل مع كل فئة بالبرنامج المناسب لها.
ويشير الشهدي إلى أنّ الفئة الثانية القادرة على العمل يتم إخضاعها لبرنامج تأهيل وتدريب تؤهلها للدخول في سوق العمل، مشيرا إلى أنه يتم تأهيل هذه الفئة بحسب حاجة سوق العمل من المهن والوظائف.
ويذكر الشهدي بعض هذه البرامج ومنها “برنامج عهد الخير” والذي يقوم من خلاله أحد الأفراد بكفالة أسرة لتوفير طعام شهري لهم، ويتم اقتطاع مبلغ من راتبه بشكل شهري لشراء طعام لأسرة يكفلها، مشيرا إلى أنّ هذا البرنامج ضمن 250 ألف أسرة شهريا، ويبلغ متوسط كل أسرة بين 7 إلى 10 أفراد.
وهناك “برنامج الجمعية” وهو برنامج قائم على فكرة الجمعية لكن من يأخذ المبلغ هم الفئات المستحقة ومن يدفع في الجمعية هم القادرون، كما أنّ هناك “برنامج قرية خالية من الجوع” حيث تقوم شركة بتوفير الطعام للفئة المستهدفة في قرية معينة يتم تحديدها من خلال دراسات البنك والجمعيات الخيرية، ومن ثمّ تتكفل فيها شركة من القطاع الخاص.
وهناك “برنامج التغذية المدرسية” بحيث يتم تأسيس مطبخ داخل مدرسة في منطقة معينة، ويتم اختيار طاهيات أمهات لطلبة من ذات المدرسة بعد عمل مسابقة يتم فيها اختيار الطاهيات، ويتم تعيينهم في المدرسة، ومن ثم يتم توفير وجية لكل طفل في المدرسة بشكل يومي، وفي ذات الوقت يتم شراء جزء من مدخلات الإنتاج “الطبخ” من ذات القرية بحيث يتم خلق فرص دخل لآخرين من ذات القرية، فضلا عن الطباخات اللائي يتقاضين رواتب شهرية.
وبحسب الشهدي، فإنّ مطبخا واحدا يخدم بين 4 آلاف إلى 4500 طفل، خصوصا أنّ المدارس في المناطق النائية بمصر يكون دوامها على 3 فترات، وكل فترة تستوعب حوالي ألف إلى 1500 طفل.
المحور الثاني الذي يعمل عليها البنك هو التأهيل بحيث يتم إخضاع الفئة المستهدفة “القادرة على العمل” لبرامج تدريبية من خلال مراكز تدريب معتمدة من قبل بنك الطعام، وذلك بعد أن يكون البنك قد حدد حاجة السوق” من الوظاف والمهن ومتطلبات كل مهنة، ليتم فيما بعد تشغيل معيلي الأسر في هذه الوظائف.
ويذكر الشهدي أنّ هذا البرنامج يساهم في تأهيل حوالي 150 ألف معيل أسرة شهريا.
المحور الثالث هو محور عدم إهدار الطعام، ويركز الشهدي على هذا المحور، مبينا أن مؤسسة الغذاء العالمية أشارت في دراساتها إلى أنّ 43 % من مادة الحبوب تمّ إهدارها العام 2011، فيما تمّ إهدار 59 % من الأكل البحري، و64 % من الفاكهة والخضار، و25 % من اللحوم، و21 % من الألبان.
ويشير الشهدي إلى أنّ “الفاو” كانت دعت البنك لعرض برامجه في مؤتمر العام 2011، ومنه قامت بالتوصية بعمل دراسات لتقدير حجم الإهدار في الغذاء سنويا.
يذكر أن نسبة هدر الطعام في العالم تصل إلى حوالي 42 %، في الوقت الذي تقدر فيه نسبة الجوعى إلى عدد سكان العالم حوالي 12 %، مشيرا إلى أنّ توفير ثلث الطعام المهدور كفيل بأن يقضي على الجوع في العالم كله.
ويقول عن تجربة البنك في هذا المحور إنه تم توفير المخازن والثلاجات اللازمة، كما تم توفير النقل لهذه الأغذية، ومن ثم تم التعاقد مع الفنادق في مصر بحيث يتم إعادة تصنيف وتغليف الطعام وتوزيعه على وجبات ومن ثمّ تخزينه وحفظه، وذلك ضمن طريق معينة تمّ اعتمادها لضمان جودة الطعام الذي يقدم.
وأشار إلى أنّ 90 % من الفنادق في مصر التزمت مع البنك، وباتت توفر وجبات متكاملة وصحية، مشيرا إلى أنه يتم توفير 17 مليون وجبة شهريا مغلفة وجاهزة.
ويشير الشهدي إلى محور التنظيم العشوائي والذي يركز على تنظيم عمل الجمعيات الخيرية، والذي كان بشكل أساسي من خلال توفير قاعدة بينات ضخمة تجمع معلومات عن المحتاجين في المناطق المختلفة، ومن ثمّ يتم توجيه المساعدات للمستحقين.
ويذكر أن البنك استطاع خلال رمضان 2013 أن يصل من خلال برنامج واحد إلى 1.5 مليون أسرة، وخلال العام الحالي زاد هذا العدد بقليل.
ويضيف “في عيد الأضحى كنا استفدنا من فكرة “صك الأضحية” التي تطبق في السعودية، حيث استطاع البنك خلال 2013 توزيع الأضاحي على حوالي 1.8 مليون أسرة”.
كما قام البنك بتوفير معلبات خضار بلحم الأضاحي ليتم توزيعها شهريا على الأسر، حيث تمّ تصنيع 20 مليون علبة خلال العام الماضي، وذلك بالتعاون مع مصنع متخصص في مصر.
وعن محور الاستثمار يذكر الشهدي أنّ البنك قام بالاستثمار في عدة مجالات تدعم الفكرة التي أنشئ لأجلها البنك، ومنها أنّ البنك دخل شريكا في 3 “مزارع تسمين” تدر ربحا خلال العام، مع الإشارة إلى أنّ البنك يطرح كل عام الأضاحي بأقل سعر في السوق.
كما قام البنك بتأسيس مصنع للتعبئة والتغليف لعمل أطباق الوجبات التي يتم وضع وتوزيع وجبات الفنادق فيها.
ويتم حاليا تأسيس مصنع “صلصة البندورة”، كما تم تأسيس “مركز اتصال” العاملين فيه من المكفوفين.
ويشير الشهدي إلى أنّ ميزانية البنك وصلت العام الماضي إلى حوالي 4.5 مليار جنيه (ما يعادل 700 مليون دولار).
ويقول إن البنك قام بافتتاح فروع له في كل من السعودية والأردن ولبنان وسورية والعراق وفلسطين وتونس وشمال السودان وباكستان وبانغلادش، وجارٍ افتتاح فروع في 16 دولة أخرى.
تجربة الأردن
في تموز (يوليو) 2012 تم افتتاح فرع البنك في الأردن وهو يطبق نفس المحاور التي نشأ عليها بنك مصر، وهو مسجل في وزارة التنمية الاجتماعية.
ويشير الشهدي إلى أنّ تجربة البنك في الأردن ما تزال حديثة، وهي بحاجة إلى دعم من رجال الأعمال والشركات والمصانع لإنجاحه في المملكة.
يذكر أن البنك في الأردن يطبق حاليا عدة برامج من ضمنها “برنامج الإطعام الشهري” الذي يشمل 6 مناطق، كما يطبق حاليا محور التنمية والتدريب من خلال “برنامج الزراعة” بتشغيل معيلي أسر مستهدفين في مزارع.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.