استبعد اقتصاديون تأثير القرار الأخير لمجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي بزيادة سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، على مصر، مؤكدين أن نسبة الارتفاع تعد “طفيفة” وتأثيرها سيكون محدودًا على العوامل التي قد تؤدي لآثار سلبية من رفع الفائدة.
ولكنهم توقعوا حدوث تأثيرات سلبية على مصر في حال قيام المركزي الأمريكي بتحريك آخر خلال 2017، خصوصًا أن هناك تلميحات بزيادات في أسعار الفائدة الأمريكية بوتيرة أسرع خلال العام المقبل.
وزاد البنك المركزي الأمريكي سعر فائدة الأموال الاتحادية القياسي 25 نقطة أساس إلى نطاق بين 0.50 و0.75 بالمئة.
ويعد رفع الفائدة الأمريكية بشكل عام، سلبيًا للدول النامية مثل مصر، حيث يؤدي رفع الفائدة إلى ارتفاع سعر الدولار الأمريكي أمام العملات الأخرى، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة تكلفة الواردات الخارجية وارتفاع الأسعار محليًا، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة خدمة الديون الخارجية والاقتراض، كما سيزيد من صعوبة جذب الاستثمارات الأجنبية والذي يعد تحدي كبيرتواجه مصر حاليًا، وزيادة عجز الموازنة بفعل ارتفاع تكلفة الورادات أمام صادرات منخفضة.
ليس كبيرًا:
من ناحيته، يرى مصطفى نمرة – اقتصادي وخبير سوق مال، أن نسبة ارتفاع الفائدة الأمريكية الأخير ليس كبيرًا، حتى يمكن توقعات بتحركات سعرية بشأن ارتفاع تكلفة الواردات المصرية من الخارج، وكذلك تأثير الرفع على الاستثمارات أو القروض الخارجية.
وذكر مصطفى بدرة – خلال اتصال هاتفي مع مصراوي – إن الارتفاع الأخير في الفائدة الأمريكية تأثيره سيكون محدودًا “وهادئ” على مصر، معتبرًا أن “التأثير حدث بالفعل عند ارتفاع سعر الدولار بشكل ملحوظ ومفاجئ في البنوك المصرية في نفس يوم تحريك الفائدة الأمريكية، وهو رد فعل صريح في نفس يوم اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي الأمريكي، ولا أعتقد أن التأثير سيكون أبعد من ذلك”.
وأضاف: “النسبة المئوية لارتفاع الفائدة الأمريكية بسيطة وتسببها في ارتفاع الدولار طفيفة حتى الآن.. لا يوجد تحرك كبير من أجل توقع حدوث تحركات سعرية في تكلفة أسعار السلع التي تستوردها مصر من الخارج”.
وتابع: “كما أن صعود الدولار عالميًا ليس كبيرًا حتى الآن لدرجة تسببه في رفع سعر الواردات بدرجة أكثر مما هي عليه”.
وارتفع مؤشر الدولار عالميًا 1.2 في المئة يوم الخميس الماضي ليسجل أكبر مكسب يومي بالنسبة المئوية في نحو 6 أشهر بعد يوم من رفع البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة للمرة الأولي في عام، -وفقًا لما نقلته رويترز-.
ولكنه تراجع بنهاية تعاملات أمس الجمعة مقابل سلة من ست عملات رئيسية في أحدث تعاملات 102.900 ليظل قريبًا من أعلى مستوى في 14 عاما.
وشهدت أسعار الدولار في مصر ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات مساء يوم الأربعاء الماضي أمام الجنيه في البنوك، ليقترب من مستويات الـ19 جنيهًا، وسجل متوسط سعر الدولار خلال تعاملات مساء اليوم السبت ما بين 18.15 و18.35 جنيها للشراء، وما بين 18.40 و18.75 جنيهًا للبيع للأفراد.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن حركة الدولار في مصر مرتبطة بشكل أكبر بالجنيه،، قائلًا “ما يحدث في مصر هو ضعف الجينه بشكل سريع جدًا، ولذلك الذي يؤثر حاليًا هو ضعف الجنيه وليس قوة الدولار، فالدولار عالميًا يتذبذب في نطاقات معينة ولا نجده ارتفع مثلًا 10 بالمئة”.
واستطرد “المشكلة الحقيقية هي أن الجنيه ضعيف جدًا لأنه بيعبر عن أزمة اقتصادية طاحنة، فسعر الدولار الحالي أمام الجنيه ليس حقيقي وإنما هو يعبر عن رؤية المجتمع والمتعاملين بالجينه بفعل الأزمة فهي طاحنة بكل المقاييس”.
وتوقع “نمرة” حدوث تأثير لرفع الفائدة في حال قيام البنك المركزي الأمريكي بتحريك آخر للفائدة الأمريكية صعودًا، أو اتخاذ الولايات المتحدة سياسات تدعم بها الدولار، منوهًا أن هناك توقعات برفع جديد في 2017 للفائدة أكثر من مرة، “وهنا من الممكن أن يرفع من سعر الدولار بشكل أكبر وبالتالي ارتفاع تكلفة أسعار المواد الغذائية”.
تحويلات المصريين
كما اتفق أحمد آدم – خبير مصرفي، على نفس الرأي، معتبرًا أن الرفع الأخير في الفائدة الأمريكية محدود.
وذكر أحمد آدم – خال اتصال هاتفي مع مصراوي – “الارتفاع الحالي طفيف ولذلك لن يكون هناك أي تأثير على مصر.. ولكن في حال حدوث أي ارتفاع جديد وهو ما ألمح له المركزي الأمريكي في 2017 ستتأثر مصر عندها”.
وأشار أن ارتفاع الفائدة الأمريكية في 2017 بشكل أكبر من معدلاتها الحالية، سيؤثر بشكل كبير على تحويلات المصريين في الخارج خصوصًا القادمة من دول الخليج، كما سيكون له تأثير سلبي على جذب استثمارت أجنبية من الخارج خصوصًا من دول الخليج، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الاستيراد.
وبعد قرار المركزي الأمريكي برفع الفائدة اتجهت دول الخليج إلى رفع أسعار الفائدة لديها، فقد أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس (الريبو العكسي) بمقدار 25 نقطة أساس إلى 0.75 بالمئة بينما أبقت سعر فائدة إعادة الشراء (الريبو) بلا تغيير.
كما قام مصرف الكويت المركزي برفع سعر الخصم بمقدار 25 نقطة أساس إلى 2.50 بالمئة، وقامت كذلك البحرين بزيادة سعر فائدة الودائع لمدة أسبوع إلى 1.0 بالمئة في حين ارتفع سعر فائدة الودائع لليلة واحدة إلى 0.75 بالمئة وسعر فائدة الودائع لمدة شهر إلى 1.50 بالمئة، ورفع المصرف سعر فائدة الإقراض بمقدار 20 نقطة أساس أيضا ليصل إلى 2.75 بالمئة.
واستعرض أحمد آدم تأثيرات ارتفاع الفائدة الأمريكية على مصر.. ومنها:
-تحويلات المصريين العاملين بالخارج ستنخفض بعد رفع أسعار الفائدة الأمريكية والذي تبعه ارتفاع الفائدة في دول الخليج – التي يعمل بها الأغلبية من المصريين بالخارج – لأن ارتفاع سعر الفائدة بدول الخليج سيغري العاملين المصريين بهذه الدول على العودة للإيداع بالبنوك الخليجية في ضوء الارتفاع المتوقع للفائدة هناك، وكذا صعوبة تحويل العملات غير المصرية من داخل مصر لخارجها.
– خروج رؤوس أموال من أسواق السندات والأسهم بالأسواق الناشئة بسبب قرار رفع الفائدة الأمريكية سيعمل على انخفاض حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة وبشكل يؤثر سلباً على ميزان المدفوعات المصري.
وفي آخر تقرير لتحويلات المصريين في الخارج، أظهر تقرير للإحصاء، أن قيمة التحويلات بلغت 4.4 مليار دولار خلال الربع الرابع من العام المالي (2015-2016) مقابل 5 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي (2014-2015)، بنسبة انخفاض قدرها 12 بالمئة.