مجلة مال واعمال

برنامج إصلاحات لإعادة الثقة في بورصة الدار البيضاء

-

قرر “مجلس القيم المنقولة” في المغرب، لأول مرة في تاريخه، عرض ملف تلاعب في أسعار الأسهم على القضاء. 

وأكد نزار بركة وزير المالية المغربي، في لقاء صحافي في الدار البيضاء أمس، أن المجلس قرر في اجتماعه الأخير وضع الملف أمام القضاء، دون أن يكشف عن الأشخاص والشركات المتورطة في هذا الملف.

وأوضح بركة، الذي كان يتحدث على هامش ندوة حول سبل إنعاش البورصة المغربية، أن هذا الإجراء يندرج في سياق سعي الحكومة لتسريع الإصلاحات المرتبطة بالسوق المالية، ومن ضمنها ترقية مجلس القيم المنقولة إلى مستوى هيئة حقيقية ومستقلة لمراقبة وتنظيم أسواق الرساميل وتعزيز شفافية الأسواق، وتشديد الإجراءات الزجرية ضد المتلاعبين والمخالفين للقانون.

وأجمع المشاركون في الندوة التي ضمت ممثلين عن شركات التأمين وشركات الوساطة في البورصة وشركات إدارة الأصول، بالإضافة إلى مجلس القيم المنقولة ووزارة المالية، على أن الأزمة التي تعاني منها بورصة الدار البيضاء أزمة ثقة، وطالبوا الحكومة باتخاذ إجراءات من أجل استرجاع الثقة في السوق.

وعلق وزير المالية المغربي على هذا التشخيص لأزمة البورصة قائلا: “سبب ضعف الثقة الذي تعاني منه السوق هو أن قيمة العديد من الأسهم تراجعت بقوة، وذلك بعد أن شهدت في فترة سابقة ارتفاعات غير معقولة”. وأضاف أن الحكومة قررت تسريع الإصلاحات المتعلقة بأسواق المال، مشيرا إلى أنه سيطرح الثلاثاء المقبل ثمانية مشاريع قوانين على البرلمان، والتي جرى الاتفاق مع لجنة المالية في الغرفة الأولى على تشكيل لجنة فنية لتسريع اعتمادها.

وأوضح بركة أن أحد هذه القوانين يتعلق بمراجعة القانون الأساسي لبورصة الدار البيضاء، الذي سيفتح رأسمال الشركة المسيرة للبورصة أمام مؤسسات أخرى بعد أن كان محصورا في شركات الوساطة في البورصة. كما أشار المسؤول المغربي إلى أن الحكومة ستنتهي من إعداد القوانين الجديدة المنظمة للمصارف والتأمينات والسندات خلال الأسابيع المقبلة، التي سيكون من أبرز مستجداتها إدخال البنود المتعلقة بالمصارف والتأمينات الإسلامية، وإصدار الصكوك الإسلامية.

وأكد بركة أن الحكومة تدرس إدراج شركات حكومية كبيرة في البورصة المغربية بهدف تحريك وإنعاش السوق التي تجتاز مرحلة ركود للسنة الثانية على التوالي، وقال بركة إن الحكومة تريد انتهاج مقاربة شاملة ومنسجمة لإصلاح القطاع المالي، وليس الاكتفاء باتخاذ تدابير معزولة، مشيرا إلى أن تنظيم الندوة يندرج في سعي الحكومة لإشراك كل المتخلين في بلورة هذه الإصلاحات.

ودعا محمد بن صلاح، رئيس اتحاد شركات التأمين، إلى الإسراع في إدراج شركات حكومية وشركات خاصة في البورصة، مشيرا إلى أن سوق الأسهم المغربية تعاني نقصا في الرواج وضعفا في العمق بسبب قلة الشركات، وقال، “لا يمكننا في الوضع الحالي إنجاز دراسات قطاعية انطلاقا من البورصة؛ إذ إن جل القطاعات لا تمثلها سوى شركة واحدة أو شركتين في البورصة”.

من جهته، دعا يوسف ابن كيران، رئيس اتحاد شركات الوساطة في البورصة، إلى تصحيح نظرة المهنيين والمتعاملين إلى سوق الأسهم ودورها في الاقتصاد الوطني. وقال، “هدف سوق الأسهم هو توجيه الادخار لتمويل الشركات وليست المضاربة”.

وقال إن أزمة الثقة ناتجة عن تقييم مبالغ فيه لأسعار إدراج الشركات في البورصة خلال فترة كانت معروفة بوفرة السيولة المالية. وأضاف أن “السياق قد تغير الآن، وعلى الشركات والمصارف الاستشارية أن تعطي تقييمات واقعية وأمينة للأسهم المراد إدراجها”.