أكدت دراسة أكاديمية أن اهتمام مؤسسات التعليم الغربية ببرامج التمويل الإسلامي لا يعبر عن تبني الشريعة الإسلامية أو النظام الاقتصادي الإسلامي وإنما نابع من كون ذلك البرنامج يمثل سوقا جديدا للمؤسسات التعليمية.
وبين الباحثان الدكتور عبدالرزاق بلعباس والدكتور أحمد بلوافي في بحث لهما بعنوان “برامج التمويل الإسلامي في مؤسسات التعليم العالي: الواقع والآفاق”، إن الحاجة ماسة لبرامج تعليمية وتأصيلية في تزويد القطاع التعليمي بالكادر المناسب، وربما يكون مناسبا إنشاء مؤسسة تعليمية جامعة أو غيرها تقوم بهذا الأمر على غرار الجامعة العالمية للتمويل الإسلامي التي أقامها البنك المركزي الماليزي.
ورصدت الورقة البحثية للباحثين 93 برنامج تمويل إسلامي طرحتها 62 مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي في 25 دولة عبر العالم وباللغات الثلاث (العربية والإنجليزية والفرنسية)، من أجل تحديد الملامح والاتجاهات العامة لهذه البرامج مع تحليل محتويات بعضها للوقوف على العوامل المؤثرة في تصميمها من حيث الهوية المعرفية والاستراتيجية التنافسية، ثم التعرف على أهم التحديات والصعوبات التي تواجه طرح هذا النوع من البرامج.
ودعا الباحثان إلى ضرورة التنسيق بين الجهود المختلفة التي تبذل في سبيل الحد من آثار الصعوبات التي تواجه مؤسسات التعليم العالي، للحفاظ على الجهد والوقت وحرصا على الجودة وتبادل الخبرات، مشيرين الى أن ذلك لا يعني إلغاء المبادرات الفردية التي قد تتطلب بعض الظروف الاستعجالية أهمية وجودها.
كما تناولت الورقة بعض المبادرات للتغلب على الصعاب عبر تجربة لجنة المناهج بمركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، علما بأن الباحثين يعملان في مركز الأبحاث في جامعة الملك عبد العزيز بجدة في المملكة العربية السعودية.
وجاء في مقدمة البحث أن التمويل الإسلامي حقق تطورا كميا ملحوظا في السنوات الأخيرة من حيث معدلات النمو، وحجم الأصول، والتوسع الجغرافي الذي سمح له بالانتقال من مؤسسة واحدة العام 1963 إلى أكثر من 400 مؤسسة في أزيد من 75 بلدا وبأصول مالية تجاوزت التريليون دولار، وهي مرشحة لتصل الى 2.5 تريليون بحلول العام 2015، وبالتوازي مع هذا التطور الكمي سجلت بعض الاختلالات النوعية التي من شأنها – إذا لم تتخذ الإجراءات المناسبة حيالها- ان تؤثر على مصداقية الصناعة ومسار تطورها ودينامكية انتشارها كما هو مشاهد في السنوات الأخيرة، وقد انعكس هذا الواقع المزدوج على مختلف الأنشطة المختلفة والمرتبطة بالصناعة وبالأخص النشاط التعليمي.
وقال الباحثان إن عملية طرح برامج بل حتى مواد في مجال التمويل الإسلامي تواجه تحديات متعددة يقف على رأسها الكتاب المنهجي المناسب وعضو هيئة التدريس القادر على إمداد الطلبة بالمهارات التعليمية والتطبيقية المناسبة، مشيرين إلى تجربة مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، باعتبارها “تجربة عريقة ومهمة إلا أنها تحتاج الى مؤشرات موضوعية لمعرفة مدى الاستفادة مما تطرحه من منتجات”.
وأشار الباحثان فيما يخص التوزيع الجغرافي للبرامج، على مستوى الدول تستحوذ بريطانيا على النصيب الأكبر، وفيما يخص القارات تستحوذ آسيا على النصيب الأكبر، تليها أوروبا، ثم أفريقيا.
وفيما يخص العالم الإسلامي وغيره لاحظ الباحثان أن النسبة الكبرى لهذه البرامج ما تزال في دول العالم الإسلامي، إلا أن هذه التوزيعات الجغرافية قد تشهد تغيرات تعكس الديناميكية التي تتمتع بها بعض الدول في مقابل الرتابة والبيروقراطية، بل ربما الموقف الايديولوجي في دول أخرى.