اسوأ ما يواجه القطاع الخاص – في أي بلد وأي اقتصاد – هو انقطاع خطوط الائتمان، بمعنى إحجام المصارف عن تقديم القروض للمصانع والشركات ورجال الأعمال – إن هذا التصرف يشبه قطع الدواء عن مريض يعاني من ارتفاع الحرارة والالتهاب والإجهاد.. وهو ما حدث في كثير من اقتصاديات العالم المتقدم والنامي خلال الأزمة المالية التي اندلعت عام ٢٠٠٨ ويعود الآن مجدداً مع تراكم الديون على الدول والشركات وتسابق شركات التصنيف لتخفيض قدرات الدول والشركات على السَّداد..
* إن نموذج العمل السائد في عالم اليوم لدى الشركات الكبرى والمصانع ورجال الأعمال هو تمويل أعمالهم بنسبة ٤٠٪ من رأس المال و٦٠٪ من القروض التجارية والسندات طويلة الأجل بهدف تسريع النمو ورفع الأرباح بمقدار الرافعة المالية (الديون) وهو نموذج يحسن إعادة النظر في جدواه وصحته، فقد أنهك العديد من الشركات على مستوى العالم ووصل بعضها إلى هاوية الإفلاس، وثقافتنا الإسلامية والعربية تكره الديون وتنهى عن اللجوء إليها إلاَّ للضرورة القصوى، ولكننا نجد العديد من الدول العربية والإسلامية – فضلاً عن الشركات ورجال الأعمال – غارقون في الديون حتى الأذقان، والدول الغربية ليست أحسن حالاً بالطبع ويعود السبب في الأصل للساسة أنفسهم فهم يريدون أن يفوزوا في الانتخابات عبر وعود بازدهار قصير الأمد يقوم على الديون ويهدم المستقبل.
* إن المصارف لا تلام حين تتحفظ بشدة وتمتنع عن ضخ المزيد من الأموال (على شكل ديون) في مصانع وشركات مدنية حتى النخاع، فالمصارف مؤتمنة على ودائع العملاء ومساءلة أمام حملة الأسهم وانهيار بعضها خطير يجر المصارف الأخرى كأحجار الدومينو..
* صناديق التنمية في المملكة جعلت خطوط الائتمان سالكة وآمنة حتى في أحرج أوقات الأزمة المالية العالمية فقد أقرضت صناديق (الاستثمارات العامة – والصناعي والزراعي والعقاري والتسليف) مئات المليارات في الأوقات الحرجة..
* ومع ذلك يحسن إعادة النظر في نموذج العمل القائم على التوسع بالديون فقد أثبت الزمن أن ضرر الديون أكبر من نفعها بكثير.
*نقلاً عن صحيفة “الرياض” السعودية.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-23r