بات العام الدراسي الجديد في اليمن مهدّداً بالتوقّف بعد دعوة «النقابة العامة للمهن التعليمية والتربوية» بصنعاء جميع التربويين في عموم محافظات البلد وعددهم 250 ألفاً، إلى الإضراب الشامل والمفتوح ابتداءً من أوّل يوم من العام الدراسي الجديد (2017- 2018) وعدم فتح المدارس إلا باستلام الرواتب. وشدّدت النقابة في بيان وصفته بـ «المهم» على أن رفع الإضراب مرهون باستلام الرواتب، معتبرةً أن «استلام الرواتب من دون انقطاع هو البيان الوحيد الذي يتم بموجبه رفع الإضراب وفتح المدارس».
وحرمت الميليشيات الانقلابية موظّفي الدولة ومنهم المعلّمون من رواتبهم منذ قرابة العام، فيما تموّل ما يسمّى «المجهود الحربي» من الإيرادات العامة للدولة وأرصدة الوزارات والمؤسّسات والصناديق الحكومية.
وتحدّثت النقابة عن «المعاناة والآلام التي يتجرّعها المعلّمون وأسرهم، والتي وصلت حدّاً لا يطاق، وأصبح شبح المجاعة الحقيقية يهدّدهم جرّاء توقّف صرف رواتبهم طوال فترة تجاوزت عشرة أشهر». وأشارت الى أنها لم تجد سوى «الوعود والمماطلة والتسويف» في مقابل مطالبتها «بوضع حلول ناجعة وحقيقية لمشكلة توقّف الرواتب».
وجاء في البيان: «أمام استمرار توقّف الرواتب وازدياد تفاقم معاناتكم وبعد إقفال كل الخيارات أمامنا بما فيها ضبط النفس الذي ظللنا نمارسه طوال هذه الفترة على أمل الاستجابة الحقيقية لمطالبكم المشروعة في صرف رواتبكم، تجد النقابة نفسها مضطرة إلى استخدام حقّها القانوني والدستوري في اتّخاذ ما تراه ملائماً للدفاع عن حقوق التربويين القانونية المشروعة».
ولفت إلى «تفاقم تردّي الأوضاع المعيشية والارتفاع الجنوني للأسعار على الموظّفين عموماً والتربويين خصوصاً، حتى وصل الأمر بالبعض إلى بيع أثاث منازلهم أو طردهم منها لعجزهم عن سداد الإيجارات التي تراكمت عليهم».
وتسبّبت الحرب في حرمان 80 في المئة من الطلاب والطالبات البالغ عددهم أكثر من ستة ملايين، من الحصول على الكتاب المدرسي على مدار عامين دراسيين كاملين، إذ تعذّرت طباعة الكمية المطلوبة من الكتب المدرسية لمختلف الصفوف والمراحل التعليمية.
وأفاد مصدر حكومي «الحياة» بأن «ما يقارب 250 ألف معلّم ومعلّمة لا يزالون في انتظار الرواتب المتوقّفة منذ ما يقارب 11 شهراً، وهو ما يهدّد العملية التعليمية بالتوقّف». وأضاف أن «المعلّمين يعيشون ظروفاً اقتصادية صعبة ما اضّطر الكثير منهم إلى ترك التدريس والذهاب للبحث عن فرص عمل أخرى تعينهم على إعالة أسرهم». وأشار الى أن الحرب تسبّبت في تضرّر الكثير من المنشآت التعليمية وتسرّب عدد كبير من الطلاب من المدارس، ما يعرّضهم لخطر الاستقطاب إلى جبهات القتال. ورأى أن سبب التسرّب «الظروف الاقتصادية الصعبة وعدم قدرة الآباء على توفير المستلزمات المدرسية لأبنائهم».
وحذّر مسؤول في وزارة التربية والتعليم من أن العملية التعليمية «مهدّدة بالتوقّف لهذا العام لأسباب عدّة»، شارحاً أن «الرواتب سبب أوّل لوقف العملية التعليمية، فيما تعدّ التعديلات التي أجراها الحوثيون على المناهج التعليمية سبباً آخر، نظراً إلى تخوّف الكثير من المواطنين من تشويش فكر أبنائهم، بسبب هذه التعديلات». وقال إن إحدى مديرات مدرسة حكومية في صنعاء اجتمعت مع المعلّمات في مدرستها، في محاولة لاتّخاذ موقف نهائي منهنّ تجاه التزامهن بالدوام وتدريس الطلاب، وهو ما رفضنه بسبب عدم توافر الرواتب.
وحدّدت وزارة التربية والتعليم (في حكومة الانقلاب) تاريخ 30 من الشهر الجاري موعداً لبدء العام الدراسي الجديد، إذ بدأت الإدارات المدرسية الحكومية والأهلية الانتظام في مدارسها اعتباراً من 16 منه، لتهيئة الظروف كافة لبدء العام الدراسي، وبدأت في اليوم نفسه عملية القيد والتسجيل والانتقال بالمدارس، على أن تنتظم هيئة التدريس بمدارسها في 23 من الشهر ذاته.
وأعلنت منظّمة «يونيسيف» في تقريرها الأخير بعنوان «السقوط في دائرة النسيان- أطفال اليمن» أن التعليم في اليمن تأثّر بشدّة نتيجة لأعمال العنف، ولم يعد من الممكن استخدام ما يصل إلى 1600 مدرسة بسبب تعرّضها للدمار الكلّي أو الجزئي أو استخدامها لاستضافة الأسر المشرّدة أو التي تشغلها الأطراف المتحاربة.
وأفاد التقرير بأن «حوالى 350 ألف طفل لا يستطيعون مواصلة تعلّمهم نتيجة لذلك، ليصل عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس إلى مليوني طفل».
المصدر : https://wp.me/p70vFa-lHG