الوقف.. مصدر تمويل آمن لمستقبل الأندية الرياضية

admin
مقالات
admin30 أبريل 2012آخر تحديث : منذ 13 سنة
الوقف.. مصدر تمويل آمن لمستقبل الأندية الرياضية

امين ساعاتي  - مجلة مال واعمالنستطيع القول إن أخطر المشاكل التي تهدد الأندية الرياضية بصفة خاصة، وتهدد الرياضة السعودية بصفة عامة.. هي الأزمات المالية التي لم ينج منها أي ناد من الأندية (154 ناديا).

ورغم أن مورد الوقف الإسلامي من الموارد المريحة للنفس المسلمة، إلاّ أن القائمين على الأندية الرياضية لم يخطر ببالهم التعامل مع هذا المورد الإسلامي المهم.

والواقع أن الإسلام حينما شرّع الوقف قدّم للبشرية واحداً من أهم المشاريع الاقتصادية والتمويلية في التاريخ الإنساني، ولذلك نتساءل لماذا لا يكون الوقف مورداً من موارد الأندية الرياضية التي باتت مشاريعها تتلعثم بسبب شح خزائنها ومواردها المالية.

وإذا أحصينا موارد الأندية الرياضية نجد أنها تتمثل في إيرادات المباريات، والرعاية التجارية، والإعلانات، والنقل الحصري للمباريات، ومساعدات رعاية الشباب، والاشتراكات، والتبرعات، وواضح من هذه المصادر أن الوقف لم يكن مصدراً من مصادر الدخل.

إن فكرة استخدام الوقف كمورد من موارد الأندية الرياضية فكرة عبقرية جديرة بالتطبيق، ونعرف جميعاً أن جامعاتنا العملاقة اهتمت أخيرا بالوقف كمورد من مواردها المالية الرئيسة، وأذكر أن جامعة الملك سعود بنت أبراجاً وقفاً لها وقريباً جداً سيكون عائد أوقاف الجامعة من أهم مصادر إيرادات الجامعة.

الوقف في الشريعة الإسلامية صدقة محرمة لا تباع ولا تشترى ولا توهب ولا تورث ويصرف ريعها على أي جهة من الجهات التي أوقفت عليه.

إن أهم صفة للوقف هي الديمومة، فالمال قابل للضياع والتفريط، ولكن الوقف الإسلامي جاء ليحفظ المال من الضياع بأسلوب راق لا يضارعه أي أسلوب في الحضارات الإنسانية الأخرى.

وتعريف الوقف عند علمائنا الأفاضل هو: ”حبس عين والتصدق بالمنفعة على وجه مخصوص”، وهذا التعريف يدخل الأندية الرياضية ضمن ما يستحق الوقف للمنفعة على وجه مخصوص.

ويتفق الإمام أحمد بن حنبل مع رأي الإمام مالك في أن يكون الوقف على بر، أو على أمر معروف غير مستنكر من الشرع، كالوقف على الأولاد ولو كانوا أغنياء، والوقف على الأندية التي يشكو شبابها العوز والحاجة.

وهكذا بادر الخيرون إلى وقف الأوقاف على مختلف الأغراض الخيرية والاقتصادية التي تعود على المجتمع بالخير والفلاح.

هبْ أن نادياً كنادي الوحدة أوقفت عليه مجموعة من أبراج مكة المكرمة، إذا حدث هذا الوقف، فإننا لن نجد الوحدة في صفوف أندية الدرجة الأولى، ولن يعصره العوز والحاجة إلى المال لأن إيرادات الأبراج المستمرة والدائمة كافية لكي يعود هذا النادي العريق إلى الألقاب والبطولات وتغطية كل برامج ومشاريع النادي، وقس على ذلك بقية الأندية الرياضية كالاتفاق والاتحاد والهلال والأهلي والنصر والرائد والتعاون والطائي والفيصلي والقادسية والفتح.

وإذا عدنا إلى موارد الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة في عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم، ثم في عهد الخلفاء الراشدين.. نلاحظ أن النفط لم يكتشف بعد وأن الدولة الإسلامية تغلبت على شح الموارد بمورد الوقف الإسلامي الذي كان المورد الرئيس للدولة الإسلامية في ذلك التاريخ.

ويبدو هذا واضحاً من دراسة الأوقاف الإسلامية الأولى التي امتزج فيها ما يسمى بـ”الوقف الأهلي والوقف الخيري”.

ويمكن أن نحدد القواعد التي يقوم عليها تشريع الوقف، ومنها فكرة الصدقة الجارية، وهي الفكرة التي تتضح في قول الرسول، صلى الله عليه وسلم: ”إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، وكذلك أوقاف الخلفاء الراشدين، ويعتبر وقف عمر بن الخطاب في السنة السابعة للهجرة أول وقف في عهد الصحابة، وروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي، صلى الله عليه وسلم، حينما قدم إلى المدينة لم يكن فيها ماء غير بئر رومة، فقال من يشتري بئر رومة؛ فيجعل دلوه فيها مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة، فاشتريتها من صلب مالي وجعلتها للمسلمين. وكذلك كانت لعلي بن أبي طالب، رضي الله عنه، صدقة بينبع.

وقد ترتب على ثراء كثير من الصحابة في عهد عمر وعثمان، رضي الله عنهما، أن أكثروا من الصدقات الموقوفة التي حبسوها على أبواب الخير ووجوه البر والإحسان.

إن حاجة الواقف ماسة إلى الوقف؛ لأنه محتاج إلى دوام وصول الثواب إليه، وخاصة بعد موته، والطريق الوحيد لاستمرار وصول الثواب هو الوقف، واستمرار صرف غلة الوقف إلى جهة البر، طبقاً لما جاء في حديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، عن زيد بن ثابت، رضي الله عنه: ”لم نر خيراً للميت ولا للحي من هذه الحبس الموقوفة، أمّا الميت فيجرى أجرها عليه وأمّا الحي فتحبس عليه ولا توهب ولا تورث ولا تستهلك”.

بمعنى أن الوقف هو حامي حمى الثروات من التبديد والتبذير، وهو أحد المصادر المهمة لتمويل مشاريع البناء والتنمية، بمعنى أن الوقف هو الدعامة الكبرى للنهوض بالمجتمع ورعاية أفراده ودعم مختلف الخدمات الرياضية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع الإسلامي.

*نقلاً عن صحيفة “الاقتصادية” السعودية

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.