تزايدت خلال الأيام الماضية التقارير الصحافية التي توجه أصابع الاتهام إلى “النوتيلا”، الشكولاتة السائلة، بأنها تؤدي إلى الإصابة بالسرطان، مما أزعج وأخاف الكثيرين الذين يعشقون هذا المزيج السحري.
“نوتيلا” معشوقة الكبار والصغار، هذا المزيج السحري ناعم الملمس، لذيذ الطعم، الذي يثير البهجة في النفوس بمجرد رؤيته أو حتى التفكير في مذاقه اللذيذ وهو يداعب أعصاب الذوق في أفواهنا.. هل يمكن أن نتخيله متهما في قفص الاتهام؟ وما هي التهمة؟ إنها تهمة قتل محبيه وعشاقه؟ هل هذا الاتهام حقيقي؟ وكيف نتأكد؟ وماذا نفعل؟ هل نمتنع عن تناول النوتيلا تماماً؟
* الحكاية من البداية
بدأت القصة ببحث تم إجراؤه بواسطة الهيئة الأوروبية لسلامة الغذاء للتأكد من سلامة بعض النواتج، التي تنبعث أثناء تحضير بعض الإضافات التي تضاف للأطعمة المختلفة، وهذه النواتج هي 3 – مونوكلوروبروبانديول (3MCPD)، و2 – مونوكلوروبروبانديول (2MCPD)، وجليسيدول وحمض الجليسيديل الدهني (Glycidol and glycidyl fatty acids)، ونشرت نتائج هذا البحث في شهر مايو/أيار 2016.
وتمت دراسة تأثيرات هذه المواد على الخلايا الحية في أنابيب الاختبار (In vitro)، وتم تجريبها أيضا على حيوانات التجارب (In vivo)، وبالطبع لم يتم تجريب هذه المواد على الإنسان.
ووجد الباحثون أن هذه المواد لها تأثيرات مختلفة على الصحة، ومعظم التأثيرات تتعلق بوظائف الكلى، وخلايا الدم الحمراء، مع ثأثيرات مؤقتة على خصوبة الذكور، وتضخم الثدي في الذكور، كما وجد أن المادتين الأولى والثانية تتسببان في حدوث أورام حميدة، ولم تثبت حدوث أية أورام سرطانية مع هاتين المادتين، وهذا على عكس الجليسيدول وحمض الجليسيديل الدهني، واللذين تبين أنهما يتسببان في حدوث تغيرات جينية قد تؤدي إلى تسرطن الخلايا.
وخلصت الدراسة إلى أنها لم تستطع تحديد حد أدنى آمن لهذه المواد، وجاءت توصيات الدراسة بمزيد من البحث.
ومن الجدير بالذكر أن هيئة سلامة الغذاء الأوروبية غير مختصة بإصدار تشريعات وقوانين بمنع المواد الضارة بالصحة.
* ولكن ما هي العلاقة بين هذه المواد وبين النوتيلا؟
وجد الباحثون أن هذه المواد تنبعث من الزيوت النباتية المختلفة عند تسخينها لدرجة حرارة 200 درجة مائوية أو أكثر، ورغم أن هذه المنتجات تنبعث من كل الزيوت النباتية عند تسخينها لهذه الدرجة العالية، إلا أن أكثر انبعاثات تصدر من زيت النخيل، وهو الزيت المستخدم في تصنيع النوتيلا.
وفور إعلان نتائج هذه الدراسة بدأت مبيعات شركة فيريرو المنتجة للنوتيلا في التراجع، مما دعا الشركة إلى القيام بحملة إعلامية ضخمة لطمأنة عشاق النوتيلا، للتأكيد على أن سلامة وصحة المستهلكين أولوية أولى عندها، وأنها لا تفكر في الاستغناء عن زيت النخيل لأنه هو الذي يعطي للنوتيلا ملمسها الناعم، والذي يجعلها تعيش طويلا، واستبداله بأي زيت آخر سيؤدي حتما إلى تراجع جودة المنتج، لكنها تلتزم باختيار أجود أنواع زيت النخيل الخام، وتلتزم بضوابط التصنيع التي تضمن أقل انبعاث للمواد الضارة.
وتجدر الإشارة إلى أن زيت النخيل من أرخص الزيوت النباتية، وأن استبداله بأي زيت آخر يمكن أن يكلف شركة فيريرو ملايين الدولارات، فهل رفض الشركة تغيير زيت النخيل بسبب الخوف فقط على جودة المنتج؟ أم أن للعوامل الاقتصادية دوراً في اتخاذ هذا القرار؟!
* هل النوتيلا تقف وحيدة في قفص الاتهام؟
الإجابة لا، فهناك قائمة طويلة من المنتجات شائعة التداول، والتي تتعرض فيها الزيوت لدرجات حرارة مرتفعة أثناء التحضير، أو التي تحتوي على زيت النخيل، مما يؤدي إلى انبعاث هذه المواد الضارة بالصحة، وبالطبع فإن التأثيرات الضارة تكون أكثر على الأطفال والرضع، ومن هذه المنتجات ما يلي:
– الشيبسي والبطاطس المقلية والمخبوزة.
– الزبدة الصناعي والمارجرين.
– المخبوزات والكيك والفطائر والكوكيز.
– بعض أنواع الشيكولاتة.
– ألبان الرضع الصناعية.
– اللحوم المقلية والروست.
– بعض أنواع الآيس كريم ومنها الأنواع الفخمة المحببة للكثيرين.
– الشيكولاتة السائلة.
– الخبز المغلف.
– الكورن فليكس.